وأكد ساروج كومار جاه، المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي، أن “غياب التوافق السياسي حول الأولويات الوطنية يعيق بشدة قدرة لبنان على تنفيذ سياسات إنمائية متبصرة طويلة الأجل”. موضحاً أنه “يتعين على الحكومة الجديدة أن تنفذ على وجه السرعة استراتيجية ذات مصداقية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي، مع اتخاذ تدابير قصيرة الأجل لاحتواء الأزمة، واتخاذ تدابير متوسطة إلى طويلة الأجل للتصدي للتحديات الهيكلية”.
ونظراً للصعوبات التي يمر بها لبنان وافتقاره إلى احتياطيات كافية من النقد الأجنبي، يعتبر التقرير أن المساعدات الدولية والاستثمار الخاص يشكلان ضرورة لتحقيق الانتعاش وإعادة الإعمار الشاملين. لكنه ينبه إلى أن تعبئة المعونات والاستثمارات ومداها وسرعتها، تتوقف على ما إذا كان بإمكان السلطات والبرلمان العمل سريعاً على إصلاحات المالية العامة وإدارة الحكم والإصلاحات المالية والاجتماعية التي تشتد الحاجة إليها. إذ إنه من دون تلك الإصلاحات، لا يمكن أن يتحقق تعاف مستدام ولا إعادة إعمار، وسيواصل الوضعان الاجتماعي والاقتصادي تدهورهما.
ومع التركيز على الشرط المسبق بالتزام صانعي السياسات اللبنانيين بإعادة بناء اقتصاد أكثر إنتاجية وإنصافاً ومرونة، يطرح التقرير خريطة طريق إصلاحية شاملة للمناقشة. وتهدف إلى معالجة الأسباب الجذرية للأزمة الاقتصادية. وتضع إصلاحات الحوكمة والمساءلة في مركز الصدارة، إلى جانب تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الكلي في إطار سعيها إلى إعادة بناء الثقة. وتتضمن الخطة خمس ركائز أساسية تتضمن: برنامجاً لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، وحزمة إصلاحات الحكم والمساءلة، ومجموعة إصلاحات تطوير البنية التحتية، إصلاح الفرص الاقتصادية وحزمة إصلاحات لتنمية رأس المال البشري.
وفي معرض التشخيص الذي تضمنه التقرير، ورد “أن الافتقار المقصود إلى إجراءات سياسية فعالة من جانب السلطات أدى إلى تعريض الاقتصاد لكساد شاق وطويل، عقب مرور عام على نشوب الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان، والذي يعاني استنزافاً خطيراً للموارد، بما في ذلك رأس المال البشري، حيث باتت هجرة العقول تمثل خياراً يائساً على نحو متزايد. ويتركز عبء التعديل الجاري في القطاع المالي بشكل خاص على صغار المودعين الذين يفتقرون إلى مصادر أخرى للادخار، والقوى العاملة المحلية التي تحصل على مستحقاتها بالليرة، والشركات الصغيرة”.