أراد نصر الله في خطابه أن يستنفر كل طاقات محور المقاومة، فاصلاً بين رد دول وفصائل وأحزاب المحور وبين رد إيران، وقال” الشهيد سليماني كما هو شهيد إيران، هو أيضاً شهيد العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين وأفغانستان”. ولذلك، فتح نصر الله سجل الانتصارات على أميركا، مذكّراً بأن “الاستشهاديين الذين أخرجوا أميركا من منطقتنا في السابق موجودون وأكثر بكثير من السابق، وهم اليوم شعوب وقوى وفصائل وجيوش تملك إمكانات هائلة، وسيخرج الأميركيون مذلولين ومرعوبين كما خرجوا في السابق”.
نصرالله يعلن نفسه ‘رأس حربة’ في مواجهة الوجود العسكري الأميركي
رسم الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله معالم المرحلة المقبلة، انطلاقاً من ثابتة أن المنطقة بعد الثاني من كانون الثاني لن تكون كما قبله. هو تاريخ فاصل لبداية مرحلة جديدة وتاريخ جديد لكل المنطقة. بشكل مباشر وبما لا يحتمل الشك، قال إن الرد على جريمة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس هو إنهاء الوجود الأميركي في المنطقة.
“هذا هو القصاص العادل”، بحسب نصر الله، لأنه “لا يوجد أي شخصية في موازاة قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس”. باختصار، قال إن “حذاء قاسم سليماني يساوي رأس ترامب وكل القيادة الأميركية”. وعليه، فقد أعلن أن كل القواعد العسكرية والبوارج العسكرية الأميركية وكل ضابط وجندي أميركي على أرضنا وفي منطقتنا هي أهداف مشروعة للرد على جريمة الاغتيال، كون الجيش الأميركي هو من قتل وهو من سيدفع الثمن حصراً.
كي لا يساء فهم الرسالة، أوضح نصرالله أن “لا مشكلة مع الشعب الأميركي والمواطنين الأميركيين الموجودين على امتداد منطقتنا، فهناك مواطنون أميركيون لا ينبغي المس بهم لأن ذلك يخدم سياسة ترامب ويجعل المعركة مع الإرهاب. فالمعركة والمواجهة والقصاص العادل للذين نفذوا، وهم مؤسسة الجيش الأميركي الذي ارتكب هذه الجريمة والقصاص يكون ضده في منطقتنا”.
ولمزيد من التوضيح، قال إن “الجنود سيعودون في النعوش، سيعودون أفقياً بعدما جاؤوا عمودياً”. أضاف: “عندما تبدأ نعوش الجنود والضباط الأميركيين بالعودة إلى الولايات المتحدة، ستدرك إدارة ترامب أنها خسرت المنطقة وخسرت الانتخابات”.
لم يضع نصر الله رسالته في إطار الثأر. الوجهة الأساس تبقى فلسطين. وهو اعتبر أنه “إذا تحقق هدف إخراج القوات الأميركية من منطقتنا، فسيصبح تحرير القدس على مرمى حجر وقد لا نحتاج إلى معركة مع إسرائيل، وعندها سيكتشف ترامب الجاهل ومن معه من الحمقى مدى غباء فعلتهم وأنهم لا يعرفون ماذا فعلوا، والأيام ستكشف لهم”.
إذاً، وبكل وضوح أعلن نصرالله حرب مقاومة ضد الوجود الأميركي في المنطقة، وهو بذلك أعلن نفسه “رأس حربة” في هذه المقاومة، التي تشمل لبنان وفلسطين والعراق واليمن وسوريا وأفغانستان، وهو بهذا الإعلان، أي إعلان حرب جهادية ضد الجيش الأميركي، أينما وجد، يكون قد أسس لحركة جهاد جديدة غير محدّدة الأطر في حرب طويلة ستكون نتائجها الواضحة إخراج الجنود الأميركيين من المنطقة في نعوش، رابطًا ما سيحصل بما حصل في الماضي عندما أستهدف “حزب الله”، وكان في بداياته، قوات “المارينز” في لبنان، في عملية أجبرت الأميركيين على الإنسحاب من لبنان.
فماذا ستكون ردّة فعل الإدارة الأميركية على كلام نصرالله، وكيف ستتعامل مع التهديدات التي أطلقها ضد الوجود الأميركي في المنطقة، الأمر الذي سيفرض عليها إتخاذ كل ما يمكن إتخاذه من إجراءات لحماية جنودها حتى في دول الخليج، مما يؤشرّ إلى مرحلة جديدة من التخاطب بلغة الإستهدافات المباشرة، وهذا الواقع سيفرض نفسه على التطورات الميدانية في المنطقة، وبالأخص في العراق، حيث من المتوقع أن تشهد ساحته أم المواجهات، في ظل الوضع المتأزم فيه، مع ما يمكن أن يكون عليه الوضع الجديد في الإقليم من تجاذبات سيكون لها تأثير مباشر على مجمل الوضع في المنطقة.