دعا البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في عظة الأحد اللبنانيّين إلى التروّي، وعلى فتح نافذة تخرقها أنوار السماء ونحن على عتبة الإحتفال بميلاد إبن الله منذ الأزل، إبنًا للإنسان، ليكون “عمّانوئيل”-الله معنا.
وأمل الراعي ألّا تعطّل ردود الفعل الأخيرة السياسيّة والطائفيّة والقانونيّة مسار التحقيق في إنفجار المرفأ، من دون أن ننسى أنّه هدم نصف العاصمة وأوقع مئتي قتيلًا وخمسة آلاف جريحًا وآلاف المنكوبين الهائمين من دون منازل، ما جعل دول العالم تسارع إلى نجدة المنكوبين، فيما الدولة عندنا وأصحاب السلطة والسياسيّون لم يحرّكوا ساكنًا.
وأضاف: “نأمل أيضًا ألّا تَخلق ردود الفعل انقسامًا وطنيًّا على أساسٍ طائفيٍّ لا نجد له مبرِّرًا، خصوصا وأنّنا جميعًا حريصون على موقعِ رئاسةِ الحكومة وسائرِ المواقع الدستوريّةِ والوطنيّة والدينيّة”.
وتابع الراعي: “نؤمن بأنَّ الحِرصَ على هذه المواقع لا يُفترضُ أن يَتعارضَ مع سيرِ العدالة، لا بل إنَّ مناعةَ هذه المواقع هي من مناعةِ القضاء. فالقضاء يحميهم جميعًا فيما هم خاضعون ككلّ مواطن عاديّ. “فالعدالة هي أساس الملك”، ولذا نحن لا نغطّي أحدًا. ولا نتدخّل في شأن أيّ تحقيق قضائيّ. هَـمُّنا حقّ الشعب. جميعُ الناس، وأوّلهم المسؤولون هم، تحتَ سقفِ العدالةِ والمحاكمَ المختصّة. أمّا هيبةُ المؤسّساتِ وما تُمثّلُ فيجب أن تكونَ قوّةً للقضاء. وأصلًا، لا يوجد اي تناقض بين احترامِ المقاماتِ الدستوريّةَ والميثاقيّة التي نَحرِصُ عليها وبين عملِ القضاءِ، خصوصًا وإنَّ تحقيقَ العدالةِ هو ما يصونُ كل المقاماتِ والمرجعيّات”.
ولفت الى أن “بقدر ما رحّبنا بقرارِ الدولةِ التصدّي للفساد، أَقلقَتْنا طريقةُ مكافحةِ هذا الفساد، إذ بَدت كأنّها صراعٌ بين مؤسّساتِ الدولةِ وسلطاتِها ومواقِعها على حساب الشفافيّةِ والنزاهة، وعلى حساب دورِ القضاء وصلاحيّاتِه. قضاءُ لبنان منارةُ العدالة، فارفعوا أياديَكم عنه أيّها السياسيّون والطائفيّون والمذهبيّون ليتمَكّنَ هو من تَشذيبِ نفسِه والاحتفاظِ بالقضاةِ الشرفاء والشُجعان فقط، الّذين يرفضون العدالةَ الكيديّةَ والمنتقاة والانتقاميّةَ أو العدالة ذات الغُرفِ السوداء. المعنيّة بتدبيجِ مَلفّاتٍ وتمريرِها إلى هذا وهذه وذاك. كرامةُ الناس، أكانوا من العامّةِ أو من المسؤولين، ليست مُلكَ السلطةِ والإعلامِ وبعضِ القضاة”.
وقال الراعي: “لا نريد أن تُخلط الأمور فتشكيل حكومة انقاذيّة تنهض بالبلاد من كلّ جانب يبقى واجبًا ملحًّا على رئيس الجمهوريّة والرئيس المكلّف، والتحقيق العدليّ بشأن إنفجار المرفأ يبقى أيضًا ملحًّا على القاضي المكلّف. فالمواطنون المخلصون ينتظرون هذين الأمرين الملحّين. فلا يحقّ لأحد التمادي بمضيعة الوقت وقهر المواطنين. لقد حان وقت الحساب”.