عاد الاشتباك السياسي-الدستوري بين الرئاستين الاولى والثالثة ليتصدّر المشهد السياسي من بوّابة التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت، من خلال وقوف المرجعيات السياسية والدينية في الطائفة السنّية خلف رئيس حكومة تصريف الاعمال حسّان دياب ورفض التطاول من خلاله على رئاسة الحكومة وتحميله مسؤولية انفجار الرابع من اب الماضي بصفته مدّعى عليه الى جانب ثلاثة وزراء اخرين.
وبعد حملة التضامن السنّية الواسعة مع الرئيس دياب ضد طلب المحقق العدلي القاضي فادي صوان بالاستماع اليه كمدّعى عليه في انفجار المرفأ، شنّت كتلة “المستقبل” النيابية امس هجوماً عنيفاً على من يقف خلف اتّهام الرئيس دياب وجعله “كبش محرقة”، معتبرةً انها محاولة جديدة من سلسلة محاولات سابقة للتطاول على رئاسة الحكومة وقضم صلاحياتها، وهو ما يتناقض مع اتّفاق الطائف.
وفي الاطار، اعتبر النائب محمد الحجار ان ما يجري حلقة في سياق استهداف لموقع الرئاسة الثالثة، لان الادّعاء بحسب الدستور يكون عبر مجلس النواب بعد تقديم الادلة والبراهين وليس عبر المحقق العدلي”، ملمّحاً الى “ان القاضي صوان ربما “تعرّض” لضغوط من قبل فريق العهد من اجل سلوك هذا الخيار بالتحقيق، وتم تزويده بمعطيات قانونية مغلوطة من قبل ما اسماهم بـ”المفتين” في القصر الجمهوري لإتّخاذ هذه الخطوة”.
واذ جزم “باننا نريد معرفة الحقيقة الكاملة في انفجار المرفأ من لحظة وصول الباخرة المحمّلة بنيترات الامونيوم الى بيروت ومن سمح بدخولها وتفريغ حمولتها في العنبر رقم 12 ومن أمّن الحماية لها، وذلك من اجل معاقبة المجرم والمقصّر والمتواطئ مهما علا شأنه ولاي طائفة او مذهب ينتمي”، اوضح “ان القاضي صوان كما يبدو ذهب في الاتّجاه المعاكس، وبدل ان يحترم الاصول الدستورية بإرسال كتاب الى مجلس النواب يتضمّن ادلّة تُدين المُدّعى عليهم ليُصار بعدها الى محاكمتهم عبر المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، قرر الادّعاء على رئيس حكومة تصريف الاعمال ووزراء اخرين والاستماع اليهم”.
وذكّر بواقعة مماثلة حصلت في العام 2000 مع الرئيس فؤاد السنيورة عندما كان وزيراً للمال، حيث صدر قرار حمل الرقم 31 عن محكمة التمييز المدنية برئاسة القاضي منير حنين وعضوية 7 رؤساء غرف محكمة التمييز حول قضية ما سُمّي وقتها بمحرقة برج حمّود، ونصّ على ان الواقعتين الجرميتين على السنيورة اذا كانتا تؤلّفان جرماً جزائياً معاقباً عليه في قانون العقوبات، فإن هذين الجرمين في حال إكتمال عناصرهما يكونان متّصلين مباشرةً بتنسيق الوزير لمهامه الوزارية من ضمن بند إخلال الوزير بالواجبات المترتّبه عليه بالمعنى المقصود في المادة 70 من الدستور، وبالتالي فان اختصاص الملاحقة بشأن هذا الجرم يكون للمجلس النيابي.
واشار الحجار الى “ان القاضي صوان أرسل كتاباً الى مجلس النواب يتضمّن الادّعاء على رئيس الوزراء والوزراء الثلاثة، الا انه لم يتضمّن ادلّة وإثباتات تدفع بالمجلس النيابي الى التحرّك، لذلك ردّت هيئة مكتب مجلس النواب الكتاب مع طلب تضمينه الادلّة، لكن رغم ذلك عاد القاضي صوان وأصدر قراراً بالإدّعاء على هؤلاء وهو ما لا يدخل ضمن صلاحياته ويُخالف الاصول الدستورية”.
واعتبر رداً على سؤال “ان هناك مساراً قائماً في البلد منذ العام 2016 وحتى اليوم يريد مصادرة صلاحيات موقع الرئاسة، وهو ما لمسناه في استحقاقات عديدة ابرزها التعطيل المُمنهج لتشكيل الحكومة، منها مثلاً رفض رئيس الجمهورية ميشال عون تحديد موعد للإستشارات النيابية المُلزمة قبل ضمان التأليف قبل التكليف وتوزيع الحقائب، ثم تقديمه اخيراً طرحاً حكومياً للرئيس المكلّف سعد الحريري في مقابل التشكيلة الوزارية التي قدّمها الاسبوع الماضي، فضلاً عن اجتماع المجلس الاعلى للدفاع وحلوله مكان مجلس الوزراء”.
وذكّر الحجار “باننا اوّل من طالبنا بتحقيق دولي في انفجار مرفأ بيروت، ونُعيد ونجدد مطلبنا من اجل تحقيق العدالة والاقتصاص من المجرمين والمقصّرين من اعلى الهرم الى ادناه، لكن بعيداً من سياسة الانتقائية والكيدية”، مؤكداً “اننا لن نسمح بإستهداف موقع رئاسة الحكومة زوراً وبهتاناً”.