جريج حول إنفجار بيروت: مشكلة المحقق العدلي أنه آمن باستقلالية قضائه

12 ديسمبر 2020
جريج حول إنفجار بيروت: مشكلة المحقق العدلي أنه آمن باستقلالية قضائه

أشار نائب رئيس الكتائب النقيب جورج جريج الى انهأربعة أشهر وثمانية أيام، وعين زوجة كل شهيد من شهداء انفجار المرفأ، وعين والديه وأولاده وأحبائه، على شخص واحد، علقوا عليه كل الآمال، وبنوا كل الثقة، كما قلبهم على الابن والزوج والوالد والحبيب، عينهم على فادي صوان، ليس بمقدوره أن يعيدهم، لكن بمستطاعه أن يكشف الحقيقة، كل الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة، وفي هذه الحقيقة بعض بلسم، وبعض تعزية، وبعض رجاء. قلناها ونعيدها: حزب الكتائب ولي دم، وجع ذوي الضحايا وجعه، ألمهم ألمه، وأملهم أيضاً أمله.”

قال في مؤتمر صحافي أن حزب الكتائب مع ذوي الضحايا ولنا فيهم ضحايا، ولا يهمنا أي أمر آخر، ونقطة على السطر. لا يهمنا أي مسؤول آخر مهما علا شأنه، لا حماية لكبير، ولا تدفيع ثمن لصغير، لا خيمة واقية لرئيس، ولا ترتيب مسؤوليات كيف ما كان على مرؤوس.

وتابع: نعم، حزب الكتائب مع التحقيق الجنائي هنا أيضاً، بل هنا أولاً، كي لا تتكرر الكارثة في مكان آخر، في عنبر آخر وبمادة أخرى. فهذا التحقيق قادر على كشف واقعة تكشف واقعة أخرى بأعلى مرتبة، وقادر أيضاً على كشف الفساد وأربابه وأصحابه، وعرابيه، ومستقدميه، ومحوّليه، ومخبئيه، ومهربيه، وحماته، ورعاته، والمستفيدين منه بالمباشر أو بالصدفة أو بالقوة.

ولفت الى انه من المؤسف أن يصل الامر الى بعض السياسيين من خلال موقف، أو تغريدة، أو مجاملة، وكأننا أمام تسييس التحقيق وتطييفه ومذهبته. ومهما علت الحرتقات السياسية، تبقى دون حرقة الأهل في مصابهم، تلك لحماية حصانة، ونفوذ، وهذه لكشف حقيقة.

اعتبر ان مشكلة المحقق العدلي أنه آمن باستقلالية قضائه، ومشكلة المحقق العدلي أن جريمة بحجم جريمة بيروت وأهلها لا يصحّ أن تنام في الدرج، لا يصحّ أن يلفها النسيان، لا يصحّ أن تبقى ادعاء على مجهول ومن يظهره التحقيق، أو أن تصبح تجهيلاً للفاعل بناء على ضغوطات عليا، وتدخلات متقاطعة، وشبك حمايات عابرة للطوائف والزعامات السياسية.

كما تكلّم عن 4 ثوابت:

الثابت الاول: ان أعمال الوزراء المتمثلة باستنكافهم عن اتخاذ أي قرار بطلب فتح أي تحقيق قضائي أو اداري بشأن المواد الخطرة والممنوعة المودعة في مرفأ مدني، لا يمكن اعتبارها عملاً متصلاً بالواجبات الوظيفية، بل هي تخالف هذه الواجبات، ما رتب قصداً احتمالياً، والا تقصيراً واهمالاً وظيفيين، أدى الى الانفجار في المرفأ وما نتج  عنه من ضحايا ودمار، ما يجعلها واقعة حكماً في دائرة الجرائم العادية لا الوظيفية، كونها تؤلف تحويلاً وتحويراً للسلطة من دورها الحامي للمصلحة العامة.

الثابت الثاني: القضاء الجزائي العادي، وقاضي التحقيق ركن منه، هو صاحب الصلاحية للتحقيق مع الوزراء في الجرائم العادية. فالمسؤولية الشخصية قائمة هنا على خطأ شخصي يعادل الاهمال أو قلة الاحتراز أو عدم التقيد بالانظمة أو عدم اتخاذ الحيطة الضرورية المفروضة، أو اغفال المراقبة، وبكلمة يجب على المسؤول ان يتخذ كافة التدابير الاحتياطية والوقائية اللازمة والمطلوبة منه قانوناً، وبالنتيجة اذا وقع الفعل المخالف أو الكارثي كما انفجار المرفأ، رغم ذلك بصورة لم يكن بالامكان تفاديه، فعندها لا حول ولا قوة.

