شنّ رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع، في لقاء مع المنتشرين في العالم العربي واوروبا وافريقيا واوستراليا، للمرّة الأولى عبر تطبيق “زوم” على شاشاتٍ ضخمة في القاعة الكبرى في مقرّ “القوات” في معراب، هجوماً قاسياً على رئيس الجمهوريّة، محمّلاً إيّاه مسؤوليّة قوّة حزب الله في الداخل اللبناني.
استهلّ جعجع كلامه بعبارته الشهيرة “ما بيصحّ إلا الصحيح”. مناسبتها هنا أنّ “هناك من يكذب على اللبنانيّين منذ ثلاثين سنة، وقد ظننّا في العام 2016 أنّ هذا الفريق إذا وصل الى السلطة سيتغيّر، إلا أنّه، على العكس، ازداد تمسّكاً بالسلطة”.
وأضاف: “كانت هناك فرصة لعهد ميشال عون أن يكون الأفضل، وكان اتفاق معراب فرصةً لقيام دولة، ولكن تبيّن أنّهم كلّما وصلوا الى السلطة طالبوا بالمزيد، وربما سيطالبون بالبابويّة في المستقبل”.
وقال جعجع: “منذ ثلاثين سنة وحتى اليوم، أطاحت العواصف التي ألمّت بلبنان بزعاماتٍ وأحزاب، ولكنّ حزب “القوات” بقي صامداً. وعلى الرغم من أنّ 14 آذار سقط كتنظيم، إلا أنّه بقي حاضراً كمشروع لأنّه اتّكأ على صخرة “القوات”.
وشدّد على أنّ “من يحدّد نتيجة المواجهة الحاليّة هو قدرة البيئة الحاضنة لكلّ حزب على الصمود، فإذا صمدت البيئة الحاضنة لـ “القوات” فإنّ مشروع الحزب سيربح”.
حزب الله اختار الأكثر فساداً
وفي وقتٍ رأى جعجع أنّ التواصل قائم بين “القوات” وسائر الأحزاب اللبنانيّة، باستثناء حزب الله، لفت الى أنّ “مشروع الحزب لا صلة له بلبنان، وهو اضطرّ لعقد تحالفاتٍ في الداخل فاختار الأكثر فساداً، بدءاً بالتيّار الوطني الحر”.
وأضاف: “يقول رئيس الجمهوريّة في إطلالاته المتكرّرة ما يقوله أصغر مواطن، وكأنّه نسي أنّه رئيس الجمهوريّة. وفي الاجتماع الاقتصادي الذي عُقد في 2 أيلول 2019، برئاسة عون، سمعت طروحات لا يمكن أن توصل الى أيّ نتيجة، وقلتُ للمجتمعين حينها أنّ علينا أن نترك الساحة لحكومة مستقلّين، ولكن بدا وكأنّني أتكلّم مع “الحيط”.
وتابع: “إذا بيفكّوا عن سمانا، بعد كم شهر منطلع من الأزمة”.
وردّاً على سؤال عن إلغاء الطائفيّة والمثالثة، قال جعجع: “إذا ألغينا الطائفيّة سيصبح رئيس الجمهوريّة إما حسن نصرالله أو نبيه بري”، مشيراً الى أنّ “المثالثة غير واردة ولا مشكلة لدينا مع المؤتمر التأسيسي، ولكن ليس وقته الآن في ظلّ الجوع الذي يعاني منه اللبنانيّون، وحين نجلس على الطاولة سيكون مشروعنا اللامركزيّة الموسّعة”.
عن سامي الجميّل و”الخطف”
وسئل جعجع عن علاقة “القوات” و”الكتائب” وما يمنع التحالف بينهما، فأجاب: “هناك عامل شخصي يمنع رئيس “الكتائب” من التحالف، وعملت أنّ بعض مجموعات الحراك الشعبي حين طرحت عليه فكرة التحالف المستقبلي مع “القوات” كان يرفض بشكلٍ قاطع، علماً أن لا خلافات فكريّة أو سياسيّة بيننا”.
وتابع: “لاحظت في الأشهر الأخيرة أنّ حزب الكتائب بدأ يحيد عن مساره التاريخي عبر نسج علاقات تتناقض مع مشروعه وتاريخه”. وقال لمحدّثيه عبر الشاشة: “يعتبركم سامي الجميّل أنّكم كتائبّين وقمت أنا بخطفكم الى القوات”.
“الغشيم”
وتوقّع جعجع أن يتأزم الوضع أكثر في المستقبل القريب، خصوصاً في ما يرتبط بمسألة رفع الدعم، واصفاً الدعم بصيغته الحاليّة بـ “الغشيم” إذ “يستفيد منه المهرّبون والمحتكرون وغير المحتاجين”، إلا أنّه استبعد أن يؤدّي ذلك الى مشاكل أمنيّة، بل الى اضطرابات ناتجة عن الوضع الاجتماعي.
“القوات” على محورَين
وكشف جعجع أنّ حزب القوات اللبنانيّة يعمل الآن على محورَين: الأول، له صلة بالمساعدات التي يقدّمها، ومنها ما يتعلّق بانفجار المرفأ وترميم 500 شقة حتى الآن. والثاني، معارضة المجموعة الحاكمة التي لا نملك ثقة بها، وقد نصحْنا من كان حليفنا بعدم الدخول الى هذه المجموعة ولم يوافق، وها هو يصطدم معها اليوم.
ينتهي الحوار مع جعجع بدردشة “على الواقف” محورها ادّعاء قاضي التحقيق في انفجار المرفأ على رئيس حكومة تصريف الأعمال وثلاثة وزراء سابقين. يرى جعجع في هذه الخطوة خطأً في الشكل، إلا أنّها لا تستحقّ ردّة الفعل التي شهدنا عليها في الساعات الأخيرة. ثمّ يختار “التمشاية” مستفيداً من طقسٍ مقبول، قبل العاصفة الآتية، أو العاصفتين، المناخية والسياسيّة.