وفق مصادر متابعة لملف التشكيل ، فإن الظروف الاقليمية تكافلت على عدم ولادة الحكومة في الوقت الراهن. فالولايات الاميركية وحلفاؤها في المنطقة لا يبدون اليوم حماساً للتوقيع على حكومة يرأسها الحريري ويشارك فيها “حزب الله” لأن في ذلك، وبحسب المصادر، تسليماً لمنطق الحزب الذي سيكرس شرعيته الدستورية والقانونية من خلال الحكومة أمام المجتمع الدولي من دون تقديم اي تنازلات فعلية سياسية أو أمنية أو عسكرية، لذلك فإن الإدارة الاميركية الحالية والمتمثلة بالرئيس الاميركي دونالد ترامب لن تبادر الى تقديم أي تنازلات أيضا.
وتقول المصادر ان واشنطن لن تذهب نحو أي تسهيلات في الداخل اللبناني، لو أرادت، قبل وصول الرئيس المنتخب جو بايدن الى البيت الابيض، والذي من المتوقع أن تكون سياسته مطابقة للسياسة الفرنسية حيث سينظر الى الساحة اللبنانية بعين ماكرون، وبالتالي فإن المبادرة الفرنسية الانقاذية والمبنية على بضع تسويات ستكون السائدة في المرحلة المقبلة في العقل الغربي عموما والعقل الاميركي على وجه التحديد، وقبل هذا الحين من غير المتوقع أن ترضى الولايات المتحدة الاميركية على أي حكومة سيشارك فيها “حزب الله” ويكون له ولحلفائه فيها أكثرية.
في المقلب الاخر يرى “حزب الله” والقوى الاقليمية القريبة منه أن تأليف الحكومة اليوم وإن كان لمصلحته لن يؤدي الى حصوله على مكاسب كبرى، الأمر الذي قد ينعكس تماما بعد وصول الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن إذ من المتوقع أن يذهب نحو تسوية مع إيران، ولو بعد عدة أشهر، وبالتالي فإن الوضع الإقليمي الذي يراه الحزب لصالحه، سيمكّنه من حصد مزيد من المكتسبات في الملعب اللبناني.
وتضيف المصادر أن “حزب الله” يعتبر أيضا بأن المرحلة المقبلة ستشهد انخفاضاً في عديد القوات الاميركية في العراق وسوريا ما سيخفف من وطأة الضغوط الاقتصادية عليه وعلى طهران، ما سيجعله في موقع القوة على طاولة المفاوضات، لذلك فهو يعمل بشكل حثيث على تأجيل عملية التشكيل أقله الى حين انتقال الادارة الاميركية. من هُنا، فإن عدم ملاحظة أي حماسة من قبل الحزب للخطوة الايجابية التي حصلت بين عون والحريري تبدو طبيعية، ما قد يكون سببا مباشراً لتراجع عون تكتيكياً وتصعيده الشكلي الذي طيّر التشكيل.