لا يسمح ميزان القوى القائم للرئيس المكلّف بأن يفرض شروطه، فالمبادرة ما زالت بيد العهد والأكثرية الداعمة له، وجلّ ما يستطيع فعله يتراوح بين تحسين الشروط التي يضعها عليه الرئيس ميشال عون ومن خلفه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، اي ضمن حدود استبدال اسم بآخر وحقيبة بأخرى، وبين ان يربط التأليف بتنازل عون – باسيل، الأمر الذي قد يعني استمرار الفراغ حتى نهاية العهد، وبين ان يعتذر تاركاً الأكثرية تتخبّط بخياراتها وتتحمّل مسؤولياتها، اي ان يسير على الخط الذي سبقه إليه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
ولكن، لا يبدو انّ الحريري في وارد الاعتذار، كما لا يبدو بأنّه يراهن على كسر عون وباسيل، لإدراكه انّ هذا الأمر مستحيل، وبالتالي يحصر اهتمامه بالشق الأول المتعلق بتحسين شروط حكومته، والتشكيلة التي قدّمها تدخل في هذا السياق، خصوصاً انّ الرئيس المكلّف كان يمتنع عن تقديم تشكيلة تلافياً للصدام مع العهد، لأنّه يريد ان يحفظ خط الرجعة معه، فهو لن يخرج إلى المعارضة، إنما يسعى للتعاون مع رئيس الجمهورية، وتقديمه التشكيلة مردّه إلى ثلاثة أسباب أساسية:
السبب الأول، ليرفع الضغط عن نفسه، الضغط الشعبي والسياسي والدولي، ويضعه على كاهل رئيس الجمهورية، لا سيما أنّ الجميع يطالبه بأن يبادر ويقدِّم تشكيلته، وبالتالي أراد رمي الكرة من حضنه، وبمعزل عن محاولة عون عدم تلقفها ورميها سريعاً من حضنه أيضاً من خلال التصوُّر الذي حمّله إيّاه للحريري، إلّا انّ المسؤولية اليوم ملقاة على رئيس الجمهورية لا الرئيس المكلّف.
السبب الثاني، من أجل ان يُقحم الفرنسي في مفاوضات التأليف ويضغط على رئيس الجمهورية ليقبل بالتشكيلة، خصوصاً انّ مبادرته لتقديم التشكيلة جاءت بطلب فرنسي، بفعل حرص الرئيس إيمانويل ماكرون ان تشكّل زيارته الثالثة للبنان تتويجاً للحكومة العتيدة، وبالتالي كيف يمكن ان يضغط الفرنسي إذا لم يبادر الحريري إلى تقديم مسودة تشكّل مادة للتفاوض؟”. لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.