ومن هنا أكدت مصادر قضائية لـ”نداء الوطن” أنّ تمنع ديابعن المثول امام القضاء لن ينزع عنه صفة “المطلوب الاستماع إليه أمام العدالة بصفته مدعى عليه ولو بعد حين”.
وفي حين بدأت معالم اشتباك سياسي – قضائي ترتسم في الأفق، استنفرت قوى 8 آذار ضد قرار المحقق العدلي على وقع إثارة مصادرها شبهات حول “خلفيات ادعائه على جهة سياسية محددة دون سواها، وانتقائه أسماء دون غيرها من الأسماء التي كان قد أدرجها ضمن كتابه إلى مجلس النواب”. بينما لم يتأخر مجلس القضاء الأعلى في إصدار بيان إسناد للقاضي صوان يتبنى قراره ويؤكد احترام تحقيقاته الأصول القانونية، مع التأكيد على عزمه “مواظبة القيام بعمله وواجبه بالسرعة الممكنة بهدف تحديد المسؤوليات بحقّ المرتكبين”. كما سارع نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف إلى تبديد محاولات التشكيك بقانونية الادعاء على وزيرين سابقين من المحامين دون إذن من النقابة، عبر إصداره بياناً يثني فيه على قرار المحقق العدلي رافضاً منح “حصانات دستورية وقانونية وسياسية لأحد”، في سبيل إحقاق العدالة في جريمة المرفأ، ودعاه إلى “المضي قدماً بالإدعاء على سائر من أظهرتهم التحقيقات الإستنطاقية أيّاً كانت مواقعهم في هذه الجريمة الكبرى”.
الملف الحكومي يراوح مكانه
هذا في الشق القضائي، أما في الشق السياسي، فرئيس الجمهورية ينتظر رد رئيس الحكومة المكلّف، ورئيس الحكومة المكلّف ينتظر رد رئيس الجمهورية. كل طرف حرّر نفسه من المسؤولية عن أي تأخير إضافي في تشكيل الحكومة، محملاً إياها للطرف الآخر. الرئيس سعد الحريري عندما قدّم تشكيلته كان يدرك أن رئيس الجمهورية لن يوافق عليها، والرئيس ميشال عون كان يدرك أن الحريري لن يلتزم بـ”المعايير الموحّدة” التي سبق أن أكد عليها، كعنوان لتشكيل الحكومة. ذلك يقود إلى الاستنتاج أن الرسالة الفعلية لمشهد بعبدا، لم تكن موجّهة سوى للطرف الفرنسي، على أعتاب زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون: اللهم إنّا حاولنا.
ولا شكّ، أن تغريدة النائب زياد أسود تختصر الموقف العوني وقرار رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل بإحباط عودة الحريري إلى السراي، بقوله للرئيس المكلف: “بتعمل رئيس حكومة بس ترجع ستي من الدني التاني”!
وتحت هذا السقف، تتوقع مصادر مواكبة للملف الحكومي أن تسلك الأمور مساراً تصعيدياً تصاعدياً في الفترة المقبلة بين عون والحريري، مؤكدةً لـ”نداء الوطن” أنّ المعطيات تفيد بأنّ “رئيس الجمهورية سيسعى جاهداً إلى قطع الطريق أمام التشكيلة الوزارية التي قدمها إليه الرئيس المكلف، عبر اتهامه بإهمال التصوّر الحكومي لعون وتهميش واجب الشراكة الدستورية في التأليف مع الرئاسة الأولى”، في حين لفتت المصادر إلى أنّ “الرئيس المكلف يعتبر أنه قام بواجبه وقدّم تشكيلته الوزارية، وبالتالي سينتظر جواب رئيس الجمهورية وتحديد موقفه النهائي منها تماشياً مع صلاحيته الدستورية بالرفض أو القبول”، وفي المقابل “لن يسمح باستدراجه لا إلى الخوض في هرطقات دستورية ولا إلى التنحي والاعتذار”، في حال تمنّع عون عن توقيع التشكيلة المقدمة إليه.
وبدا واضحا، غداة تقديم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري تشكيلته الكاملة من 18 وزيرا الى رئيس الجمهورية ورد الأخير بطرح تشكيلة تضمنت توزيعا للحقائب على الطوائف من دون أسماء، ان الانسداد عاد سيد الموقف بل ربما مع رفع وتيرة التوتر نظرا الى المحاذير التي ستترتب على محاولة اسقاط تركيبة الحريري كرسالة تصعيدية وما يمكن ان ترتبه من تداعيات على المبادرة الفرنسية وموقف المجتمع الدولي بعد هذا التطور. وتقول أوساط معنية بالاتصالات السياسية المشاورات التي أجريت غداة اللقاء الأخير بين عون والحريري لـ”النهار” ان الحكومة عالقة في كباش رئاسي بين الطرح الذي قدمه رئيس الجمهورية والتشكيلة الحكومية المكتملة المقدمة من الحريري.
