منذ أن طرح الحريري نفسه مرشحاً طبيعياً لرئاسة الحكومة، وصولاً الى تكليفه بعد مخاض، كان واضحاً انه لن يكون سهلاً رَتق النسيج الممزّق لعلاقتهما، وانّ التفاهم بينهما دونه تَعارض في المقاربات والحسابات، خصوصاً انّ خيار الحريري فُرض أساساً على عون الذي ظل حتى اللحظة الأخيرة يحاول استبعاده، فلما تعذّر عليه ذلك، انتقل الى «الخطة ب»، محاولاً ان يعوّض نكسة التكليف الاضطراري بتحسين شروط التأليف.
لكن المفاوضات الماراتونية التي خاضها الرجلان أظهرت انّ الهوة التي تفصل أحدهما عن الآخر هي أوسع من ان تردمها الابتسامات المصطنعة والبيانات المقتضبة التي كانت تخترع إيجابيات للتمويه.
وضمن استراتيجية «لا مسايرة بعد الآن»، يجزم العارفون بأنّ عون لن يقبل بحكومة مخالفة للمعايير الواحدة والعادلة، «ومن يظنّ انّ رئيس الجمهورية غريق او ضعيف ويمكن ان تُفرض عليه حكومة امر واقع، سيكتشف انه مخطئ كثيراً».
يشعر عون انّ التشكيلة التي سلّمه إيّها الحريري غريبة عجيبة، وأشبه ما تكون بقالب حلوى مصنوع من الملح بدل السكر. وما استوقَفه فيها هو انّ معظم الاسماء الواردة في التشكيلة مجهولة بالكامل، «وليس معروفاً من أين وكيف أتى بها الرئيس المكلف؟».
فبالنسبة إلى عون، اذا كان يُراد تشكيل حكومة مهمة إنقاذية وفق مقتضيات المبادرة الفرنسية، فإن التوليفة التي اقترحها الحريري ليست لها علاقة بتاتاً لا بالمهمة ولا بالانقاذ.
ويُروى أنه عندما اطّلع رئيس الجمهورية على الاسماء تبيّن له انه لا يعرف الكثير منها، بحيث اضطرّ الى الاستعانة بصديق للاستفسار عنها، علماً ان ّالحريري أرفقَ تشكيلته، تِبعاً للرواة، بسيَرٍ ذاتية لعدد من الشخصيات التي رشّحها للتوزير، ما أوحَى لعون بأنه امام ملف توظيفي سيُرفع الى مجلس الخدمة المدنية وليس أمام مشروع حكومة استثنائية ستواجه تحديات ضخمة، الأمر الذي دفع أحد اللصيقين برئيس الجمهورية الى التساؤل: هل هكذا تُشكّل حكومات ما بعد اتفاق الطائف؟
ويؤكد المطلعون على موقف عون انه لم يعد لديه ما يخسره بعدما أصابت العقوبات الأميركية عمق بيته السياسي والعائلي من خلال التصويب المباشر على رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، إلى جانب تأثّره الكبير بالتداعيات الهائلة لانفجار المرفأ ومفاعيل انتفاضة 17 تشرين «بحيث لم يبق سوى أن يضرب النيزك هذا العهد».
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.