ويتابع المرجع ذاته: في سياق العمل على الحكومة الجديدة تم تجاهل مطالب غالبية الشعب، ومعهم قوى سياسية وازنة، وكانت المطالب محصورة بتأليف حكومة متخصصين لا تتمثل فيها الأحزاب السياسية لإنقاذ الوضع المالي والاقتصادي المتهالك، إضافة إلى إجراء انتخابات مبكرة على أساس قانون عصري لا طائفي، وإقرار قانون استقلال السلطة القضائية.
والأخطر من كل ذلك وفقا للمرجع ذاته: ان إخلالا رهيبا في العلاقات بين العائلات الروحية اللبنانية قد حصل تحت حجج واهية، ولم تشعر بعض هذه العائلات – أو الطوائف – بأنها شريكة فعلية في إدارة الدولة، بل انها تعرضت الى ما يشبه العزل السياسي، أو الإقصاء رغم النداءات التي صدرت عن عدد من المرجعيات التي تحذر من خطورة هذا الإقصاء على العقد الاجتماعي للبنانيين، وعلى الميثاقية التي نصت عليها مقدمة الدستور، وذلك برغم المرونة الكبيرة التي تعاطت بموجبها القوى الممثلة لهذه الطوائف مع عملية تأليف الحكومة.
لا يمكن التسليم بمثل هذه الطريقة في التعامل مع المكونات اللبنانية مهما كانت المبررات – يقول المرجع ذاته – كما أن لبنان لا يمكن التعاطي معه كجزء من محور سياسي إقليمي مهما كانت الاعتبارات. هناك حدود دنيا يجب احترامها، ونرى أنها تستباح اليوم. وإبان الأحداث الأليمة الماضية التي وقعت في لبنان بقي احترام التوافقات الوطنية قائما، ولم يتم صرف أي انتصار عسكري حصل على حساب هذه التوافقات، ولا على حساب الطوائف الأكثر تضررا من الحروب التي حصلت، حتى أيام الوصاية السورية كانت حقوق الطوائف محفوظة بصرف النظر عمن كان يمثلها.
يقول المرجع ذاته: على عكس ما يعتقد بعض المتنفذين بقوة السلاح وبقوة السلطة اليوم، لا يمكن الاستهتار الى هذه الحدود بقوة الثورة العارمة التي عبرت عن نفسها في أكثر من مناسبة، وفي كل المناطق. ولا داعي للشطارة في محاولة إخفاء هذه الحقيقة، وتصرف الحكم مع قوى مذهبية نافذة على وقع التطورات الإقليمية، وبعقلية المنتصر سترتد على الحكم وعلى هذه القوى وبالا، وهي بذلك ترتكب خطأ جسيما ستندم عليه، لأنها تتجاهل مطالب غالبية الشعب اللبناني من جهة، وتخل جوهريا بالتركيبة التي تربط بين مختلف العائلات الروحية اللبنانية من جهة ثانية.