ووفق المعلومات ان تشكيلة الحريري المكونة من 3 “ستات” لم تعط فريقاً واحداً الثلث المعطٌل وقامت على توزير شخصيات مستقلة غير حزبية من اختصاصيين وفق المبادرة الفرنسية. وهو اعدها بعدما اكمل مشاوراته النيابية مع الكتل وبعدما استمع الى ملاحظات رئيس الجمهورية على مدى 11 لقاء.
وفيما تشير مصادر كل القوى السياسية الى ان العقد داخلية ولا شيء خارجياً يحول دون ولادة الحكومة، كشفت ايضاً ان حل العقدة الاخيرة يمكن التوصل اليه بأن يتفق رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلّف على ان تتم تسمية كل من الوزير المسيحي السابع والوزير السني الرابع بالاتفاق بينهما.
وفِي المعلومات ان طرح الرئيس عون قام على تشكيلة مكونة من 18 وزيراً من دون اسماء ويقترح فيها بدائل بتوزيع الحقائب على الطوائف بما فيها المداورة.
وتقول المصادر ان الرئيس عون في طرحه لم يضع اسماء بل كان اعطى سابقاً اسماء للرئيس الحريري.
وتشير المعلومات الى ان الداخلية التي كانت اعطيت لرئيس الجمهورية استعادها الحريري من حصته وسمى لها قاضياً ارثوذكسيا على ان تكون الدفاع لماروني يسميه رئيس الجمهورية والخارجية لدرزي هو السفير ربيع النرش. وان جو صدي هو الاسم المرشح على كل اللوائح لوزارة الطاقة.
ووفق المعلومات توزعت تشكيلة الحريري على الشكل التالي:
حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر + الطاشناق: (6 وزراء) واعطيت حقائب : الطاقة والدفاع والتربية والثقافة والاعلام والبيئة والصناعة (الطاشناق).
حزب الله + امل + المرده+ القومي :6 وزراء وتضمنت حقيبتي العمل والاشغال لحزب الله وحقائب المال والسياحة والتنمية الادارية لحركة امل اضافة الى الاتصالات للمرده .
الرئيس الحريري مع “اللقاء الديموقراطي” 6 وزراء وتضمنت حقائب:
الصحة والعدل والاقتصاد لتيار المستقبل والداخلية لمسيحي ارثوذكسي يسميه الحريري، والخارجية والزراعة لوزير درزي.
ووضع عون ملاحظات على تشكيلة الحريري من ابرزها انه اعتبر انها متعددة المعايير ولم تتم استشارة بعض الكتل وان الحريري تدخل في أسماء المسيحيين فيما رفض أي تدخل في أسماء السنة والشيعة .
في هذا الوقت، افادت مصادر مطلعة لـ”اللواء” أنه لم تسجل أمس اتصالات جديدة في الملف الحكومي ولفتت إلى أن الحريري تدخل في وضع أسماء الوزراء المسيحيين ورفض أي تدخل في أسماء الوزراء السنّة والشيعة وهذا الأمر يقود إلى خلل في المعايير التي تعتمد مؤكدة أن طرح الرئيس عون يراعي وحدة المعايير ويدعو إلى التشاور مع رؤساء الكتل ويؤمن التوازن داخل الحكومة لأن ما يهم رئيس الجمهورية ألا تحصل استقالات من الحكومة بعد تأليفها خصوصا أذا لم تُسأَل الكتل قبلا عن ممثليها كما أنه يتخوف من أن تحجب الكتل النيابية الثقة عن الحكومة في المجلس النيابي لافتة إلى أن عون الذي يريد أن تحصن الحكومة الجديدة وأن تتوافر لها المعطيات لتواجه الاستحقاقات دفعه إلى لفت نظر الحريري في الطرح الذي تقدم به إلى هذه النقاط وهو ينتظر جوابا من الرئيس المكلف على الملاحظات التي ابداها.
لكن مصادر متابعة ذكرت ان صمت الرئيس الحريري لن يطول، وبانتظار رد الرئيس عون على تشكيلة الحريري، سيكون هذا موقف، ويبنى على الشيء مقتضاه، في ضوء اتصالات مفتوحة بين رؤساء الحكومات، لاتخاذ الموقف المناسب.
الفريق الرئاسي متفاجئ
واعتبرت مصادر سياسية ان قيام الرئيس الحريري بتقديم التشكيلة الحكومية الى الرئيس عون اول من امس، قد فاجأ الفريق الرئاسي برمته، لانه لم يكن يتوقع ان يقدم الحريري على هذه الخطوة بعد سلسلة الشروط التعجيزية التي طالبه بتحقيقها كأحد الشروط الاساسية لتسهيل الموافقة على التشكيلة الحكومية من قبل عون بالتحديد.
