اخطاء العهد واصطفاف الطوائف مقدمات الإنهيار الكبير

11 ديسمبر 2020
اخطاء العهد واصطفاف الطوائف مقدمات الإنهيار الكبير

ليس بالمشهد الجديد ما يشهده لبنان من ارتفاع في منسوب التوتر السياسي والذي من شأنه أن يدفع بالامور نحو الاحتقان الشعبي خاصة وان كل مكون من المكونات الاساسية بدأ يعد العدة الدفاعية للتصدي لهجمات الاخر. فتأجج الخلافات بفعل العلاقات المضطربة بين التيار الوطني الحر من جهة وحركة امل والرئيس سعد الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة اخرى تنذر بأخطار سياسية وربما تحريك لشوارع، خاصة وأن “غرف عمليات” قضائية واعلامية، جرى تشكيلها عند هذه التيارات والاحزاب بدوافع مختلفة. 

وفق مصادر مطلعة على موقف الثنائي الشيعي لـ”لبنان24″ فإن المعايير العامة سقطت بشكل نهائي، ودخل لبنان في لحظة اصبحت المعركة الطائفية هي الحاكم والحصن لاي قضية عامة، فهي تمسك بخناق البلد وهذا سيؤدي تلقائيا الى هلهلة وتحلل الدولة ومؤسساتها ويعبر عن حالة العجز التي ستمنع مقاربة اي عنوان وفق الدستور.  

لقد استنسب المحقق العدلي القاضي فادي صوان، بحسب هذه المصادر، خيار الادعاء بتهمة الاهمال في قضية انفجار الرابع من اب في ظل معطيات لديه فهو سأل مجلس النواب في كتاب وجهه اليه عن 13 وزيرا و 3 رؤساء حكومات مننذ وصول شحنة نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت (تمام سلام، سعد الحريري، وحسان دياب) اختارمن بينهم دياب وثلاثة وزراء سابقين علي حسن خليل غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، لكنه قرر اعتماد الانتقائية التي قرأتها بعض القوى بأنها رسالة سياسية من الرئاسة الاولى الى من يعنيه الامر، في حين أنه كان يفترض بالقاضي صوان أن يكون أكثر حكمة في قراءة اللحظة السياسية وأن لا يتخذ قرارات مضغوطا بمواقف سياسية واعلامية وشعبية، والأسوأ وفق مصادر سياسية اخرى، أن تكون قراراته هروباً الى الامام، ادراكا منه ان الامور قد وصلت الى طريق مسدود، فقرر تعليق القرار عند حدود معينة ليكون ما تقدم من استدعاءات نقطة النهاية وليس البداية. 

لا تخفي المصادر شكوكها من توقيت الاستدعاءات التي استغربها ايضا حزب الله خاصة وانها ترافقت مع عامل تشكيل الحكومة والخلاف الكبير الذي يحيط به والمتصل بالدستور وبالمادتين 53 و64 اللتين تحددان صلاحيات كل من رئيسي الجمهورية والمكلف وعامل حرب الملفات التي فتحت على مصراعيها بين القوى السياسية، من المصرف المركزي، وصندوق المهجرين، ومجلس الإنماء والإعمار، وشركة طيران الشرق الأوسط، ومجلس الجنوب، ما يجعل البلد في خضم اشتباك سياسي عنيف متواكب مع انهيار مالي اقتصادي اجتماعي ومخاطر ارتخاء قبضة الاجهزة الامنية وهذا يعني ان لا تاليف للحكومة في ظل النزاع العالي السقف وفي ظل تفسيرات متباينة لملف التشكيل من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من جهة والرئيس المكلف سعد الحريري بعد زيارة الاخير قصر بعبدا يوم الاربعاء الماضي، وصولا الى زيارة الحريري السراي ظهر اليوم والتي جاءات في سياق تضامن رؤساء الحكومات السابقين اسوة بمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان مع الرئيس دياب ورفضا للتعدي على الدستور والادّعاء على رئاسة الحكومة والاعتداء السياسي على هذا الموقع . 

وبينما قرررئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل اللجوء الى استهداف عين التينة وكليمنصو وبيت الوسط وبنشعي بملفات فساد تطال مقربين منهم، عطفا على اعتبار البعض ان رئيس الجمهورية ينسف الطائف ويخالف الدستور بشكل فاقع من خلال تسليمه الحريري الاربعاء الماضي تشكيلة حكومية تحمل بصمات باسيل، قررت هذه المقرات رد الصاع صاعين لميرنا الشالوحي. 

واذا كان الحريري ومعه رؤساء الحكومات السابقين لن يسمحوا لأحد بتجاوز الدستور والتطاول على مقام الرئاسة الثالثة، الى حد ان البعض بات يظن ان وضع رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني بات حرجا وضعيفا على عكس الحريري الذي سوف تتحسن شعبيته كلما نجح في تلقف الفرص المحلية والخارجية، فان الرئاسة الثانية لن تلتزم الصمت حيال ما قد يحضر لها ولعل مقدمة نشرة اخبار قناة الـ “NBN”قبل أيام كانت بمثابة الانذار والهجوم الاستباقي على رئيس الجمهوريّة فهي تناولت ملف التشكيلات القضائية وصوبت عليه في مسالة تعطيل هذه التشكيلات واصابة الجسم القضائي بالشلل؟؛ وليس بعيدا قرر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ملاقاة صديقه بري في منتصف الطريق، فتقدم اللقاء الديمقراطي من رئيس المجلس بطلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية بملف مناقصات الكهرباء والفيول بكل شفافية ووضوح وبعيداً عن الاستنسابية.  

يوحي المشهد الراهن بتكتل القوى السياسية كافة في وجه الرئاسة الأولى وباسيل، فحتى حزب الله الذي يلتزم الصمت حيال ما يجري من تعطيل لتاليف الحكومة لانه لا يريد أن يفسر موقفه بأنه ضد رئيس التيار الوطني الحر بعدما تعرض الاخير لعقوبات أميركية ، يبدو انه منزعج مما يجري، فهو قد لا يكون في مستطاعه التفاهم مع رئيس الجمهورية حيال الموضوع الحكومي او ملف تحقيقات المرفأ، بيد أنه لن يترك الرئيس دياب وحيداً وسيقف إلى جانبه متضامنا ايضاً. 

وسط ما تقدم يبقى الأكيد أن قلاع الطوائف تتصارع وتتصادم وهذا إنذار بأن النظام السياسي المتهالك قد يكون أمام معمودية السقوط نحو المجهول في ظل عند توفر البدائل وهذا قد يفتح البلد على عام جديد مثقل بتدحرج المخاطر قد تصل الى الحدود الأمنية .