كتب فراس الشوفي في “الأخبار”: فجّر حادث فردي إشكالاً بين لبنانيين وسوريين، انتهى بإحراق مخيم النازحين في بحنين المنية، فيما يبدو نشاط إعادة السوريين إلى ديارهم معلّقاً على الأزمة الحكومية اللبنانية، والمحاولات الغربية المستمرة لعرقلة العودة. من يضمن عدم انتقال التوتّرات الأهلية بين السوريين واللبنانيين من منطقة إلى أخرى مع تعاظم الانهيار الاقتصادي وضعف الدولة؟
تبعث الصُّوَرُ الآتية من مخيّم النازحين السوريين في بلدة بحنّين – المنية، توقّعاً مظلماً للمقبل من الأيام، في مسار أزمة النزوح السوري إلى لبنان، يُضاف إلى سلسلة المسارات الخطرة التي يدخل فيها البلد، ولا تقود إلّا إلى الفوضى الأهليّة.
ليل أوّل من أمس، اندلع إشكالٌ فردي، بحسب رواية الأجهزة الأمنية، بين شخصين أحدهما من آل المير وآخر من آل شاكر، وبين بعض سكّان المخّيم المعروف بـ«009»، بسبب كلامٍ نابٍ وجّهه الشابان إلى فتاة، وأطلقا بعدها النيران في الهواء من مسدّس ورشاش حربي داخل المخيّم. لم يمرّ وقت طويل، حتى تطور الإشكال مع حضور آخرين لدعم الشابين، فبدأ الأمر بإحراق خيمتين للنازحين، ليأتي الحريق على كامل المخيّم… وفي أقل من نصف ساعة، خسر 470 شخصاً من 93 عائلة خيامهم الأخيرة، وصارت سقوف الحديد وألواح الخشب والنايلون رماداً، بعد أن التهمتها النيران أمام أعينهم، والتهمت معها ملابسهم وبقايا ذكرياتهم. «خرجوا من غير أن يتمكّنوا من الفرار إلّا بأوراقهم الثبوتية»، على ما يؤكّد المشرف العام على خطّة الاستجابة لأزمة النازحين السوريين في وزارة الشؤون الاجتماعية عاصم أبو علي.
بالطبع، خلفيات الإشكال أبعد من خلافٍ على فتاةٍ، ولو أن هذا الحادث العابر قد فجّر مأساةً. بل تعود جذوره إلى خلافات دائمة بين بعض أصحاب الأراضي والمشاريع الزراعية، وبين النازحين الذين اعتادوا العمل فيها منذ سنوات. فغالبية سكّان المخيّم ينحدرون من منطقة الجزيرة، من الحسكة والقامشلي، وبعض العائلات ينحدر من حمص. لكنّ أغلبهم يمتهنون الزراعة ويعملون فيها، مذ ولدوا على ضفاف نهر الفرات. وهو ليس مخيّماً بالمعنى الرسمي أو تابعاً لـ«الأمم»، بل أرض تعود ملكيتها لمحمود دنيا، أحد أبناء المنية، وكل عائلة تسدد إيجاراً «معقولاً» شهرياً بدل الخيمة، من فتات الأموال التي باتت تدفعها مفوضية اللاجئين هذه الأيام، ومن العمل في الزراعة في أكثر من مشروع، من بينها مشاريع لأشخاص من آل المير.
وعلى ما يقول أكثر من مصدر محلّي ومن النازحين، فإن لـ«النازحين دفعات مالية في ذِمَّة المعتدين، لم يدفعوها لهم لقاء عملهم في الأرض»، وأن هذا الأمر يتكرّر دائماً، و«كان دائماً محمود دنيا يدخل في الصلحة، لكن هذه المرّة الأمور خرجت عن السيطرة».
حتى ليل أمس، كانت الأجهزة الأمنية واستخبارات الجيش قد أوقفت اثنين من المشتبه فيهم بافتعال الحريق، على أن تستكمل عملها اليوم لتوقيف الباقين ومطلقي النيران. كما أوقفت ستّة نازحين سوريين من المخيم، إلّا أن المصادر الأمنية تؤكّد أن «السوريين يخضعون للتحقيق لتبيان ما حصل ولم يتمّ توقيفهم بالمعنى الفعلي».
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.