ولذلك وجد هذا الفريق نفسه محرجا امام الداخل والخارج معا، لان الحريري وضع مسؤولية التشكيل على عاتق رئيس الجمهورية تحديدا. وهذا الواقع سيرتب مساءلة على الرئاسة الاولى اذا لم تبت بهذه التشكيلة ضمن الاطر الدستورية. ولذلك حاول هذا الفريق من خلال اعلانه ان عون زود الحريري بطرح متكامل لتاليف الحكومة،ان يتملص من مسؤولية التشكيلة الوزارية ويعيد رميها باتجاه الحريري من جديد. وهذا يعني عدم رغبة هذا الفريق بتسهيل تشكيل الحكومة العتيدة في الوقت الحاضرالا في حال التسليم بشروطه واهمها، حصوله على الثلث المعطل بالحكومة وتخويله تسمية وزرائه وتحديد الوزارات التي يشغلونها. وبالرغم من ان الاسلوب الذي اتبعه الفريق المذكور مكشوف ولا ينطلي على احد وبالتالي فان رئيس الجمهورية ملزم باعطاء رده على التشكيلة التي قدمها الحريري. الا ان هذه السلبية بالتعاطي تعني في رأي المصادر، ان هذا الفريق لا يريد تشكيل حكومة جديدة حاليابالرغم من الحاح المجتمع الدولي واللبنانيين عموما للاسراع بعملية التشكيل نظرا للحاجة الملحة اليها.وفي المقابل تضيف الاستنسابية في الملاحقات القضائية وفتح الملفات لسياسيين وغيرهم من خصوم العهد مؤشرات سلبية تؤكد بأن هذا الفريق لا يريد تشكيل حكومة جديدة في الوقت الحالي لمواصلة امساكه بالسلطة بوجود الحكومة المستقيلة، ومتذرعا بحجج وشروط غير منطقية لتبرير موقفه،بالرغم من الحاجة الملحة لتشكيل هذه الحكومة لاجل وقف الانهيار على كل المستويات.
ونفت مصادر القصر الجمهوري لـ”اللواء” ما تردد عن ان الرئيس عون قدم للرئيس الحريري تشكيلة حكومية مقابل التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف اوضحت المصادر انه خلال زيارته يوم الإثنين إلى قصر بعبدا أعطى الحريري إشارات توحي بأنه عاد إلى المنطق السليم بتشكيل الحكومة وفقا للدستور أي بالشراكة الكاملة مع رئيس الجمهورية، لكن ما جرى في لقاء الامس هو أنه سلّم الرئيس عون تشكيلة وزارية من 18 اسماً. واللافت أن الحريري سمّى جميع الوزراء بمن فيهم تسعة وزراء مسيحيين من دون التشاور مع الرئيس عون كما سمى بالنيابة عن حزب الله من دون التشاور معه ايضا وكذلك بالنسبة الى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط.
وقالت: كان امام الرئيس عون خيارين:
الاول: ان يتمهل ليعرف او يتحرى عن الاسماء الواردة في تشكيلة الحريري وان يبحث في التوازنات.
ثانيا: ان يقدّم للحريري تصوره للحكومة.
واضافت المصادر، اتجه عون الى الخيار الثاني، لا سيما بعدما نال الحريري وزارتي الداخلية والعدل، وترك وزارة الطاقة عالقة للاتفاق بشأنها بينه وبين عون والجانب الفرنسي.
وردا على سؤال، اوضحت المصادر انه انطلاقا مما طرحه الحريري لا تأليف للحكومة، فلا يمكن للرئيس المكلف ان يتصرف على قاعدة “اشهد انني بلّغت” … ولا يمكنه وضع رئيس الجمهورية في الزاوية، ولا يمكنه التحرر من عبء تحمل المسؤولية قبل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت بعد نحو عشرة ايام.
الادعاء والحكومة
وسط هذه الأجواء، لم يتردد خصوم النائب جبران باسيل في وضع ادّعاء المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ، القاضي فادي صوان، على الرئيس حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وغازي زعيتر، في خانة الكباش الحكومي، الذي لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد. ويرى خصوم باسيل بحسب “الأخبار” أن هذا الادعاء – الذي حُصِر بوزير من حركة أمل وآخر من تيار المردة، وبرئيس حكومة غير محميّ طائفياً وسياسياً، ولم يشمل رؤساء حكومات سابقين ووزراء من أحزاب أخرى – ليس سوى محاولة من رئيس التيار الوطني الحر لتوسيع مروحة الملاحقات القضائية التي يستخدمها ضد مناوئيه. ويعتقد كل من حركة أمل وتيار المردة والحزب التقدمي الاشتراكي أن التيار الوطني الحر، وبعد الخسائر الشعبية التي مُني بها طوال العام الفائت، يقود هجمة مضادة، عبر القضاء، سعياً إلى منع خصومه من جعله الخاسر الأول من الانتفاضة الشعبية كما من الانهيار. وادعاء صوان لا ينفصل عن هذا السياق، بحسب معارضي باسيل. وبحسب مصادر معنية بالشأن الحكومي، فإن كلاً من أمل والمردة والاشتراكي، سيجدون في ادّعاء صوان، وباقي الملفات القضائية المفتوحة (المهجرين، قيادة الجيش السابقة…)، سبباً إضافياً لدعم موقف الحريري في مواجهة عون وباسيل.
قراءة تسخر منها مصادر التيار، معتبرة أن مفتاح حل عقدة تأليف الحكومة موجود في جيب سعد الحريري، ويمكن للأخير أن يفرج عن الحكومة متى أراد.