بدا واضحا أن “اللف والدوران” الحكومي بين عون والحريري ما يزال مستمرا.
الأول لبى رغبة البطريرك الماروني بشارة الراعي بشقها الأول لجهة دعوة الحريري الى قصر بعبدا والاجتماع به لتحريك ملف التأليف، لكنه إنقلب على الشق الثاني المتعلق بالتخلي عن “الثلث المعطل” الذي عاد أمس الى التمسك به إضافة الى مطالبته بالحصول على الحقائب الأمنية والعدلية.
والثاني تمسك بما قدمه في اللقاء رقم 12 من تشكيلة حكومية كاملة بمعادلة (6+6+6) ومن دون ثلث معطل، لكنه فوجئ (بحسب مصادره) بتطورات قلبت الأمور رأسا على عقب، وفرضت عليه أن يبدأ من المربع الأول، بالرغم من شبه التوافق الذي حصل في اللقاء الـ 13 بينه وبين عون حول قواسم مشتركة.
تشير المعلومات الى أن الإيجابية الوحيدة في لقاء أمس الأول كانت في إسقاط الثلث المعطل، وأن الحريري طرح على عون أن تكون تسمية وزير الداخلية مشتركة بينهما، على أن تكون العدل من حصته والدفاع من حصة عون، وقد طلب رئيس الجمهورية من الحريري مهلة للتشاور ودعاه الى التحدث بلغة إيجابية أمام الاعلام وحدد له موعدا الأربعاء (أمس).
وتقول هذه المعلومات: إن جبران باسيل إطلع على مضمون اللقاء، وقد أبدى إنزعاجه من الأجواء الايجابية التي أشاعها الحريري، معتبرا (بحسب مصادره) أنها لا تستند على أي معطى حقيقي وهي تهدف الى إحراج رئيس الجمهورية والضغط عليه للقبول بالصيغ التي يطرحها، لافتة الى أن الحريري لم يتخل عن طروحاته التي لا تحترم وحدة المعايير.
لذلك فقد سبقت دوائر القصر الجمهوري زيارة الحريري ونصحت الاعلاميين علنا بعدم إغراق الناس بالتفاؤل.
وبحسب المعلومات، فإن رسالة القصر التي تضمنت لمسات واضحة لباسيل وصلت الى بيت الوسط، حيث أدرك الحريري النتائج السلبية لإجتماعه الـ 14 مسبقا مع عون الذي عاد الى التمسك بالثلث المعطل، وبحقائب الدفاع والداخلية والعدل في خطوة تهدف الى إمساك باسيل بالقبضة الأمنية والعدلية التي قد تستخدم لتصفية الحسابات السياسية مع الخصوم، والتي من شأنها أن تؤدي الى ما لا يحمد عقباه، خصوصا أن النماذج التي يقدمها التيار البرتقالي على صعيد تسييس القضاء لا تبشر بالخير.
لم يصل لقاء الأمس الى أية نتائج إيجابية، فخرج الحريري ناعيا الجهود الحكومية لهذه السنة، ومؤكدا سعيه مع رئيس الجمهورية الى تشكيل حكومة إختصاصيين، موجها سهامة الى باسيل من دون أن يسميه، ما فتح حربا بين مصادر بيت الوسط ومصادر باسيل اللتين تبادلتا الاتهامات حول التعطيل، وقد أعطت مصادر باسيل إشارات واضحة الى أن رئيس التيار الوطني الحر يعمل كل ما بوسعه لتفشيل مهمة الحريري ويرفض ترؤسه للحكومة، وهي أكدت أن “الرئيس المكلف غير قادر على تشكيل حكومة قوية ومتجانسة”.
يمكن القول، إن ما نتج عن الاجتماع الـ14 أمس سيؤدي حتما الى رفع منسوب الخلافات والنكايات بين الحريري وباسيل، ما قد يتطلب مبادرة جديدة.
وفي هذا الاطار، تقول مصادر مواكبة: “طالما أن الرئيس عون يتصرف مع الحريري كطرف سياسي، وطالما أن الحريري يؤلف الحكومة على قاعدة النكاية لباسيل، فإنه لن يكون هناك “تأليف ولا من يحزنون” وليحزم اللبنانيون حقائبهم للتوجه الى جهنم”.