ساعات قبل انطلاق مؤتمر الدعم الدولي لمساعدة الشعب اللبناني، حفل المشهد الداخلي بسلسلة مواقف وحوادث وتطورات ذات دلالات لافتة.
الرئاسة الفرنسية تعمّدت بعث رسالتين الى لبنان وواشنطن، هزت العصا للأول بالاشارة الى احتمال الغاء زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون لبيروت، وأنبت مسؤوليه لعدم تنفيذ اي من طلبات باريس لتنفيذ خارطة جديدة في لبنان، ومررت للثانية رسالة مشفّرة مفادها ان العقوبات الاميركية دون جدوى وهي على الارجح تعرقل تشكيل الحكومة.
الحدث الثاني قضائي قفز الى الواجهة من خلال الادعاء على ثمانية ضباط رفيعي المستوى يتقدمهم قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، بموجب الحق العام وبناء لمضمون مجموعة من الإخبارات التي تقدم بها مجهولون امام القضاء وقانون الاثراء غير المشروع، تزامنا مع حدث امني مريب تمثل بالعثور على العقيد المتقاعد في الجمارك منير أبو رجيلي جثة في قرطبا وقد ضُرب بآلة حادّة على رأسه وهو ثاني ضابط متقاعد في الجمارك يقتل في ظروف غامضة بين مرحلتي ما قبل وما بعد انفجار المرفأ الذي ما زال الغموض يلفه بعد اربعة اشهر على الجريمة الكارثة بحق بيروت واهلها والوطن.
اما الحدث المالي، فبقي معلقا بين شباك البرلمان والحكومة ينتظر دراسة شاملة بالتعاون مع مصرف لبنان حول موضوع الدعم والاحتياط.
تصعيد فرنسي: قبيل مؤتمر الدعم الدولي الاغاثي لبيروت الذي دعت اليه فرنسا ويعقد مساء اليوم، والذي ستكون لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون كلمة خلاله، صعّد الاليزيه من جديد نبرته تجاه المنظومة الحاكمة.
فقد أكدت الرئاسة الفرنسية انها لا تستطيع تأكيد زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى لبنان هذا الشهر، لافتة إلى انه “لم ينفذ أي من طلباتنا لتنفيذ خارطة جديدة في لبنان”. وأشارت إلى ان “عدة دول عربية أكدت مشاركتها بمؤتمر الدعم اليوم .
ورأت ان ” تدهور الوضع المالي بلبنان يجعل التحقيق بالمصرف المركزي أكثر حتمية”. وأضافت “لا نعتقد أن العقوبات الأميركية ستؤدي إلى تشكيل حكومة في لبنان”.
حزب الله والحوار: في الاثناء، التخبّط المحلي سياسيا وماليا على حاله. فعلى صعيد تشكيل حكومة لا جديد، باستثناء مواقف تحث على التأليف.
فقد استعجل حزب الله الحكومة ورأى نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ان “العناوين التي تساعد على تأليف الحكومة وتخرجها إلى النور أصبحت معروفة، والمراهنة على الوقت للضغط وتعديل المواقف لن يجدي نفعا، وما سنصل إليه لولادة الحكومة في المستقبل هو نفسه الذي يمكن إنجازه اليوم، ولا يمكن الاعتماد على الموقف الاميركي للتسهيل أو لتحسين الشروط أو لعدم العرقلة، ولا فرق بين ما قبل بايدن أو ما بعده، فالمؤشرات تدل ان البلد يتجه إلى الهاوية إذا لم يتم التدارك بتأليف الحكومة في أسرع وقت، وكل يوم يمر هو خسارة للبنان.
والأفضل الحوار المباشر وتدوير الزوايا لاستعادة ثقة القوى السياسية ببعضها.
فإذا اتفق المعنيون على أي حكومة فسيتعامل العالم معها وكذلك أميركا”.
وأضاف: “أي خطوة إلى الأمام، وإن أحاطتها التهديدات، أفضل وأنجح من عدم تأليف الحكومة. فالتهديدات احتمال يسقط بتعاون اللبنانيين. أما الجوع والانهيار فهما متحققان ويزدادان مع الزمن.
قليل من الشجاعة والعمل لمصلحة الوطن ينجز الاستحقاق الحكومي”.
علوش: في المقابل، اشار نائب رئيس “تيار المستقبل” مصطفى علوش الى “ان الحكومة ليست قريبة، وكان هناك تفاؤل بعرض تشكيلة مكتملة من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري على رئيس الجمهورية ميشال عون، الا ان الخلافات لا تزال قائمة وحالت دون ذلك”، عازياً ذلك الى إعادة تعويم رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في الحكومة المقبلة بأي ثمن”. وقال في تصريح “الزيارة ستحصل عاجلا ام آجلا، الا ان الموعد لم يحدد بعد”، لافتاً الى “ان الرئيس الحريري ليس في وارد الدخول في بازار التسميات واي شبهة على اي اسم في الحكومة ستؤدي الى فشلها واحباط تعاونها مع الجهات الدولية”.
حكومة اختصاصيين: الى ذلك، رأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الاجتماع الشّهري للمطارنة الموارنة في بكركي.
وقال المطارنة في بيانهم الختامي “أطلعنا الراعي على فحوى لقائه البابا وما يقوم به من أجل لبنان ونشكره على قربه من لبنان لا سيما بعد إنفجار بيروت ونضم صوتنا الى صوت اللبنانيين جراء تمييع تشكيل حكومة جديدة من إختصاصيين مستقلين”.
