الحريري في بكركي
وعلمت “النهار” ان الزيارة تركت أصداء مريحة لدى بكركي وسيدها الذي لا يكاد يمضي يوم واحد من دون ان يرفع صوته بالإلحاح على تشكيل الحكومة كما عكست مواقفه من تداعيات التحقيق العدلي في انفجار مرفأ ما استدعى من الحريري إيضاح حقيقة المواقف التي اتخذت في شان رئاسة الحكومة والحفاظ على المسار الدستوري في التحقيقات من دون أي حمايات وحصانات. وفهم ان الحريري ركز على التأكيد ان ليس هناك أي بعد طائفي مسيحي إسلامي في دلالات التشكيلة التي بحثها مع رئيس الجمهورية. كما ان الموقف من الادعاء على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب يتسم بمعيار دستوري أولا وأخيرا بما يحصن التحقيق.
ووصفت مصادر المجتمعين في بكركي لـ”اللواء” الزيارة بالمهمة وبغاية الصراحة، وتناولت الوضع العام، داخليا واقليميا ودوليا ومايحيط بلبنان من مخاطر وما يواجهه من تحديات، تستوجب العمل بسرعة لتاليف حكومة المهمة الانقاذية المنبثقة عن المبادرة الفرنسية. وقالت ان الرئيس المكلف قدم احاطة عن مسار الأوضاع منذ طرح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مبادرته في قصر الصنوبر امام جميع ممثلي الاطراف السياسيين الذين التزموا امامه بدعم وتاييد هذه المبادرة ولكنهم فور مغادرته، تملص اكثريتهم منها وبدأ كل منهم يعطيها تفسيرات تتناسب مع مصالحه الخاصة وحساباته السياسية، ماادى الى تعثر تنفيذ المبادرة وتعطيل تشكيل حكومة الإنقاذ الجديدة، بالرغم من الحاجة الملحة لتشكيلها في أقرب وقت ممكن لوقف تدهور الاوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية التي باتت تضغط بقوةعلى شرائح واسعةمن الشعب اللبناني. وقالت المصادر ان الحريري اطلع البطريرك على جهوده المتواصلة لتشكيل الحكومة الجديدة والتي تضم شخصيات غير حزبية مشهود لها باهليتها ونجاحها في عملها بالقطاع الخاص وسلط الأضواء على العراقيل والصعاب التي يفتعلها البعض لغايات ومصالح حزبية وشخصية محضة، للتحايل على المبادرة الفرنسية وتفريغها من مضمونها.امابالنسبة لموضوع التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت أكد الرئيس المكلف موقفه الذي اعلنه بعد اللقاء بحرصه على كشف الحقيقة كاملة وملاحقة المرتكبين ضمن الاطر القانونية والدستورية.
وإذ تعوّل مصادر مواكبة لتطورات الملف الحكومي على أهمية زيارة الحريري إلى بكركي باعتبارها تندرج ضمن إطار “تصويب البوصلة وتبديد الهواجس التي تعمّد التيار الوطني إثارتها في نفوس المسيحيين من خلال التحريض على الرئيس المكلف واتهامه بالاستئثار بالتسميات المسيحية في الحكومة”، ذكّرت المصادر بأنّ “الحريري تبنى تسمية أربعة وزراء مسيحيين اختارهم رئيس الجمهورية في عداد التشكيلة العتيدة بينما المشكلة الحقيقية كانت في محاولة باسيل الاستئثار بالثلث المعطل في الحكومة”، مشيرةً في المقابل إلى أنّ “الرئيس المكلف لا يبدو في وارد الرضوح لهذا الشرط تحت أي ظرف، ولن يبادر إلى تقديم صيغ وزارية جديدة بعدما تبيّن أنّ القرار بالتعطيل متخذ مسبقاً بدليل تحضير تشكيلة مضادة لإحباط تشكيلته، علماً أنه كان قد أبدى لدى خروجه من لقاء بعبدا الأخير تفهمه لملاحظات رئيس الجمهورية وأعرب عن استعداده للتعامل معها بإيجابية”.
