الناقورة خطفت الأنظار عام 2020… لبنان يتمسّك بحقه وإسرائيل توارب

31 ديسمبر 2020
الناقورة خطفت الأنظار عام 2020… لبنان يتمسّك بحقه وإسرائيل توارب

كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن” لا موعد محدداً بعد للجلسة الخامسة من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. الواضح أن هذه المفاوضات رحّلت الى ما بعد تسلّم الادارة الاميركية الجديدة ومعرفة ما إذا كان سيستمر العمل مع الفريق ذاته، أم أن الأمر سيخضع للتغيير. وحتى جلاء الصورة أميركياً يتمسك لبنان بكامل حقه في كل شبر من حدوده البحرية، من دون تراجع أو محاولة الخضوع لأي ضغط من أي جهة كانت.

وفي تقييم أولي، تؤكد مصادر معنية أن الجلسات الأربع من المفاوضات التي سبق وعقدت كانت في غاية التعقيد بحيث لم تخرج بأي نقطة توافق مشتركة بين الوفدين اللبناني والاسرائيلي. والارجح أن الجلسة الخامسة التي كان مقرراً عقدها عن بعد أرجئت هي الأخرى من دون تحديد موعد جديد لانعقادها.

وكانت أولى جلسات التفاوض انطلقت في 14 تشرين الأول الماضي، في رأس الناقورة، بحضور مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، خصصت للتعارف بين الوفدين المفاوضين، وفي 28 منه، انطلقت الجولة الثانية، بعد تأجيلها لمدة 48 ساعة بناء على طلب أميركي. وحمل الوفد اللبناني الى طاولة المفاوضات خرائط ووثائق تبرز نقاط الخلاف في المنطقة البحرية المتنازع عليها، وركز على انطلاق مسار ترسيم الحدود البحرية من النقطة “B1” في رأس الناقورة، ما يؤدي إلى ترسيم الحدود البرية والبحرية. وفي 11 تشرين الثاني، عُقدت الجلسة الثالثة فيما أجّلت الجلسة الرابعة للمفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بينهما مرتين متتاليتين، بحجة إجراء الاتصالات اللازمة لتحريك الأمور وعدم بقائها تدور في الحلقة المفرغة ذاتها. اربع جلسات انتهت الى نتيجة صفر بعد نشوب الخلاف بين لبنان وإسرائيل حول المساحة البحرية المستحقة للبنان في المياه الإقليمية، ورفض إسرائيل لنقطة الترسيم الجديدة التي طرحها الوفد اللبناني والتي تعطي لبنان، بناء على خط بصبوص الرابع، مساحات بحرية زائدة تقدر بـ1430 كلم عدا الـ 865 كلم² التي كان متنازعاً عليها.

إصرار أميركي على الترسيم

وفي محاولة للحل، جال رئيس الوفد الأميركي الوسيط في المفاوضات غير المباشرة السفير جون ديروشير ترافقه السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، على كل من رئيس الجمهورية ميشال عون وقائد الجيش العماد جوزف عون ورئيس الوفد اللبناني المفاوض العميد الركن بسام ياسين، إضافة إلى أعضاء الوفد من دون تسجيل جديد.

وفي 22 الجاري أعادت أميركا تحريك جهودها وأعلن مايك بومبيو استعداد بلاده “للتوسّط في مناقشات بنّاءة بين لبنان وإسرائيل بشأن حدودهما البحرية، وحثّ كلا الجانبين على مواصلة المفاوضات على أساس الادعاءات الخاصة بكل منهما والتي أودعاها في السابق لدى الأمم المتّحدة”. ورحب لبنان على لسان وزير الخارجية اللبنانية شربل وهبة “بالدور الأميركي كوسيط في المفاوضات غير المباشرة للتوصّل إلى ترسيم الحدود البحرية، لكنه نفى أن يكون لبنان أودع الأمم المتّحدة أي خرائط سوى خرائط الحدود البرية التي وضعت في العام 1922”.

