الحريري في بعبدا غداً
وبحسب “اللواء” فان غداً، هو موعد لقاء بترتيب الاتصالات التي حركتها بكركي، بين الرجلين، لوضع التأليف على سكة لانجاز، منعاً لتفاقم المخاوف، ضمن معلومات شبه رسمية تتحدث عن “صيغة وسطية” تنهي المشكلة.
واشارت مصادر مواكبة لتحرك البطريرك الماروني بشارة الراعي المتواصل للمساعدة قي حل ازمة تشكيل الحكومة الجديدة، وبعد استماعه الى وجهتي نظر رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل من جهة والرئيس المكلف سعدالحريري من جهة ثانية، لم يجد مبررا يستوجب استفحال ازمة تشكيل الحكومة على هذا النحو وتضييع مزيد من الوقت في السجالات العقيمة التي تزيد من الهوة القائمة ،بدلا من تسريع الخطى لإنجاز التشكيلة الحكومية. وقالت إن البطريرك لم يقتنع بتبريرات تفرد الرئيس المكلف بعملية التشكيل والانتقاص من حقوق المسيحيين لان وقائع الامور والمشاورات تتعارض مع هذه الادعاءات ولانه شخصيا حريص كل الحرص على حقوق المسيحيين بالتركيبة، كما حرصه على حقوق بقية الطوائف والاطراف السياسيين الاخرين. واعتبرت ان تقديم الرئيس المكلف تشكيلته الحكومية لرئيس الجمهورية حسب الدستور، يتطلب التشاور والبت بهذه التشكيلة، بالتشاور او الاخذ والرد لتسريع عملية التشكيل بدلا من التشبث بالشعارات وتأجيج الخلافات السياسية بطرح مطالب وشروط تتلبس الشعارات الدينية تارة وصلاحيات رئيس الجمهورية أو الرئيس المكلف تارة اخرى،بينما الهدف هو تأمين المحاصصة داخل الحكومة الجديدة.
واوضحت المصادر ان البطريرك الراعي ازاء ما سمعه من تبريرات النائب جبران باسيل والاسباب التي ادت إلى تعقيد عملية التشكيل، دعا النائب ابراهيم كنعان للوقوف على وجهة نظره، إزاء ما يجري من تجاذبات تؤخر عملية التشكيل وكيفية المساعدة لوقفها واعادة عملية التشكيل على السكة الصحيحة. واشارت المصادر إلى ان خلاصة ما تم تحقيقه من تحرك البطريرك الراعي، هو وقف السجالات بين الجهتين التي تفاعلت خلال اليومين الماضيين وتحضير الارضية لعقد لقاء بين الرئيسين عون والحريري في غضون اليومين المقبلين، لافتة الى أن مشكلة مطالبة الفريق العوني بالثلث المعطل قد حلت وتم صرف النظر عنها لانه من المستحيل تحقيقها في حكومةالاختصاصيين الانقاذية، بينما تبقى مسألة تسمية الوزراء المسيحيين والوزارات السيادية ليست محسومة بعد، لان الفريق العوني يطالب بأن يتولى عون التسمية اسوة بباقي الاطراف الاخرين الممثلين بالحكومة باعتبار انه لم يؤخذ برأي الاحزاب المسيحية بهذا الخصوص، بينما تؤكد المصادر المتابعة ان رئيس الجمهورية سلم الحريري اسماء شخصيات معينين للتوزير، وجرى التشاور بخصوصهم الا انه من حق الاخير دستوريا تسمية اخرين أيضا، بينما المطالبة بالرجوع لأخذ موافقة مسبقة من الاحزاب المسيحية على الاسماء المرشحة للتوزير، ليست مطروحة لان الحكومة العتيدة ليست حكومة محاصصة اولا، ولان هذه الاحزاب لم تسم الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة، بينما لم يتم استثناء أي منها في المشاورات النيابية غير الملزمة والاستماع الى مواقفها ومطالبها.
واوضحت المصادر ذاتها انه يجري العمل لتذليل العقبات وتقريب وجهات النظر بحركة اتصالات مكوكية لتسريع الخطى والتمهيد لعقد لقاء ناجح بين عون والحريري.
ومع دخول البطريرك الراعي على خط فكفكة العقد الحكومية، تساقطت تباعاً “أوراق التوت” عن عورة المحاصصات وتكشفت هشاشة الادعاءات بخوض معارك دستورية، تحصيلاً لحقوق المسيحيين في عملية تشكيل الحكومة او الدفاع عن صلاحيات الرئاسة الثالثة… وما تشديده بالأمس على أنه من خلال الاتصالات التي أجراها لم يجد “سبباً واحداً يستحق التأخير في تشكيل الحكومة يوماً واحداً”، سوى تأكيد غير مباشر على كون مناورة “وحدة المعايير” التي حاول باسيل الالتفاف من خلالها على مبادرة بكركي، “فشلت في إقناع البطريرك الماروني بوجود ما يستدعي دق ناقوس الخطر على حقوق المسيحيين”، وفق ما رأت مصادر مواكبة للملف الحكومي لـ”نداء الوطن”، معتبرةً أنّ عظة الراعي “نسفت كل الذرائع التعطيلية بما فيها “معايير” باسيل وأعادت الاعتبار إلى الدستور”، فلا توجد معايير “باستثناء معايير الدستور والميثاق”، كما قال، وكذلك الثلث المعطل الذي كان يطمح إليه رئيس التيار الوطني الحر “طار” بعد مجاهرة البطريرك الماروني بأنّ المطلوب “حكومة غير سياسية وغير حزبية، لا محاصصات فيها ولا حسابات شخصية ولا شروط مضادة، ولا ثلث معطلاً يشلّ مقرراتها”.