في هذا الوقت أكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” أن لا تباشير حكومية ولا معطيات جديدة في الوقت الراهن حتى أن ما من دليل أن هناك تطورا ايجابيا يسبق زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع المقبل إلى لبنان. وأفادت المصادر أن الرئيس الفرنسي يلتقي عون في الثالث والعشرين من الشهر الحالي دون أن يعرف ماهية لقاءاته الأخرى أو برنامجه السياسي لاسيما أنه تردد أنه سيعقد لقاءات على غرار تلك التي عقدها في زيارتية الاخيرتين إلى بيروت.
ولفتت المصادر إلى أن هذه المعلومات غير مؤكدة بعد موضحة أنه بعد البيانات المتبادلة بين بعبدا وبيت الوسط لم يرشح أي أمر يتصل بأعادة ترتيب الملف الحكومي أو حتى عودته إلى نقطة البحث مع العلم ان هذا الملف لم يتطور في أي يوم بشكل إيجابي.
وقالت أن لا تفاصيل عن مساع تبذل في هذا المجال أو حتى إيحاءات بأن تحركا ما أو خطوة تسجل قبيل زيارة الرئيس الفرنسي ولذلك لا بد من ترقب الأيام الفاصلة عن الزيارة والمناخ الذي قد يولد.
حزب الله على الخط
وسط هذه الأجواء، يبدو أنّ هامش المناورة بدأ يضيق أمام رئيس “التيار الوطني” لا سيما مع تأكيد أوساط معنية لـ”الأخبار” أنّ “حزب الله” دخل على خط لجم باسيل وكبح جماحه بعدما أدى قسطه التعطيلي مفعوله لتمرير قطوع الانتخابات الأميركية، لتصبح “كلمة السر” اليوم: “صار الوقت لإيجاد حل”.
وتوضح الأوساط، أنّ “حزب الله” الذي لا يريد المغامرة أكثر بإمكانية بلوغ لحظة انفجار اجتماعي لن تكون مناطق نفوذه بمنأى عن شظاياه “ارتأى مع وقوف الرئيس الديموقراطي جو بايدن على عتبة دخول البيت الأبيض مصلحة في إدارة محركاته باتجاه تذليل العقد أمام ولادة الحكومة لتكون بمثابة هدية إيرانية رمزية تثبت حسن النوايا إزاء الإدارة الأميركية الجديدة عبر الوسيط الفرنسي”، كاشفةً من هذا المنطلق عن “حراك مكثف يقوده حزب الله في الوقت الفاصل عن زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى بيروت للوصول إلى صيغة تفاهم يمكن التأسيس عليها حكومياً”. ووضعت الأوساط في هذا الإطار سلسلة مؤشرات تشي بأنّ باسيل “فهم الرسالة” فبادر إلى تظهير ليونة غير مباشرة في مقاربة الملف الحكومي، بدايةً عبر الحديث عن علاقة “غرام” تجمعه بالرئيس المكلف سعد الحريري، وصولاً إلى إبداء تكتله النيابي أمس الأول “الحرص على قيام حكومة في أسرع وقت ليستفيد لبنان من زيارة الرئيس الفرنسي” مع تأكيد “الاستعداد للمساهمة الإيجابية بكل ما يمكن للتأليف”.
الملف القضائي
هذا في الشق السياسي، أما في الشق القضائي، فتواصلت فصول الصراع المتصاعد حول مثول المدعى عليهم الأربعة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس امام المحقق العدلي، علما ان الكباش المتجدد بين المحقق العدلي مجلس النواب سيفاقم حلقات هذا الصراع باعتبار ان اثنين من المدعى عليهم الأربعة هما من النواب وسيلتزمان مزيدا من الانتظار لبت وجهة النزاع، كما ان رئيس حكومة تصريف الاعمال لن يكون في وارد تغيير موقفه الرافض لاستقبال المحقق العدلي والإدلاء بإفادته امامه، فلا يبقى الا الوزير السابق فنيانوس الذي لا يحظى بغطاء نيابي ولكن يبدو انه يتجه الى الطلب من المحقق العدلي ان يطلب اذن نقابة المحامين في الشمال قبل استجوابه.
