ماكرون لا يفكر بالانسحاب.. تفاهم على خط واشنطن-طهران وحرب تصفيات ببيروت

10 ديسمبر 2020
ماكرون لا يفكر بالانسحاب.. تفاهم على خط واشنطن-طهران وحرب تصفيات ببيروت

كتب جوني منير في صحيفة “الجمهورية” تحت عنوان “حماوة قضائية بنكهة سياسية”: “عاوَدت باريس ضغوطها على الاطراف السياسية اللبنانية لدفعها الى تقديم تنازلات تسمح بتأمين ولادة حكومة قريبة تسبق زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الثالثة للبنان في غضون 4 أشهر. تُدرك فرنسا جيداً التداخل الحاصِل على ساحة لبنان بين الازمة السياسية الحادة والخلفيات الاقليمية المعقدة، ذلك انّ ماكرون الذي حرق أصابعه مع سقوط مبادرته، قرأ جيداً في العوائق غير المنظورة.

ولكن رغم المصاعب الداخلية التي تمر بها بلاده، الّا انّ ماكرون لا يفكر في رفع الراية البيضاء والانسحاب. صحيح انه شعر في احدى الفترات انه بات ضيفاً ثقيلاً لا يرغب به البعض، أو ربما يفضّل التعاطي مع الاميركيين الذين يملكون قدرة الشراء والبيع، الّا انه لن يتراجع وله أسبابه في ذلك، فالكلام الذي قاله وزير الخارجية الايرانية محمد جواد ظريف في موسكو «ماذا يفعل ماكرون في بيروت؟» ليس في حاجةٍ لأيّ تفسير.

 
لكنّ باريس، التي راهنت ضمناً على وصول الديموقراطيين الى البيت الابيض وإنجاز تفاهم مع الادارة الاميركية المقبلة حول دور فرنسي فاعل في الشرق الاوسط، شعرت أنّ الظروف باتت افضل لمعاودة تحركها في اتجاه لبنان آخر ساعات نفوذها في الشرق الاوسط.
 
ماكرون يُدرك انّ دخوله المباشر على الملف اللبناني أكسَبه نقاطاً في الداخل الفرنسي، وهو يدرك ايضاً انّ نزاعه العنيف مع تركيا الذي وصل الى الاراضي الفرنسية يلزمه بالتشبّث بالموقع اللبناني.
 
كذلك، فإنّ حاجة ايران الى دور اوروبي في المفاوضات المنتظرة مع الاميركيين حول الاتفاق النووي، يعطي باريس ورقة في يدها، خصوصاً انّ تركيا التي عاوَدت تواصلها مع اسرائيل، باتت في ناغورنو كاراباخ، أي عند الحدود الشمالية لإيران.
 
من هنا سيسعى ماكرون للاستفادة من الاخطاء التي ارتكبها سابقاً، ويعاود تقدّمه في اتجاه لبنان. لكن كما انّ ايران في حاجة الى هامش فرنسي، فإنّ باريس في حاجة أيضاً لطهران، في إطار محاربتها المجموعات الاسلامية المتطرفة على الاراضي الفرنسية.
 
أضف الى ذلك، انّ السعي الى إنتاج طبقة سياسية جديدة في لبنان هو مسألة في غاية التعقيد والحذر، ولا بد من تأمين تفاهم مسبق حولها، خصوصاً ما بين واشنطن وطهران. وخلال الاسابيع الماضية ساد نقاش واسع طاول أطرافاً اوروبية عدة حول الواقع الخطير للبنان. فمستوى الانهيار الحاصل، معطوفاً على لامبالاة الطبقة السياسية، إنما يدفع لبنان الى الموت الحتمي.
 
في اوروبا هناك اقتناع بأنّ انفجار 4 آب كشفَ في وضوح جوانب الفساد والاهمال والاهتراء التي وصلت اليها الدولة اللبنانية، والأهم انّ السلطة اللبنانية هي السبب الفعلي للكارثة التي حصلت. وتتفق الاطراف الاوروبية مع الاقتناع الفرنسي بأنه وعلى مدى عقود لم تؤدّ المساعدات المرسلة الى لبنان الى أي تقدّم فِعليّ للدولة اللبنانية، لا بل على العكس فإنّ الطبقة السياسية الفاسدة جعلت من هذه المساعدات سبيلاً لتمويل بقائها وترسيم جذورها.
 
ومعه، كرّر الفرنسيون ما باتوا على اقتناعٍ مشترك فيه مع الاميركيين، وهو أنه اذا كان البعض يعتقد انّ التغيير يمكن ان يأتي من الطبقة السياسية الحالية، فهو كَمن يضرب رأسه بجدار سميك. لذلك لا يجب منح السلطة اللبنانية أي مساعدات قبل احداث الاصلاحات المطلوبة.
 
في الواقع تراقب الاوساط الديبلوماسية النزاع العنيف الذي بدأ يصيب اطراف الطبقة السياسية الحاكمة، في مشهد يُشبه الى حدٍ بعيد ما يحصل بين اطراف العصابات عندما يشتدّ الخناق حولهم. فعندما تبدأ حرب التصفيات لاعتقاد كلّ طرف انه اذا ما أنهى خصومه، فهو قد يكون قادراً على النفاذ بجلده.
 
فخلال الايام الماضية فتحت فجأة ملفات قضائية، صحيح أنه يجب فتح كل ملفات الفساد، لكنّ السؤال لماذا لم يحصل ذلك قبل الآن اذا كان الهدف فعلاً محاسبة الفاسدين؟”. لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.