تُشير الوقائع والمعطيات المتوفرة لـ”نداء الوطن” إلى أنّ مجرّد فتح “مغارة” الكهرباء فهذا أمر جيّد، سيما وأنّ ملفّ الكهرباء وليس فقط الفيول، يُعتبر بالحدّ الأدنى ملكاً لفريق محدّد من “السلالة الحاكمة” الذي كان يُمنع الإقتراب منه.
كذلك، فإنّ مجرّد تشكيل اللجنة هو تحدّ يتطلّب الجدّية في العمل والمساءلة، بعدما تدرّج المطلب من لجنة تحقيق برلمانية وِفق إقتراح عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد خواجة، إلى لجنة تقصّي حقائق ربما تكون أو تُشكّل مدخلاً للوصول إلى لجنة التحقيق.
فلجنة الأشغال العامة كان أمامها ملفّ دسم من قبل دائرة المناقصات والمديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة، وبالتالي فإنّ لجنة التقصّي ستُدقّق بداتا المعلومات الموجودة لدى إدارة المناقصات ولدى وزارة الطاقة، سيّما وأنّها تشكّلت بعد مواجهة مباشرة بين الطرفين تحت قبة البرلمان وضمن المؤسسات، بعدما سبقتها مواجهة إعلامية بينهما.
وستُدقق اللجنة في ما إذا كانت الأمور عبارة عن إختلاف في وجهات النظر، أم أنّ هناك مخالفات قانونية، كما أنّ اللجنة ستتجاوز في مهمّتها ملفّ الفيول لتصل إلى ملفّ الكهرباء برمّته كسلعة تهمّ اللبنانيين وما زالت مفقودة بعدما صُرف عليها مليارات الدولارات.
لم يتمّ تحديد سقف زمني لعمل اللجنة نظراً لحجم الملفّ، ولكن لا يُمكن أن تكون الأمور مفتوحة إلى ما لا نهاية، فما يتوفّر للجنة سيُرفع تسلسلاً إلى لجنة الأشغال العامة التي إنبثقت منها، ثمّ إلى الهيئة العامة لمجلس النواب التي يعود لها القرار الحاسم.
ليس هناك من خطوط حمر في فتح الملفّات، فلتفتح جميعها طالما الكلّ يتّهم الكلّ، ومطلب لجنة التحقيق البرلمانية ما زال على الطاولة وستتمّ العودة إليه في حال عدم التجاوب مع لجنة التقصّي.
ولجنة التقصّي التي تضمّ تنوّعاً نيابياً لمختلف الكتل والقوى الموجودة في البرلمان، يفترض أن تبدأ عملها بداية العام الجديد، وتضع خريطة طريق لها للإنطلاق منها.
وعلمت “نداء الوطن” أنّ ما قدمه وزير الطاقة حول المفاوضات مع العراق بشأن تأمين مادة الفيول ربّما يُنهي هذا الملفّ، في حال وصلت الأمور إلى نهايات سعيدة، لأنّ مسألة الإستيراد من دولة إلى دولة يُسقط الحاجة إلى المناقصات.
لكنّ هذه الفرضية ليست محسومة، لأنّ هناك ثلاثة أنواع من الفيول التي يحتاجها لبنان نظراً لطبيعة المعامل وهي: فيول أويل أ، فيول أويل ب والغاز أويل، وعليه ربّما ليست متوفرة جميعها من مصدر واحد.
لكنّ الثابت بالنسبة لما فُتح من هذه “المغارة” أنه بات هناك شبه إجماع على أنّ كلّ مناقصات الدولة يجب أن تمرّ عبر إدارة المناقصات التي يُجيز لها قانون المحاسبة العمومية التدقيق في دفاتر الشروط لأيّ مناقصة في إدارات ووزارات ومؤسسات الدولة.
في الخلاصة، جرى التدرّج من مطلب لجنة التحقيق إلى لجنة التقصّي لتسهيل وسرعة العمل، لأن لجنة التحقيق البرلمانية تحتاج إلى قرار من الهيئة العامة لمجلس النواب وإلى آلية تأخذ وقتاً أطول، لكنها ما زالت مطلباً مطروحاً طالما حرب الملفّات تسير على قدم وساق.
واللجنة مؤلّفة من رئيس لجنة الأشغال النائب نزيه نجم رئيساً والنواب: حكمت ديب، جهاد الصمد، جوزيف إسحاق، حسين الحاج حسن، فريد هيكل الخازن، سيزار أبي خليل، فيصل الصايغ، محمد الحجّار ومحمد خواجة.