شكّلت الضربة الأميركية في العراق، والتي أودت بحياة قائد فيلق القدس قاسم سليماني، نوعاً من الدفع في لبنان، نحو الاسراع في تشكيل الحكومة لمواجهة التداعيات المتسارعة في المنطقة والعمل على تحصين لبنان في مواجهتها. هذا فضلاً عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي باتت تتراجع بشكل كبير ما ينذر حتماً بانفجار كبير في الشارع.
مقتل سليماني وتشكيل الحكومة
وفي هذا الاطار، توقفت مصادر سياسية عند التطورات التي تتمثل في اغتيال قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني، قاسم سليماني، في العراق، لتطرح أسئلة عما إذا كان لبنان قد دخل مرحلة جديدة تستدعي تشكيل حكومة قادرة على اتخاذ قرارات سياسية، معتبرة أن هناك ضرورة لتشكيل حكومة وفاق وطني تستطيع اتخاذ قرارات في ظل التطورات الداخلية والخارجية، مستبعدة أن تكون حكومة الاختصاصيين قادرة على اتخاذ قرارات في ظل “غياب أركان سياسية مهمة، مثل تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وحزب الكتائب، عنها، فيما الحاجة اليوم إلى حكومة تضامن وطني، وليس حكومة لون واحد، لتستحوذ على تغطية لأي قرار سياسي قد تتخذه”.
وقالت المصادر لـ”الشرق الأوسط” إن التطورات الإقليمية قد يكون لها تداعيات على الوضع الداخلي، ناقلة عن مصادر أوروبية قولها إنه “لا خطوط حمر لدى الأميركيين فيما يتعلق بجهود منع إيران من تمديد نفوذها السياسي والأمني خارج حدودها”، وإن اغتيال سليماني “يمثل رسالة في هذا الاتجاه”.
ورأت المصادر أن الاستجابة الأميركية العملية “تطبق ما كان قد حذر منه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لدى زيارته إلى بيروت، ورسالة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، مما يزيد من الحاجة إلى التشديد على النأي بالنفس، وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، وعدم استخدامه كعنصر لتهديد استقرار الدول”.
الاتصالات الحكومية مستمرة
يواصل الرئيس المكلف حسان دياب واصل لتذليل العقد الحكومية، وكان آخر هذه اللقاءات اللقاء المطوّل مع الخليلين، أي الوزير علي حسن خليل والحاج حسن الخليل، بهدف اطلاعهما على نتائج اللقاء الذي عقده مع الوزير جبران باسيل الخميس، والذي وصف بالايجابي، لجهة تذليل بعض العقد امام التمثيل المسيحي، فيما بقيت عقد اخرى تتصل ايضا بالتمثيل الدرزي، حيث عُلم ان الحزب التقدمي الاشتراكي رفض عرض حقيبتي البيئة والتنمية الادارية بعدما كان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قد طلب حقيبة وازنة كالاشغال او الصناعة. وعليه توقعت المصادر المتابعة معالجة هذه العقدة العالقة خلال عطلة نهاية الاسبوع على امل صدور التشكيلة النهائية الاسبوع المقبل.
ويبدو ان لقاء الرئيس دياب بالخليلين كان في جزء منه للبحث في معالجة التمثيل الدرزي من حيث امكانية تبديل بعض الحقائب بين القوى السياسية وبين الطوائف.
وفي المعلومات لـ”النهار” ان اللقاء الليلي أول من أمس بين الرئيس المكلف والخليلين، تخلله حسم حقائب الطائفة الشيعية، التي صارت خمساً بعدما تقرر دمج السياحة بالزراعة وايلاؤها لشخصية من البقاع من المرجح ان تكون سيدة ، اضافة الى حقيبة المال التي ستسند الى غازي وزني من الجنوب، وحقيبة الصحة الى طبيب من البقاع هو علي حيدر، الى حقيبة الصناعة التي تقرر إسنادها إلى عبدالحليم فضل الله من الجنوب . واتفق على ان يتسلم دياب لائحة نهائية بالمرشحين الشيعة الأربعة اليوم. كما اتفق على ان يسلم “تيار المردة” اسمي سيدتين ليختار الرئيس المكلف احداهما وزيرة للأشغال العامة والنقل، الا ان قيادة “المردة” لم تكن سلمت أي اسم حتى أمس، وهي تنتقد طريقة التأليف، وتعتبر ان الحكومة هي تشكيلة جبران باسيل.
ولا تزال العقد الداخلية تحول دون إعلان تشكيل الحكومة، إذ تحدثت مصادر مواكبة لـ”الشرق الأوسط” عن أن وزير الخارجية جبران باسيل اعترض على توزير وزير الداخلية الأسبق زياد بارود، والوزير الأسبق دميانوس قطار، علماً بأن الأخير كان أحد الأسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية.
وقالت المصادر إن “حزب الله” ينشط مع الرئيس عون على تذليل هذه العقبات، مرجعة رفض باسيل لهذين الاسمين إلى حسابات سياسية مرتبطة بالطموحات الرئاسية. وأضافت المصادر أن العمل يجري الآن لمنع “هيمنة باسيل على الحكومة” بالنظر إلى أن “الرئيس المكلف يرفض أن تكون الحكومة رهينة لباسيل، والمفروض تحريرها من تلك الهيمنة”، لذلك يجري العمل على أن يكون التمثيل المسيحي فيها متوازناً.