 

الثابت الثالث: لقاضي التحقيق، والمحقق العدلي قاضي تحقيق، صلاحية تحريك الدعوى العامة بحق كل من يشتبه به، من دون حاجة لادعاء النيابة العامة التمييزية.

الثابت الرابع: ان المادة 70 من الدستور التي تولي مجلس النواب صلاحية ملاحقة الوزراء تبعاً لما يرتكبونه من جرائم جزائية لا تفيد بايلائه صلاحية شاملة لكل الجرائم المفترض ارتكابها، بل ان فئة منها، وتحديداً الاعمال الخارجة عن الخيانة العظمى والواجبات المترتبة على الوزراء، تبقى خاضعة لصلاحية القضاء الجزائي العادي. وبالتالي لا سلطة حاجبة لمجلس النواب لعمل القضاء الجزائي العادي، خاصة وأن التاريخ أثبت أن مجلس النواب يؤثر اللاعدالة والافلات من العقاب لفئة السياسين على السير بها.

وطرح سؤالان:  السؤال الاول: ان نيترات الامونيوم التي تمّ تخزينها في العنبر رقم 12 تحوي مادة أزوت بنسبة 34,7%، ما يعني قانوناً أن هذه المادة لا يمكن ادخالها الى لبنان الا بعد الاستحصال على موافقة مسبقة من مجلس الوزراء، وبعد موافقة وزارة الدفاع ووزارة الاقتصاد ووزارة الداخلية سنداً للمادة 17 من قانون الاسلحة والذخائر. نحن اذاً أمام جريميتين: جريمة قبل الانفجار تحققت من خلال ادخال المادة الخطرة والممنوعة وتخزينها، والجريمة الثانية التفجير أو الانفجار، مع التأكيد أـن كل الاجهزة الأمنية والعسكرية موجودة في مرفأ بيروت، ولا يعفى أحد من المسؤولية. والسؤال الثاني: أين أصبح التحقيق في مقتل العقيدين جوزف سكاف ومنير أبو رجيلي؟

 وتوجه الى الرئيس حسان دياب، قائلاً: لست مستهدفاً بالشخصي، لست مستهدفاً بالموقع، لست مستهدفاً بالطائفة، وهذا الشحن لا يفيد لبنان الدولة، لو كنت مكانك لما نمت قبل أن أستقبل قاضي التحقيق وأدلي بما عندي ولو كمدع عليه، لو فعلت لخرجت كبيراً من السراي، ولدخلت كبيراً الى عيون الامهات والوالدات وقلوبهن، طالما أنك واثق من براءتك وأن ضميرك مرتاح. والى الوزراء، اعطوا فرصة للعدالة ولو لمرة أولى، صححوا الصورة النمطية التي تحوطكم، والى قاضي التحقيق الرئيس فادي صوان، لست وحيداً، الكتاب معك، الاصول معك، مجلس القضاء معك، نقابة المحامين معك، الضحايا تحت التراب معك ان عدلت وما ساومت، وكل لبناني شريف معك ان عدلت وما سايرت، ويكفي أن يكون ضميرك معك، لا يغفو ولا يدعك تغفو قبل كشف الحقيقة، كل الحقيقة.

وقال الى أهل الضحايا، انتم القاضي الاول، قلبكم وحدسكم لا يخطئان،  والى الجميع، ان المحقق العدلي قال كلمته بالقانون، نراه أراد التأسيس لفعل قضائي مستقل، لا يقف عند تخوم مربعات، ولا ترهبه حصانات، ولا تربكه انتماءات سياسية وطائفية، ان هذا المسار يشكل تحولاً في عمل السلطة القضائية، وانتقالاً صريحاً من حالة افلات السياسين من العقاب الى حالة السواسية أمام القانون، براءة أو اتهاماً، فرجاء لا تقفوا مع الشخص، ولا ضده، بل مع المؤسسة، مع سلطة القضاء.