كتب جورج شاهين في صحيفة “الجمهورية” تحت عنوان “إغتيال سليماني يخدم الولادة الحكومية أم يعوقها؟”: “رسمَت عملية اغتيال قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني حداً بين ما قبلها وما بعدها. فالجميع معنيون بالعملية من محور الممانعة الى الخصوم. وعلى ما سيكون عليه الرد الإيراني و”حزب الله” ترتسم سيناريوهات قليلة لِما هو مرتقب في المستقبل. ونظراً الى ما يوجد من شَبه بين أزمتَي لبنان والعراق، طرح السؤال كيف ستنعكس العملية على مصير الحكومة اللبنانية العتيدة سلباً أم ايجاباً؟
قلبت العملية التي نفذتها القوات الأميركية فجر أمس في مطار بغداد، والتي انتهت باغتيال سليماني ونائب رئيس “الحشد الشعبي” العراقي أبو مهدي المهندس الصورة في المشهد العسكري والسياسي، ليس في العراق فحسب إنما في المنطقة من أقصى الخليج العربي الى مضيق باب المندب حتى شاطىء البحر المتوسط، وبكل المقاييس المُتعارف عليها في المواجهة المفتوحة بين واشنطن وطهران وحلفائهما وعلى مختلف الساحات المشتركة.
قبل ان يؤدي الإعلان عن العملية ونتائجها وتبنّيها من جانب الولايات المتحدة الأميركية واعتبارها عملية سيادية قادها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأشرفَ عليها، كان العالم يرصد ردّات الفعل على العملية الجوية الواسعة التي استهدفت خمسة من اكبر مراكز “الحشد الشعبي” ومقتل عدد من قادته في عمق العراق وعلى الحدود السورية. كما بالنسبة الى ردات الفعل في محيط السفارة الأميركية في بغداد، وسط ذهول ديبلوماسي أقلق كثيراً من المراقبين للتطورات في المنطقة.
ولعل أبرز ما توقفت عنده المصادر الديبلوماسية الغربية في بيروت الاعلان الأميركي الفوري عن تبنّي العملية، التي أعادت التذكير بتلك التي قامت بها واشنطن عند اغتيال زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن فجر يوم الإثنين في 2 آذار العام 2011 في بلدة أبوت آباد قرب العاصمة الباكستانية إسلام أباد، وهو ما يعني انّ هناك قراراً تنفيذياً رئاسياً اتّخِذ على أعلى المستويات بتنفيذ العملية.
وقالت هذه المصادر انّ العملية في شكلها ومضمونها وتوقيتها شكّلت عنواناً للتوجهات السياسية والعسكرية الأميركية الجديدة في المنطقة، والتي يمكن الإشارة اليها ببعض العناصر على سبيل المثال لا الحصر، ومنها:
– انّ العملية تؤكد انّ قرار انسحاب واشنطن من سوريا والعراق خدعة لم يكن يجب أن تنطلي على أحد، وانّ ما جرى لا يعدو كونه عملية توزيع أدوار ترجمة لتفاهمات أميركية – تركية ولم تَغب موسكو في جزء كبير منها.
– انّ إصرار الولايات المتحدة على البقاء في شمال سوريا حيث آبار النفط وفي مخيم التنف في الجنوب لم يعد عرضة للنقاش، مهما تحدثت السيناريوهات عن إخلاء المنطقة لموسكو او لطهران. فهاتان المنطقتان تسمحان لها بمراقبة خط بغداد ـ دمشق ـ بيروت والتحكم بالحركة القائمة على المعابر الدولية، ولاسيما بوابة البوكمال وما فتح من معابر على جانبيها كما بالنسبة الى خط بغداد ـ عمان عبر البوابات الشرعية بين البلدين.
– الإنزال الأميركي بـ3 كتائب من المارينز (750 ضابطاً وجندياً)، ضمن حرم السفارة الأميركية في قلب المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية، قرار كبير لم تُقدم عليه واشنطن من اجل المناورة، بل من اجل الإستغناء عن الأمن العراقي في محيطها بعدما توسّعت طلعات الطائرات المروحية والاستكشافية الأميركية في محيطها الآمن وصولاً الى حرم مطار بغداد الدولي حيث نفّذت العملية ضد الموكب العراقي – الإيراني.
وعَدا عن هذه الملاحظات تجدر الإشارة، وبعيداً من الغوص في كثير من التحليلات، الى انّ العملية الأميركية شكلت رسالة مدوية تتلاقى في منحى منها مع التوجهات العراقية التي عبّر عنها الرئيس العراقي برهم صالح، الذي هدّد بالاستقالة جرّاء ترشيح أحد القادة الموالين لإيران من أجل تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. وهو أمر أوحى بسَعي عراقي ينشد سياسة “النأي بالنفس” تجاه الدور الإيراني المتمادي في العراق، والسعي الى وجود رئيس حكومة مستقلّ عن الانقسامات العراقية الداخلية.
ومن هذه الزاوية بالذات يتطلّع المراقبون الديبلوماسيون الى مسعى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة الدكتور حسان دياب. وعلى رغم كل الفوارق التي تميّز الأزمة اللبنانية عن العراقية، فهناك خيط رفيع يقود الى الربط بين التجربتين جرّاء ما بلغه النزاع الأميركي – الإيراني في المنطقة والعالم. وهو أمر ينعكس، شاء من شاء وأبى من أبى، على كل ما يحوط بالتركيبة الحكومية الجديدة في البلدين.
وعليه، طرحت مجموعة من الأسئلة المشروعة حول انعكاس ما يجري في العراق على لبنان، فانقسمت الآراء على نقيضين لا هامش لِما يمكن اعتباره رمادياً بينهما. وفي الحسابات الديبلوماسية انّ المساعي المبذولة لتشكيل الحكومة يمكن ان تتأثر بما جرى هناك وردّات الفعل المحتملة على الساحة اللبنانية”.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.