واضافوا “نلاحظ بقلق إرتقاع نسب العاطلين عن العمل بين الشباب مما يفقد الأجيال الجديدة الأمل بالمستقبل والثقة بالمسؤولين ونسجّل بإرتياح عقد لقاء من أجل لبنان ونشكر ماكرون على رعايته ونأمل تنفيذ توصياته بسرعة وشفافية”.
ادعاء على “العسكر”: في الغضون، وفي تطور قضائي بارز، ادعت النيابة العامة التمييزية امام المدعي العام في بيروت القاضي زياد ابو حيدر الذي بدوره ادعى امام قاضي التحقيق الاول في بيروت بالانابة شربل ابو سمرا للمباشرة بالتحقيقات المطلوبة مع ثمانية ضباط هم كل من قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، مدير المخابرات الأسبق العميد ادمون فاضل، مدير فرع مخابرات بيروت الأسبق العميد جورج خميس ومدير مكتب قائد الجيش الاسبق محمد الحسيني، بالإضافة الى اربعة ضباط اخرين هم العميد عامر الحسن، اللواء عبد الرحمن الشحيتلي، المقدم احمد الجمل ومدير المخابرات السابق العميد كميل ضاهر.
وعلمت “المركزية” من مصادر قضائية موثوقة انه بموجب الحق العام وبناء لمضمون مجموعة من الإخبارات التي تقدم بها مجهولون امام القضاء، تم الادعاء على العماد قهوجي والضباط من معاونيه في قيادة الجيش والمخابرات بموجب قانون الإثراء غير المشروع (القانون رقم 40).
واوضحت المصادر لـ “المركزية” ان القاضي ابو سمرا الذي تسلم الملف بحكم موقعه ووفق اختصاصه الحصري اينما وقع الجرم في مثل هذه الحالات في دعاوى مماثلة، سيباشر عمله بدعوة المدعى عليهم فردا فردا وقد حدد جلسة الاربعاء المقبل للاستماع الى الضباط المدعى عليهم، بموجب الادعاء وما فيه من معلومات.
لا توصية: ماليا، وعشية اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان للبت في مصير الدعم للسلع الاساسية، انعقدت قبل الظهر في ساحة النجمة، جلسة اللجان النيابة المشتركة لدرس وضع الدعم والاحتياطي في حضور عدد من الوزراء المعنيين وممثلين عن المصرف المركزي وعن المصارف.وبحث المعنييون في ترشيد الدعم لتبقى السلع الأساسية متاحة للعائلات الأكثر فقراً.
ولم يصدر عن المجلس اي توصية بانتظار ان تقوم الحكومة بإعداد دراسة شاملة بالتعاون مع مصرف لبنان حول موضوع الدعم والاحتياط. وقالت معلومات ام تي في ان “جمعية المصارف حضرت في الجلسة بشخص رئيسها سليم صفير وهي في موقف الدفاع عن مصرف لبنان”، لافتة الى ان “النائب الثاني لحاكم مصرف لبنان سليم شاهين تلا كلمة مكتوبة ولم يقدّم أرقاماً ما اثار حفيظة النواب وبلبلة في الجلسة التي تضمّ عدداً من اللجان في مجلس النواب”.
وتابعت ان “ضجة أثيرت داخل جلسة اللجان المشتركة عندما أعلن ممثل حاكم مصرف لبنان أنّ آخر مرة تم تعداد الذهب فيها كان عام ٩٦”. وتحدثت “الجديد” عن جو متوتر ساد جلسة اللجان وسط تخبط القوى السياسية بين الحفاظ على الاحتياطي الالزامي في المصرف المركزي وخطورة رفع الدعم على المواطنين.
استقرار الجنوب: من جهة ثانية، وغداة ارجاء جولة التفاوض بين لبنان واسرائيل لترسيم الحدود البحرية، أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس الوفد الاميركي الوسيط في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية السفير جون ديروشير الذي زار ايضا قائد الجيش العماد جوزيف عون، أن “لبنان المتمسك بسيادته على أرضه ومياهه، يريد أن تنجح مفاوضات الترسيم البحرية، لأن ذلك يعزز الاستقرار في الجنوب وسيمكن من استثمار الموارد الطبيعية من غاز ونفط. وخلال اللقاء عرض السفير ديروشير المراحل التي قطعتها عملية التفاوض والدور الاميركي فيها، متمنيا استمرارها لما فيه مصلحة الجميع.
وقال الرئيس عون: “إن الصعوبات التي برزت في الجولة الاخيرة للتفاوض، يمكن تذليلها من خلال بحث معمق يرتكز على الحقوق الدولية ومواد قانون البحار وكل ما يتفرع عنها من نصوص قانونية”.
وأشار إلى أن “الوفد اللبناني المفاوض لديه تعليمات واضحة يفاوض على أساسها”، لافتا إلى “ضرورة استمرار هذه المفاوضات لتحقيق الغاية من اجرائها، وإذا تعثر ذلك لأي سبب كان، يمكن درس بدائل أخرى”.
الاعلى للدفاع: الى ذلك، دعا رئيس الجمهورية المجلس الاعلى للدفاع، الى اجتماع استثنائي بعد ظهر غد للبحث في الاوضاع الامنية في البلاد، وتطورات متابعة قرار التعبئة العامة.