وتدرك طهران انّ هدف واشنطن من وراء تسعير المواجهة معها قبل دخول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض يَكمُن إمّا في تغيير المعادلة وقلبها رأساً على عقب قبل حلول هذا الموعد، وإمّا من خلال فرض وقائع جديدة يستحيل على بايدن تَجاهلها، واضطراره إلى التعامل مع المعطيات التي فرضت نفسها، فيما كل العمليات الأمنية التي تحصل تُنبِئ بمزيد من التطورات على هذا المستوى، وتؤشّر إلى كونها عمليات غير معزولة ولا انتقامية، إنما تندرج ضمن سياق مخطط مبرمج يرمي إلى منع عودة مسار الوضع في المنطقة إلى ما كان عليه قبل إدارة ترامب.
وأكثر ما يُقلق طهران في هذه المرحلة انها تجهل الهدف الذي تعمل عليه واشنطن، واستطراداً تل أبيب: فهل ستدمِّر النووي في قلب إيران؟ وهل ستشنّ حرباً على «حزب الله» في لبنان؟ وهل ستُضاعف حصارها على النفوذ الإيراني في العراق عن طريق مواجهة الميليشيات الإيرانية والتضييق عليها إلى حد الاختناق؟ وهل ستختار سوريا كهدف سهل واستراتيجي في آن معاً؟
فأزمة طهران انها لا تدرك وجهة الضربة التي ستتلقّاها أكانت إيرانية أم عراقية أم سورية أم لبنانية، وبالتالي تجد نفسها في موقع مَن يُحصي الضربات من دون رد الفعل، وهي تتمنى أن تبقى هذه الضربات، على رغم ضخامة حجمها وارتداداتها، ضمن هذه الحدود، لا سيما انها تتلافى إعطاء واشنطن وتل أبيب الذريعة لجَرّها إلى مواجهة غير متكافئة، الأمر الذي جعلها تعوِّل على السياسة الانتظارية.
السيناريو الأوّل: تدمير شامل لكل المنشآت النووية الإيرانية في عملية فريدة من نوعها وغير مسبوقة تُعيد طهران على المستوى النووي عقوداً إلى الوراء، وتَشلّ كل قدراتها وتعطِّل إمكاناتها وتحول دون استعادتها لمقوماتها النووية لسنوات عدة، الأمر الذي يضعها أمام أمر واقع تفاوضي لا مفرّ منه.
السيناريو الثاني: تكليف تل أبيب بشن حرب خاطفة وسريعة ضد «حزب الله» في ظروف غير مواتية للحزب إقليمياً بسبب طهران المكبّلة والمحاصرة وغير القادرة على الرد، وسوريا الأسد التي خرجت من المعادلة الإقليمية والسياسية. كما انّ ظروف «حزب الله» غير مواتية داخلياً مع الانهيار المالي والغضب الشعبي والحصار الدولي وغياب أي مقومات صمود داخلية، فتشكّل الضربة مقدمة لوضع يدٍ دولية على لبنان من باب تنفيذ القرارين 1559 و1701 بشكل حرفي ودقيق بعيداً عن أي اجتهاد كما حصل مع اتفاق الطائف والقرار 1701، خصوصاً انّ الظرف أكثر من موَاتٍ للتخلُّص من ورقة الحزب.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.