وكانت الادارة الاميركية برئاسة دونالد ترامب كثفت مساعيها لاستئناف المفاوضات اللبنانية الاسرائيلية حول ترسيم الحدود. وأعادت تحريك الملف مجدداً من خلال زيارة وزير الخارجية مايك بومبيو إلى لبنان في آذار 2019، حاملاً عرضاً باستئناف المفاوضات قَبِله لبنان الذي شرّع أبوابه بعد ثلاثة اشهر لزيارات مكوكية لمساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى دايفيد ساترفيلد بين لبنان واسرائيل، محققاً الخطوط العريضة للاتفاق المبدئي قبل ان يصار الى تعيينه سفيراً لبلاده في تركيا وتسليم مهمته الى خلفه دايفيد شينكر، لتنتهي بذلك فترة ثماني سنوات من الاخذ والرد والشروط والشروط المضادة اتسمت بموقف لبناني صلب، عبر عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري بقوله للموفد الاميركي ان لبنان لن يفرط ولو بمقدار كوب ماء من حقه في مياهه الاقليمية.

إعلان إتفاق الإطار

كان واضحاً اصرار ادارة دونالد ترامب على تحقيق خرق في الملف على ابواب الانتخابات الرئاسية الاميركية وأمنت بالفعل انطلاق هذه المفاوضات في احتفالية توزعت بين لبنان واميركا واسرائيل. وفي 6 آب 2020، اعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أن “المحادثات مع الأميركيين في ملف ترسيم الحدود الجنوبية أصبحت في خواتيمها”. جاء هذا الاعلان نتيجة محادثات انطلقت منذ العام 2018 مع الجانب الأميركي حول آلية التفاوض مع إسرائيل. وفي الاول من تشرين الاول 2020 أعلن بري في مؤتمر صحافي الإطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في جنوب لبنان، لينتهي بذلك دور رئيس مجلس النواب ويتحول الملف الى عهدة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. واستند نص الاعلان الذي وضعته الإدارة الاميركية إلى التجربة الإيجابية للآلية الثلاثية الموجودة منذ تفاهمات نيسان 1996، وحالياً بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1701، التي حققت تقدماً في مجال القرارات حول الخط الأزرق.

وفي ما يخص مسألة الحدود البحرية إتُفق على عقد اجتماعات متواصلة في مقر الأمم المتحدة في الناقورة تحت راية الأمم المتحدة، وبرعاية فريق المنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان، وان ممثلي الولايات المتحدة والمنسق الخاص للأمم المتحدة لشؤون لبنان مستعدان لإعداد محاضر الاجتماعات بصورة مشتركة، التي ستوقّع من قبلهما وتقدم الى إسرائيل ولبنان للتوقيع عليها في نهاية كل اجتماع.

وطُلب من الولايات المتحدة، من قبل الطرفين (إسرائيل ولبنان)، أن تعمل كوسيط ومسهّل لترسيم الحدود البحرية الإسرائيلية – اللبنانية، وهي أبدت استعدادها لذلك. وحين يتم التوافق على الترسيم في نهاية المطاف، سيتم إيداع اتفاق ترسيم الحدود البحرية لدى الأمم المتحدة عملاً بالقانون الدولي والمعاهدات والممارسات الدولية ذات الصلة.

وفور الاعلان عن الاتفاق صدرت تصريحات مرحبة تؤكّد وجود تنسيق مسبق مع الجانب الأميركي و”اليونيفيل” واتفاق على الإعلان الرسمي، ويفسّر تقاطع المصالح بين الأطراف الثلاثة: لبنان، الذي يريد استرجاع حقوقه كاملة والاستفادة من ثروته النفطية على الحدود الجنوبية. اسرائيل تريد إقفال هذا الملف بعدما تعذّر عليها فرض شروطها بالقوة، والولايات المتحدة، وتحديداً الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يريد أن يقدّم هذا الإعلان كواحد من إنجازات السلام في المنطقة.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، عن ترحيب بلاده “بقرار حكومتي إسرائيل ولبنان”، مشيراً الى أن “هذه الاتفاقية التاريخية بين الجانبين توسطت فيها الولايات المتحدة، وهي نتيجة ما يقرب من ثلاث سنوات من المشاركة الدبلوماسية المكثفة”. وحصر بومبيو الاتفاق بالجانب البحري من الحدود، قبل أن يختم تصريحه بالحديث عن تطلع بلاده إلى المشاورات “المنفصلة، على مستوى الخبراء، بشأن الأمور العالقة المرتبطة بالخط الأزرق، والتي تعد بخطوة إضافية نحو الاستقرارالإقليمي”، فيما أكد مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد شنكر، أن “هذا الاتفاق التاريخي سيساعد في حل المشكلة النهائية في لبنان”. كما رحبت قوات “اليونيفيل” بهذه الخطوة، وأبدت استعدادها لتقديم كل ما يلزم من دعم لإنجاز هذه الاتفاقات.

لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا