تحركات بعد الأعياد قد تؤدي إلى عنف واشتباكات.. البلد ذاهب إلى مسار قاتم!

21 ديسمبر 2020

كتب منير الربيع في “المدن”:  لا تزال استحقاقات أربع تتصدر واجهة المشهد اللبناني: التجاذب المستمر حول تشكيل الحكومة، وجلسة مجلس النواب لإقرار قانون الدولار الطلابي مطلع العام المقبل بعد عيدي الميلاد ورأس السنة، وما قد يشهده العام الجديد من تصعيد في الشارع على وقع البحث في رفع الدعم، واستمرار الضغوط الأميركية، وسط معلومات عن احتمال صدور لائحة عقوبات جديدة.

 

هذه الاستحقاقات داخلية ولا تستحضر الأجواء الإقليمية أو احتمالات حصول تطور تصعيدي في المنطقة. لكن التعقيد الداخلي اللبناني أصعب وأعقد من التطورات الإقليمية، فلبنان أزماته الداخلية متتابعة ومتتالية.

 

احتمالات العنف

وكان المشهد في شارع بليس، مساء يوم السبت 19 كانون الأول، بروفا لما ستكون عليه الشوارع والمناطق اللبنانية في المرحلة المقبلة: طلاب يتظاهرون رفضاً لدولرة الأقساط الجامعية، ومجموعات أخرى تتظاهر رفضاً لرفع الدعم، واحتجاجاً على سياسية المصارف

 

يقود هذا إلى خلاصة تفيد أن الشوارع اللبنانية ستشهد المزيد من التحركات بعد الأعياد. ولن يكون أحد قادراً على ضبطها. وقد تؤدي إلى عنف أو اشتباكات بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية، كما حصل مساء السبت في بليس. وهناك احتمال مهاجمة المصارف بسبب سياساتها النقدية، فتغلق المصارف أبوابها احتجاجاً على “الاعتداءات” فيطير الدولار الطلابي.

 

عون وثلثه المعطل

ويستمر السجال حول عملية تشكيل الحكومة على وقع هذه الأزمات. البطريرك الماروني بشارة الراعي يسعي لتشكيل حكومة. وهو أشار إلى أنه لم يستشعر أي رغبة لدى أي طرف في الحصول على الثلث المعطل، قاصداً بذلك رئيس الجمهورية. ويستمر الراعي في مساعيه للوصول إلى نقطة مشتركة.

 

بعض الجهات تعتبر أن عون قد يتنازل عن الثلث المعطل مقابل حصوله على وزارات العدل، والطاقة، والدفاع والداخلية. وقد يضغط الراعي في هذا الإتجاه. ويحاول عون تعزيز أوراقه التفاوضية من خلال التواصل مع الفرنسيين للضغط على الحريري.

 

وجهة نظر أخرى تنفي أن يكون عون قد تنازل عن الثلث المعطل. وهو لا يطالب بالثلث لأجل العدد، إنما انطلاقاً من مبدأ تسميته الوزراء المسيحيين. فيطالب بتسمية 7 وزراء مقابل ترك وزيرين واحد للمردة وآخر للطاشناق. لكن الحريري ليس في وارد التنازل عن شروطه والتسليم بشروط عون.

 

حزب الله وأميركا وعقوباتها

وهناك معضلة أخرى لا يزال الجميع يتجنبها: الشرط الأميركي المفروض بعدم تشكيل حكومة يشارك فيها حزب الله مباشرة أو على نحو غير مباشر، وإلا تكون الحكومة عرضة للعقوبات.

 

ويدور في الكواليس كلام عن صدور لائحة عقوبات جديدة من شأنها إعادة خلط الأوراق وتعقيد الأمور. ويحكى عن فرض عقوبات على شخصيات قريبة من رئيس الجمهورية، بينهم وزير سابق ونائب سابق، وعلى رجال أعمال ومقاولين محسوبين على رئيس الحكومة المكلف بموجب قانون ماغنيتسكي.

 

مأزق الدولار الطلابي

ووسط هذا الواقع المعقد، تعقد الجلسة النيابية لإقرار قانون الدولار الطلابي. وحسب المعطيات لن يقر القانون. والمسألة ليست عددية بل سياسية. فبعض القوى تتفهم مصلحة الجامعات والقطاع التعليمي في لبنان، والذي لا يمكن تدميره، بإبقاء سعر الصرف وفق السعر الرسمي. ولكن من وجه آخر لا يمكن تحميل الخسائر للطلاب.

 

لذا يجري العمل على إيجاد صيغة لإبقاء الرسوم المتوجبة على الطلاب وفق سعر الصرف الرسمي، مع تسديد الفرق عبر صيغة يتم التوصل إليها بين مصرف لبنان والمصارف. لكن الأساس العملاني والتطبيقي لذلك لا يبدو واضحاً. وتستمر المشكلة في تفاقمها أكثر فأكثر.

 

وحزب الله من أكثر المتحمسين لإقرار الدولار الطلابي، فيما تعارضه كتل نيابية أخرى. لذا ستكون هناك تبعات في الشارع.

 

رفع الدعم

رفع الدعم، وعدم قدرة مصرف لبنان على استمراره في الدعم، ستبدأ تداعياتهما سريعاً في مطلع السنة الجديدة: مزيد من التحركات الاحتجاجية في الشارع، إلى جانب تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية.

 

وما يجري يؤكد أن البلد ذاهب إلى مسار قاتم: مزيد من التدهور، وتصنيف المجتمع الدولي لبنان دولة فاشلة. وقد يستدعي هذا كله طرحاً دولياً متكاملاً للأزمة اللبنانية.