عشية زيارة ماكرون الحكومة في ‘البراد’… والملف القضائي على نار حامية فهل يوسع صوان الادعاءات؟

14 ديسمبر 2020
عشية زيارة ماكرون الحكومة في ‘البراد’… والملف القضائي على نار حامية فهل يوسع صوان الادعاءات؟

عاد الوضع الحكومي الى “البراد”، بإنتظار تطور ما قد يتمثل بزيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يوم 22 الجاري علّه يُسهم في إقناع المتشددين بتدوير الزوايا، في حين ذهب آخرون الى ترقب تسلم الرئيس الاميركي جو بايدن مهامه. ولعل خير معبّر عن سوداوية المشهد اللبناني في المرحلة المقبلة، ما قاله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لصحيفة “لو فيغارو” أمس، لناحية إبداء تشاؤمه الصريح حيال الوضع في لبنان الذي شبهه بـ”سفينة تيتانيك من دون أوركسترا”، مضيفاً: “هم في حالة إنكار تام، يغرقون ولا توجد حتى موسيقى”. 

وفي حين يشكل مطلع الأسبوع الحالي اختبارا لكيفية مقاربة موضوع الحكومة لجهة بقائه من دون أي خطوات ملموسة أو دخول مساع جديدة حتى وإن كانت الفرصة ضئيلة في هذا المجال، يبقى الملف القضائي خاطفاً للأضواء في ضوء رفض كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزراء علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وغازي زعيتر،  المثول أمام المحقق العدلي القاضي فادي صوان كمدعى عليه بـ”الاهمال”.

وبحسب “نداء الوطن” وجد القاضي فادي صوان نفسه، من حيث احتسب أو لم يحتسب، محاصراً بقرار ادعائه المنقوص، ولم يعد من خيار أمامه لفك الحصار السياسي والنيابي والطائفي عنه سوى أن يسلك واحداً من مسلكين، إما توسيع مروحة الادعاءات لتشمل كل من “كان يعلم” بتخزين شحنة نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون أسوةً برئيس الحكومة، وإما إدارة الظهر والتنحي. أما ما عدا ذلك من مسالك وخيارات تراوح بين تمييع الادعاءات وتبريد التحقيقات واستسهال الاستسلام والرضوخ للضغوط، فوصفة جاهزة لإثارة مزيد من الشكوك حول وجود مآرب سياسية ونوايا كيدية مبيتة، دفعته في المقام الأول لتسطير ادعائه بالشكل المجتزأ الذي أصدره.

وبناءً عليه سيكون القاضي صوان اليوم أمام “امتحان” يُكرم بنتيجته القضاء أو يُهان بصورته وهيبته وقراراته، ربطاً بكيفية تصديه للعصيان السياسي على ادعاءاته واستدعاءاته، وهو ما سينسحب في تداعياته على مختلف التحقيقات الجارية والمرتقبة في العديد من ملفات الفساد وهدر المال العام والتدقيق الجنائي بحسابات المصرف المركزي والوزارات والمؤسسات العامة، تأسيساً على سابقة التمنع عن المثول أمام المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ.

والثابت ان إدعاءات قاضي التحقيق العدلي في جريمة إنفجار المرفأ فادي صوان على الرئيس حسان دياب وآخرين، وردود الفعل عليها بين مؤيد ورافض المس بصلاحيات رئاسة الحكومة،  اسهمت في تعقيد المشهد الداخلي كله لا المشهد الحكومي فقط، الذي ما زال بإنتظار ردود الرئيس المكلف سعد الحريري على الملاحظات التي قدمها له رئيس الجمهورية ميشال عون على توزيع بعض الحقائب المسيحية وعلى اسماء بعض الوزراء المسيحيين والمسلمين.

لا حكومة قريباً
هذا في الشق القضائي أما حكومياً، فعشية عودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان للمرة الثالثة في غضون اربعة اشهر ونيّف، لم يتمكن فريق السلطة، من تأليف حكومة جديدة، بعد ان قدم الرئيس المكلف سعد الحريري تشكيلة كاملة، متكاملة، متوازنة، على المستويات كافة، وتنتظر فقط اصدار المراسيم، وفقا لمصادر قريبة من الثنائي الشيعي لـ”اللواء”.

