في اكثر المواقع حساسية في الدولة اللبنانية يقبع راهنا المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان.
بعيد ادعائه على رئيس حكومة تصريف الاعمال والوزراء الثلاثة، تقدم “الصوان” على رئيسي الجمهورية ميشال عون والمكلف سعد الحريري في حراجة الموقع الذي لا يحسده احد عليه ، حتى انه سحب وهج ملف تشكيل الحكومة الذي ملأ الدنيا قبل خطوته هذه، بفعل اتخاذ الادعاء منحى انقسام سياسي طائفي عمودي، اذ من دون انتظار لائحة الشخصيات السياسية التي سيضيفها الى لائحة المدعى عليهم والمتوقع ان تشمل بحسب المعلومات رؤوسا كبيرة، لن يتوانى عن الادعاء عليها لا بل هو مصمم وشديد العزم على انجاز مهمته حتى خواتيمها والادعاء على كل من يظهره التحقيق متورطا، هبّ الوسط السياسي الاسلامي عموما والسني خصوصا دفاعا عن دياب واستنكارا للتعرض لمقام رئيس الحكومة وتجاوز رئاسة الجمهورية التي اعتبر اهل السياسة من الطائفة ان دياب والرئيس عون يتحملان المسؤولية بالقدر نفسه نسبة لعلمهما بوجود نيترات الامونيوم في المرفأ.
مقابل الهجمة السياسية، دعم شعبي للقاضي النزيه الذي لا مكان للسياسة في قاموس عمله وفق ما يؤكد كل من يعرفه، ناشطون يتجمعون يوميا أمام قصر العدل في بيروت دعما للقضاء والمطالبة بمحاكمة المسؤولين عن انفجار المرفأ، فمن يربح جولة الكباش هذه المرة السياسة ام القضاء وهل اخطأ القاضي صوان او تسرّع في ادعائه؟
تقول مصادر سياسية مراقبة ان صوان لا يمكن ان يعود الى الوراء او يندم على خطوته التي لولا توافر معطياتها لما اقدم عليها وهو الذي يدرس قراراته بتأن ودقة كبيرين ولا يمكن ان يفرمل اندفاعته هذه في جريمة على هذا القدر من الاهمية، ذلك ان اي تراجع من شأنه ان يسدد ضربة للجسم القضائي ككل ولمصداقية القضاء، بيد ان الممكن لتلافي تحويل الادعاء الى اشكالية طائفية على غرار ما هو حاصل اليوم، كان في تريثه في الادعاء والاعلان عن لائحة الشخصيات السياسية كافة التي سيدعي عليها، وهي حكما من مختلف الطوائف والانتماءات السياسية، اذ كان بذلك ليجنّب البلد المزيد من الانقسامات وتوظيف اي ملف او خطوة في زواريب السياسة. ففي بلد كلبنان يتسم بهذا القدر من الحساسية الطائفية والمذهبية تبدو مراعاة قاعدة 6 و6 مكرر ضرورية، ولو في القضاء، تلافيا لتداعيات تجاهلها التي ظهرت جليا في الادعاء على دياب مستعيدة فصول الانقسامات والمقاطعة التي ذكرت اللبنانيين بحقبة
العام 1990 حينما كان العماد ميشال عون في بعبدا رئيسا للحكومة الانتقالية بعد تعذر انتخاب رئيس جمهورية خلفا للرئيس امين الجميل ووقوع لبنان في الفراغ الرئاسي للمرة الاولى.
آنذاك قاطع المسلمون العماد عون.
وابدت المصادر خشيتها من ان تؤدي حال التعبئة في الشارع السني، وحتى الشيعي، على خلفية استجواب الرئيس دياب دون الاستماع الى الرئيس ميشال عون، الى فرز طائفي خصوصا ان الثنائي الشيعي اصطفّ في مقلب الرأي السني ضد الخطوة، الذي غمزت بيانات بعض شخصياته من قناة الرئيس عون ووجدت في الخطوة ردا على امتناع دياب عن دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد. فهل يعود الزمن الى الوراء ثلاثة عقود ؟ وكيف السبيل للخروج من ازمة الحكم هذه؟
تختم المصادر مؤكدة ان السبيل الوحيد الى تحقيق الهدف يكمن في كشف التحقيق في الانفجار عن مالك شحنة النيترات وكيفية ادخالها، لحساب من ولماذا تركها طوال هذه الفترة في المرفأ ومن استخدمها.
قبل الكشف عن هذه المعلومات سيبقى التحقيق ناقصا وقراراته عرضة للانتقاد والتوظيف تارة في السياسة واخرى في الطائفية.
هي خطوة واحدة تبعد لبنان عن تجرّع كأس الانقسام الطائفي مجددا، فمتى يُبشر القضاء اللبنانيين باسم المسؤول الاول عن جريمة العصر؟