أولاً، كل الكلام عن احتمالات استثمار الانهيار الاقتصادي والاجتماعي لخلق فتن وتوترات داخلية، له وجه آخر يتعلق بالشبهات الطائفية والمذهبية التي تسهم في توتير الأجواء، لأن الأرضية الاجتماعية باتت عرضة لشتى أنواع التدخلات واللعب على أوتار مذهبية، يمكن أن تكون أداة توتر دائم. ما جرى، مثلاً، في التظاهرات والاحتجاجات حين اشتعلت محاور «التماس» القديمة، بالعصبيات المتقابلة، ليست مجرد حساسيات ظرفية، بل إنها قابلة للتحول فوراً عند أي استغلال داخلي أو خارجي الى أكثر من حوادث عابرة. من الوهم والسذاجة اعتبار فوز العلمانيين في جامعات تعبيراً عن واقع حقيقي، بعدما أظهرت الأشهر التي تلت 17 تشرين أن مجموعات عادت الى أحزابها وطوائفها بمجرد أن جرت ترتيبات سياسية معينة. وإلا لكان الشارع اليوم أقوى باحتجاجاته ممّا كان عليه قبل عام بعدما تفاقم الانهيار الاجتماعي والاقتصادي، مهما عملت السلطة على تدجينه وتيئيسه. ومن السذاجة أيضاً اعتبار هذا الفوز «العلماني» بأفكار سياسية بدائية مؤشراً على كسر الطوائف والسلطة معاً، لأن هناك فرزاً مناطقياً جديداً بدأ يظهر حتى في العاصمة، وبعض شوارعها التي اختلف جمهورها عمّا كان عليه قبل سنوات قليلة، بعدما عادت المجموعات الشبابية الى «مناطقها». لم تعد القوقعة كلاماً من زمن الحرب، حين يعيد بعض الاحزاب نبش كلام المحاصصة المذهبية والمناطقية وحقوق الطوائف على الارض، فتجد لها جمهوراً مصفّقاً في الجامعات وخارجها. وحين يجري التعامل مثلاً مع اعتراض التيار الوطني على محطة «الجديد»، وكلامها عن رئيس الجمهورية، على أنه يتم خارج الإطار الجغرافي للتيار وبيئته.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.