وفي هذا الملف، كان يُفترض ان يمثل الوزيرَان السابقَان علي حسن خليل وغازي زعيتر أمام القاضي صوان، لكنهما لم ولن يمثلا على اعتبار أنّهما لم يتبلغا الدعوة رسميًا.
وبحسب المعلومات، فالنائبين خليل وزعيتر لم يتبلغا الدعوة بعد من الأمانة العامة لمجلس النواب التي أُرسلت من القاضي فادي صوان عبر النيابة العامة التمييزية. وقد تسلمت الأمانة العامة لمجلس النواب الدعوة وتبلغتها ولكن بحسب الأصول يجب أن تُبلِّغ الوزيرين السابقين وأن ترد التبليغ بالموافقة للنيابة العامة التمييزية، الأمر الذي لم يحصل.
وذكرت بعض المعلومات ان الوزراء السابقين الثلاثة حسن خليل وزعيتر ويوسف فنيانوس، المدعى عليهم عمدوا عبر وكلائهم، إلى تقديم طلب بنقل الدعوى من صوان إلى قاضٍ آخر بسبب “الارتياب المشروع نتيجة التشكيك بحيادية صوان”
وقال النائب زعيتر: بعدما تقدمنا بطلب لنقل الدعوى من المحقق العدلي فادي صوان للإرتياب المشروع ، لم نتبلغ بأي موعد جديد للجلسات أمامه في أي تاريخ.
ورفع الوزيران زعيتر وخليل الطلب الى محكمة التمييز الجزائية، شرحا فيه أسباب الارتياب المتعلقة بأداء صوان لمهمته، لجهة عدم الموضوعية وعدم الحيادية، وسعيه لطمس الحقائق، معتبرين ان خفة المحقق اوصلته إلى طريق مسدود.
وأكد النائبان تمسكهما بأحكام المادتين 70 و71 من الدستور والتي تولي المجلس النيابي الاختصاص الوظيفي للتحقيق معنا ولاتهامنا، وبعد ذلك محاكمتنا – على فرض ثبوت ارتكابنا بمعرض ادائنا لمهامنا الوزارية لأي فعل معاقب عليه قانوناً – يعود تباعا وحصرياً إلى المجلس النيابي وإلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
من جهة أخرى، أرسل القاضي صوان عبر النيابة العامة التمييزية طلبات الاستجواب لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا والوزير السابق يوسف فنيانوس إلى الامانة العامة لمجلس الوزراء التي ردت طلب دعوة فنيانوس على أساس أنها ليست صاحبة الاختصاص كونه ليس وزيرا حاليًا.
أما بالنسبة للواء طوني صليبا، فقد أرسلت الامانة العامة لمجلس الوزراء الطلب إلى صليبا علماً أن هناك معلومات تفيد بأن الدعوة يجب أن تُوجّه عبر المجلس الاعلى للدفاع على اعتبار أنّ مديرية أمن الدولة تابعة له.
إشارة إلى أنّ المعلومات المتداولة عن أنّ القاضي صوان يتجه الى إصدار مذكرات جلب أو إحضار بحق المدعى عليهم هي غير دقيقة حتى اللحظة، إذ تؤكد مصادر قضائية أنّ صوان لم يتخذ قراره بعد في هذا الخصوص. لكنه مصر على المضي في مسؤوليته وتردد انه حدد موعدا جديدا للوزيرين حسن خليل وزعيتر يوم الاثنين في 4 كانون الثاني المقبل.