في وقت يستعر الكباش الداخلي حول موضوع تشكيل الحكومة بين الرئاستين الاولى والثالثة وزاد من طينته بلّة التحقيقات في إنفجار مرفأ بيروت التي خلصت حتى الان الى الادّعاء على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسّان دياب ما ادّى الى تكتّل المرجعيات السنّية السياسية والدينية حوله مع الغمز من قناة فريق العهد واتّهامه بإستغلال القضاء للإلتفاف على دستور الطائف، وفي ظل تصاعد التوتر الاقليمي بين المحور الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية بوجه المحور الايراني، يقف حزب الله في موقع المهادن والمراقب لما ستؤول اليه التطورات، لاسيما في الاقليم الذي يتقلّب على جمر ما تبقى من ولاية الرئيس دونالد ترامب الذي يغادر البيت الابيض في 20 كانون الثاني المقبل.
فالحزب “غير المرتاح” للمستجدات الاقليمية، خصوصاً بعد مقتل العالم النووي الايراني محسن فخري زاده والتي تُنذر بعمل امني ما يتم الاعداد له في الكواليس الاميركية ويُنفذ قبل خروج ترامب من السلطة، يسلك خيار المهادنة داخلياً ومحاولة تقريب وجهات النظر بين اللاعبين المحليين من اجل تأمين “ظهره” في الداخل متى دقّت ساعة المواجهة الاقليمية.
من هنا، تفيد اوساط سياسية في قوى الثامن من اذار ان حزب الله يُفضّل في هذه المرحلة الخطاب الهادئ والمتّزن على الكباش السياسي الذي يُستخدم فيه سلاح الطائفية والمذهبية فيوتّر الاجواء في وقت البلد المنهار اقتصادياً ومعيشياً وهو بغنى عن هذا الشحن الطائفي”، وتشير الى “ان حزب الله لا يؤيّد تحديداً خلافات “اهل البيت”، خصوصاً بين حليفيه الرئيس نبيه بري والتيار الوطني الحر”.
وفي الاطار، تؤكد الاوساط “ان حزب الله متمسّك اكثر من اي وقت بوحدة الصفّ الشيعي وتحالفه مع حركة امل الذي نجح في تحقيق مكاسب سياسية مهمة لن يتخلّى عنها ولن يُفرّط بها. فهو حريص اليوم على تحصين البيئة الشيعية من خلال تقوية تحالفه مع الحركة من اجل الوقوف بوجه محاولات تفكيك تحالف الثنائي الشيعي وتفسخه”.
اما على خط العلاقة مع الرئيس المكلّف سعد الحريري ورئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، فيرى الحزب وفق الاوساط “ان الاولوية اليوم تنظيم الخلاف وتجنّب قدر الامكان توتير العلاقات معهما. فربط النزاع مع “تيار المستقبل” حاجة ضرورية واساسية لا يريد التفريط بها منعاً للفتنة، من هنا كان لافتاً تأييده موقف القيادات السنّية من مسألة الادّعاء على الرئيس حسّان دياب في ملف إنفجار مرفأ بيروت”.
وبشأن جنبلاط، “فالحزب بحسب الاوساط لا يريد اي اصطدام معه رغم التباين في المواقف والعلاقات المتوترة كرمى لرئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل او رئيس الجمهورية ميشال عون”.
وإنطلاقاً من كل ذلك، تقول الاوساط السياسية في قوى 8 اذار “ان الحزب يتحصّن داخلياً في هذه المرحلة، مرحلة التغيير الجذري والشامل والاساسي في المنطقة مع تغيير في موازين القوى ليخرج بأقل الخسائر الممكنة، خصوصاً ان ما يحصل في الاقليم يُنذر بتطورات دراماتيكية سريعة سيكون حزب الله في صلبها إنطلاقاً من تواجده في اكثر من ميدان عربي”.
لذلك، تُضيف الاوساط “سيتمسّك بالتحالف مع حركة امل وبمهادنة جنبلاط ومسايرة الحريري وعدم الاصطدام مع باسيل وتجنّب اي توتر مع العهد بإنتظار اتّضاح الصورة في المنطقة”.