وأشارت المصادر إلى أن العقدة الدرزية اصطدمت بعروض لمنح الطائفة حقيبتين يحملهما وزير واحد، من ضمنها حقيبة “الشؤون الاجتماعية” و”المهجرين” و”البيئة”، وهو ما لم يجر البتّ به بعد.
الحكومة الثلاثاء
وبحسب “النهار” وتوقّع بعض العاملين على خط مشاورات التأليف صدور مراسيم التشكيلة الحكومية الثلثاء بعد عطلة اثنين الميلاد لدى الطوائف الأرمنية الارثوذكسية. وقد انجز الرئيس المكلف حسان دياب التشكيلة الى حد كبير، ولم يبق الا ملء بعض الحقائب بالاسماء التي سيرسو عليها الاختيار، بعدما وزعت الحقائب على الطوائف وبعدما طلب من كل كتلة ان تقدم لائحة بمرشحيها ليختار منها الرئيس المكلف بعد إجرائه مقابلات مع كل من هؤلاء. ولم يبق عالقاً الا اختيار المرشح لوزارة الخارجية، بعدما استُبعد دميانوس قطار بناء على رغبة الوزير جبران باسيل، واختيار المرشح أو المرشحة لكل من وزارتي الدفاع والعدل في حصة رئيس الجمهورية .
وتفيد المعلومات أيضاً، أن حزب الطاشناق سمى مرشحته لحقيبتي الاعلام والثقافة، وهي فارتيه اوهانيان.
وباتت، التشكيلة الوزارية خالية من الوجوه الوزارية السابقة، وحتى من المرشحين في الانتخابات النيابية السابقة، وقد رست على 18 وزيراً كما يريدها الرئيس المكلف ولم ينجح باسيل إقناعه برفعه العدد الى 20، وهي تخضع للمسات النهائية بدمج وزارات وغربلة اسماء خصوصاً في الحصة المسيحية. وعلم ان دياب يريد فيها ست نساء ليكن ثلث اعضائها.
وفهم ان الاسم الذي طرحه باسيل للخارجية هو السفير ناصيف حتي، وان اتفاق باسيل مع الرئيس المكلف على اسم امرأة لوزارة الدفاع ، وتثبيت نيابة رئاسة الوزراء لها او لشخصية اخرى، ينتظر موافقة رئيس الجمهورية الذي قد يجد نفسه امام خيار اللواء المتقاعد ميشال منسى في حال التوافق عليه. كما يفترض ان يبت بين ثلاثة مرشحين لوزارة العدل هم امل حداد وماري كلود نجم وهنري خوري، وعلم انه يفضل خوري على غيره. ومن الاسماء التي عرفت ايضاً فيليب زيادة لوزارة الطاقة، وبترا خوري للعمل او الاقتصاد، وفِي هذه الحال تسند وزارة العمل الى أمل حداد،وزارة البيئة الى ومنال مسلم كاثوليكية من زحلة. وذكر أن الرئيس المكلف، الذي اجتمع مجدداً مع باسيل ليل أمس، لن يفاجئ الرأي العام بإعلان التشكيلة اليوم، بل يخصص عطلة نهاية هذا الاسبوع للقاءات مع المرشحين ليغربل الاسماء ويحسمها وأصبحت في الخطوط العريضة لعمل الحكومة.
وفيما تشير معلومات الى وضع “تيار المستقبل” فيتو على توزير القاضي فوزي ادهم في الداخلية، وطرح اسم آخر مكانه هو طلال اللاذقي، أكدت المصادر المطلعة على مشاورات الرئيس المكلف ان الحصة السنية انجزت قبل غيرها وباتت نهائية ولن تتغير، وذلك بإسناد الداخلية الى ادهم (من بيروت)، والاتصالات الى عثمان سلطان خبير اتصالات من طرابلس وهو مرشح “اللقاء التشاوري” السني، والتربية الى طارق مجذوب من صيدا.
وأوضحت المصادر ان الحصة الدرزية رست على حقيبتي المهجرين والشؤون الاجتماعية وقد ضمّ ملف النازحين اليها، وحسم المقعد للطبيب رمزي مشرفيه.
حزب الله مستعجل
وفي هذا الاطار، أبلغ وزير سابق “النهار” ان حزب الله قد يرغب في تسريع وتيرة الحكومة لان التأخير الطويل الامد ربما حوّل الانتفاضة التي تراجعت في الايام الاخيرة، ثورة جياع، تطيح كل ما انجز سابقا، وتصير عصية على السيطرة، وتعم من خلالها الفوضى المسيئة الى الحزب.
ومن المتوقع، استناداً الى الوزير السابق نفسه، ان يتطرق الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، خلال كلمة تأبين لسليماني بعد ظهر غد، الى الملف الحكومي باشارات ايجابية من غير ان يخوض في التفاصيل.