صوان على موقفه
في هذا الوقت، تتوقع مصادر مواكبة للمسار القضائي في قضية انفجار المرفأ أن يشكل هذا الأسبوع نقطة تحوّل مفصلية في مقاربة الملف قضائياً ونيابياً، لا سيما وأنّ القاضي صوان “مكمّل” على ما يبدو في تحقيقاته واستدعاءاته تأكيداً على صلاحياته بالنظر في القضية بعد تجاهل مجلس النواب رسالته السابقة، على أن يبلغ أبعد مدى قضائي ممكن في القضية ليقرر بعدها إما مواصلة التحدي دفاعاً عن استقلالية القضاء أو التنحي عن القضية على قاعدة “أللهم إني بلغت”.
وإذ من المرجح أن يواصل دياب والنائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر تمنعهم عن المثول أمام المحقق العدلي، لم يستبعد بعض المتابعين أن يمثل الوزير السابق يوسف فنيانوس أمام القاضي صوان باعتبار الحصانة النيابية لا تشمله. ورجحت المصادر أن يستمر خليل وزعيتر في التذرع بعدم التبلغ رسمياً بالادعاء عليهما عبر الأمانة العامة لمجلس النواب لتجنب حضور جلسة الاستجواب الجديدة التي حددها المحقق العدلي لكل منهما، (الأربعاء لخليل والجمعة لزعيتر)، في حين لفت الانتباه في ما يتعلق بتجديد طلب استجواب دياب أنه تبلغ بالأمس عبر أمين عام مجلس الوزراء أنّ “صوان سيزوره عند التاسعة من صباح يوم الجمعة المقبل للاستماع إلى إفادته كمدعى عليه”، ما يعني بحسب المصادر أنّ المحقق العدلي لم يعد يطلب موعداً من دياب لاستقباله بل انتقل إلى مرحلة “تحديد موعد الاستجواب وإيداعه الأمانة العامة لمجلس الوزراء أصولاً” لينتقل تالياً في الموعد المحدد صباح الجمعة إلى مقر إقامة رئيس حكومة تصريف الأعمال “إما لتسجيل إفادة دياب أو لإثبات واقعة تمنّعه عن التجاوب مع الاستدعاء القضائي”.
وفي هذا الاطار، علمت “الأخبار” أنّه سيُصار إلى إبلاغ النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر حسب الأصول عبر مجلس النواب، ورئيس الحكومة حسان دياب عبر رئاسة مجلس الوزراء، على أنّ يُبلغ الوزير السابق يوسف فنيانوس عبر القوى الأمنية. وقد حُدّد نهار غد الأربعاء موعداً للاستماع إلى كل من خليل وزعيتر، على أن يُستمع الخميس إلى فنيانوس، والجمعة إلى دياب. وعلمت “الأخبار” أن هناك توجهاً لدى فريق المدعى عليهم المتوجس من عدم حيادية المحقق ولاموضوعيته، للتقدم بطلب أمام محكمة التمييز لنقل الدعوى للارتياب المشروع.
الحكومة الى مزيد من الاشتباك
وسط هذه الأجواء، انتقلت الأزمة الحكومية إلى مرحلة متقدمة من “الصدام المباشر” بين قصر بعبدا وبيت الوسط، حيث ارتفع منسوب الاحتقان والتشنج بشكل ملحوظ خلال الساعات الأخيرة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على خلفية تراشق المسؤوليات في مسببات تعطيل ولادة الحكومة، لتتكشف في خضمّ هذا التراشق الرئاسي وقائع تفضح حقيقة ما جرى خلال اللقاءات الإثني عشر بين الحريري وعون، سواءً لناحية طلب الأخير “حكومة تتمثل فيها الأحزاب السياسية كافة وتكرار تجارب حكومات المحاصصة” أو لجهة تسليمه الرئيس المكلف “لائحة بأسماء لشخصيات يريد رئيس الجمهورية توزيرها”… وصولاً إلى المجاهرة للمرة الأولى على لسان الحريري عبر مكتبه الإعلامي بأنّ توقيع رئيس الجمهورية على مراسيم تشكيل الحكومة أضحى رهينة “مصالح حزبية تضغط عليه للمطالبة بثلث معطل لفريق حزبي واحد وهو ما لن يحصل ابداً تحت أي ذريعة أو مسمى”.
ومن هنا أبدت مصادر مطلعة تخوفها عبر “اللواء” من ان تزيد البيانات التي تتضمن روايات متضاربة حول الملف الحكومي تعقيدا، “فالكربجة” الحاصلة هي نتيجة المقاربة المختلفة لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. وقالت أن الصورة الحكومية أصبحت أكثر تشاؤمية ولا تكهنات بمصيرها.
ولفتت المصادر إلى أن ما يفهم من هذه البيانات المتبادلة أن كلا منهما متمسك بما اورده وليس على استعداد للتنازل عن موقفه أو ملاحظاته.
وأشارت هذه المصادر إلى أنه بعد ذلك ليس معروفا ما إذا كان الحريري سيزور قصر بعبدا قريبا أو سيمر وقت حتى تهدأ الأجواء المتصلة بهذا الملف وأكدت أن أي تطور مرهون بخرق معين لكن ليس واضحا ما إذا كان حاضرا ام لا، مع الإشارة إلى ان مهلة تأليف الحكومة ما تزال في الدائرة الطبيعية، انطلاقاً من ان مرسوم تكليف الرئيس الحريري تأليف الحكومة صدر في 22 ت1 الماضي.
وهكذا، بدل ان يجري البحث عن قواسم مشتركة لتشكيل الحكومة وإنقاذ البلد من حالة الانهيار التي سقط فيها، إندلعت حرب بيانات بين قصر بعبدا وبيت الوسط ستؤدي حتما الى مزيد من التعقيد في تشكيل الحكومة، فيما اندلعت حرب مواعيد بين قاضي التحقيق العدلي في إنفجارالمرفأ فادي صوان وبين رئيس الحكومة حسان دياب، ما يعني ان البلد دخل في دوامة مقفلة لن يخرج منها من دون تفاهمات سياسية كبرى جديدة ترسم حدود التعامل بين القيادات الرسمية والمؤسسات الدستورية.او من دون تدخل خارجي كبير وقوي ضاغط على الجميع بما يدفعهم الى جعل مصلحة البلاد والعباد اولوية بدل التناحر على الصلاحيات والمكتسبات.
ويبدو حسب مصار متابعة ان تشكيل الحكومة يترنح اكثر، وسط تنازع الصلاحيات، وبعد ترقب عون والحريري الواحد للآخر، وكأن هناك “فيتو” من جهة معينة لمنع التشكيل، ما يجر البلاد الى مراحل اصعب. وأُفيد ان ألامانة العامة لمجلس النواب طلبت من القاضي صوان عبر النيابة العامة التمييزية، المستندات اللازمة للسير في ملف استدعاء النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر من خلال المجلس النيابي.
جعجع: لا أمل في ذلك
وسألت “النهار” رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع عما يترقبه من زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الثالثة للبنان قبيل عيد الميلاد فأجاب “الله يعين الرئيس ماكرون ولكن يجب ان يأتي الى لبنان من اجل الشعب اللبناني. لكن رهان الرئيس ماكرون على السلطة الحالية لن يوصل الى أي مكان لانه لا يمكن هذه السلطة ان تقوم بالإصلاح او تغير الوضع الحالي الذي هي مسؤولة عنه”.
وعن صحة ما يقال عن عمل من اجل إقامة جبهة شبيهة بالجبهة اللبنانية سابقا اكتفى جعجع بالقول “أعطني أحدا كالرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل وشارل مالك وعندها تتأسس جبهة لبنانية “.
وفي حديث لـ”نداء الوطن” اختصر جعجع جوهر الأزمة بالتأكيد على عدم وجود “أي أمل يُرتجى لإنقاذ البلد في ظل الأكثرية الحاكمة”، وقال رداً على سؤال لـ”نداء الوطن”: لا أمل بولادة الحكومة لأنّ هذه الأكثرية عاجزة عن التأليف ولا تستطيع تشكيل حكومة مهمة إصلاحية بعيداً عن ذهنية المحاصصة.