كنعان وقزي
وقال النائب ابرهيم كنعان لـ”النهار” ان البطريرك الراعي حرك الركود الذي ساد ملف التاليف وسعى الى وقف السجالات منطلقاً لاعادة البحث الجدي في الملف الحكومي. واعتبر ان ما نقله البطريرك عن الرئيس عون انه لا يطلب الثلث المعطل دقيق تماما، اما مطالبة “التيار الوطني الحر” بحصص وحقائب تبقى مداولات اعلامية غير رسمية لان احداً لم يبحث في الملف مع قيادة التيار. واذ اكد ان الرئيس عون لم يوفد رئيس “التيار” الى بكركي، بل ان باسيل وكنعان لبيا دعوة البطريرك لتوسعة مروحة المشاورات، ودفع عملية التاليف قدما. واكد كنعان لـ”النهار” ان الرئيس عون مستعجل الحكومة اكثر من غيره “لكن ضمن الثوابت التي حددها الدستور انطلاقا من كونه شريكا اساسيا وليس ساعي بريد”. وتابع ان المبادرة الفرنسية هي “كل متكامل ولا تؤخذ بالقطعة”. وابدى تفاؤله باللقاء الذي سيجمع الرئيس عون بالرئيس سعد الحريري، بمبادرة من الاول، اليوم او غدا، للخروج باتفاق واخراج للحكومة، وختم “ان المسار الذي خلقه البطريرك مهم”.
كذلك اكد الوزير السابق سجعان قزي، مستشار البطريرك الماروني، لـ”النهار” ان البطريرك الراعي ماض في مسعاه لخير البلد، وهو لن يتراجع، لانه كما قال في عظته، لم يجد اسبابا جوهرية تمنع الاتفاق على التشكيلة، الا اللهم اذا كانت لدى البعض حسابات خارجية واقليمية تفرض نفسها. واعتبر ان اللقاء المتوقع غدا الثلثاء جاء بناء لتمن مباشر من الراعي للفريقين، لانه يرى في اللقاء فرصة اخيرة لاعلان الحكومة قبل اخر السنة الجارية. واعتبر ان الخلافات القائمة لا تقارب واقع السعي الى حكومة اختصاصيين مستقلين، بل يبدو الصراع سياسيا بامتياز. وختم ان البطريرك متخوف من مشهد الانحلال، والانهيار الذي يصيب الدولة تدريجا، وهو يقوم بواجبه الضميري والاخلاقي والوطني.
وكشفت المصادر لـ”نداء الوطن” عن اتفاق حصل بين الراعي وعون، يقضي بأن يأخذ الأخير زمام “المبادرة”، فيدعو رئيس الحكومة المكلف إلى قصر بعبدا لاستئناف البحث في عملية التأليف، وفق “منهجية جديدة” تكرس الاتفاق على “المصطلحات الدستورية وعلى شراكة رئيس الجمهورية في عملية التأليف”. وأكدت أن وساطة البطريرك الماروني خلصت إلى تأكيد “وجوب عدم وجود أي إشكالية أو انتقاص بمسألة صلاحيات رئاسة الجمهورية”، وهو قد تفاهم مع رئيس الجمهورية على ضرورة أن يكون الاجتماع المرتقب بينه وبين الرئيس المكلف “حاسماً مهما طالت مدته”، بحيث تكون “جلسة مصارحة تفضي إلى تصفية النوايا وحسم مصير التشكيلة الوزارية العتيدة بصيغتها النهائية”.
وإذ لفتت إلى أنّ اجتماع بعبدا المقبل من المفترض أن يضع “مقاربة كاملة لأسس التشكيل بالارتكاز إلى نصّ الدستور وموجبات المبادرة الفرنسية”، شددت المصادر على أنّ هذه المبادرة لا تتعارض في جوهرها “الاختصاصي” مع النصّ الدستوري، نظراً لكون “الطابع الاختصاصي للحكومة يحترم مبدأ المناصفة في توزيع المقاعد الوزارية بين المسلمين والمسيحيين”، بينما التركيز سيكون على “المنهجية المتبعة في تحديد توزيع الحقائب على الطوائف مع مراعاة وجود مرجعيات لكل منها”.
ورداً على سؤال، اعتبرت المصادر أنّ الأمور قد تسلك طريقها إلى الحلحلة على قاعدة “إعادة الاعتبار إلى المبادرة الفرنسية بكل جوانبها، فتكون الحكومة حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين ومن غير السياسيين، تتولى تنفيذ مهمات إصلاحية محددة ضمن مهلة زمنية واضحة لا تتجاوز ستة أشهر”.