الاّ ان المشكلة، بحسب مصادر “نداء الوطن” تخطت في أبعادها معضلة التحاصص الشكلي للحقائب والوزراء لتبلغ مرحلة “الأزمة الدستورية”، بعدما أشعل رئيس الجمهورية فتيل اشتباك على الصلاحيات بين الرئاستين الأولى والثالثة، “أحرقت شراراته الأولى تشكيلة الاختصاصيين التي قدمها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وشرّع الأبواب على سيناريوات وفرضيات بدأت من كباش التأليف وقد لا تنتهي إلا بنظام تأسيسي جديد”، وفق ما حذرت مصادر متابعة للملف الحكومي، موضحةً أنّ عون نجح في “قلب الطاولة على دستور الطائف فهو لم يترك فرصة متاحة لقضمه إلا واغتنمها، وصولاً إلى بدعة تقديمه تشكيلة وزارية مضادة لتشكيلة الرئيس المكلف، الأمر الذي بات ينذر بتبعات خطيرة تتهدد المواد والآليات الدستورية الناظمة للعلاقات والصلاحيات بين المكونات اللبنانية”.

ورأت المصادر أنّ “الحريري بصدد مغادرة البقعة الرمادية في مجابهة الإشكالية الحكومية، وهو قرر على ما يبدو التصدي لمحاولة عون ومن ورائه باسيل الاستيلاء على صلاحيات رئاسة الحكومة”، وأعربت عن قناعتها بأنّ بيان كتلة المستقبل كان “أول الغيث” في هذا السياق، متوقعةً أن تشهد الأيام المقبلة “مزيداً من دخول الأسلحة الثقيلة على أرض معركة الصلاحيات بين قصر بعبدا وبيت الوسط، لتكون النتيجة أن لا حكومة في الأفق، لا إصلاحية ولا غير إصلاحية، لا قبل مجيء ماكرون ولا بعد مغادرته”… 

في المقابل، ذكرت مصادر رسمية لـ”اللواء” ان ملاحظات عون تركزت على ما يمكن ان يقبله وما له عليه تحفظات او ملاحظات لجهة بعض الحقائب والاسماء المسيحية، إضافة الى استفسار عن اسماء بعض الوزراء المسلمين ومنهم الشيعة، بعدما تنامي الى عون ان حزب الله لم يقترح اي اسماء حسبما اعلن النائب حسين الحاج حسن، بينما قيل ان الرئيس نبيه بري قدم منذ فترة اكثرمن عشرة اسماء ليختار منها الحريري اثنين. كما لم يُعرف ما اذا كان هناك توافق درزي على اسم الوزير المقترح لحقيبتي الخارجية والزراعة.

واوضحت المصادر ان الرئيس عون يخشى عدم رضى الكتل النيابية عن الاسماء المقترحة فلا تعطي الثقة للحكومة او تضغط على الوزراء للاستقالة اذا لم يحظوا بغطاء سياسي، ما يمكن ان يضع البلاد مجدداً امام المجهول.

اما اوساط الرئيس الحريري فقد سرّبت انه قام بما عليه وفق الدستور وقدم تشكيلته الحكومية كاملة بالحقائب والاسماء، وينتظر رد رئيس الجمهورية عليها.

وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” أن الملف الحكومي مجمد حاليا لكنه قد يعود ويتحرك عشية زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت الأسبوع المقبل دون أن يعني حسم الملف. وقالت المصادر إن السقوف وضعت دون أن يعرف كيف يصار إلى الوصول إلى نقطة وسطية بين ملاحظات رئيس الجمهورية على التشكيلة الحكومية للرئيس المكلف وبين ثوابت الرئيس الحريري في هذه التشكيلة، لافتة إلى أن ذلك يتطلب جلسات من التواصل مع العلم ان عاصفة الاستدعاءات لم تهدأ بعد.

غير أن هذه المصادر افادت ان هذه الاستدعاءات زادت الأمور تعقيدا وهناك انتظار لما قد يقدم عليه المحقق العدلي وربما هذا قد يؤخر انقشاع الملف الحكومي الذي في الأصل لم يكن في موقع متقدم.