الرد الانتقامي الإيراني لن يشمل الساحة اللبنانية.. إلا إذا

8 يناير 2020
الرد الانتقامي الإيراني لن يشمل الساحة اللبنانية.. إلا إذا

كتب وليد شقير في صحيفة “نداء الوطن”: تتعدّد أوجه تأثر لبنان بالمستوى الجديد من المواجهة الأميركية الإيرانية بحيث لا يقتصر الأمر على انعكاسات تلك المواجهة على الصعيد العسكري. يسلّم المراقبون والأندية السياسية بأن الانعكاسات ستكون كارثية إذا كانت الساحة اللبنانية أحد ميادين الرد الانتقامي الإيراني على اغتيال قائد قوة القدس اللواء قاسم سليماني، عبر عمليات محتملة ينفذها “حزب الله” أو جهة أخرى، سواء ضد إسرائيل أو ضد الأميركيين مباشرة.

 

ولذلك يرجح العديد من العارفين بتوجهات القيادة الإيرانية و”حزب الله” ألا يشمل الرد الإيراني الساحة اللبنانية، إلا إذا تطورت الأمور إلى حرب واسعة توجب انخراط أذرع طهران ولا سيما “الحزب”، من دون استبعاد دوره في أعمال عسكرية حتى خارج لبنان. الحديث عن الرد في طهران يوحي بأنها ستسعى بداية إلى أن تقوم به قواتها، في شكل واضح، بهدف استعادة هيبتها، بدل استخدام حلفاء أو جهات تقوم بتشغيلها في عمليات أمنية أو عسكرية. وهذه قد يجري الإفادة منها لاحقاً، وفقاً لتطور المواجهة.

 

قد يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حصل على تطمينات من حليفه “حزب الله” جعلته يبلغ المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش خلال لقائه أمس بأنه لا يتوقع “تأثير التطورات الامنية التي حصلت أخيراً على الوضع الامني في البلاد”، مشدداً على أهمية استمرار الهدوء على الحدود اللبنانية الجنوبية، ومنع حصول أي تطور سلبي فيها”. وربما تقصّد عون القول إن “لبنان يحافظ على سلامة جميع أبنائه والمقيمين على أرضه أو الموجودين فيها”، في إشارة إلى المخاوف من استهداف الجنود الأميركيين الموجودين في قاعدة حامات لمساعدة الجيش اللبناني وتدريبه وكذلك في مطار رياق العسكري.

 

من ناقل القول إنه في أفضل الحالات سيتأثر لبنان سلباً بالمعنى الاقتصادي في وقت يمر بأسوأ أزمة مالية اقتصادية في تاريخه، نتيجة عوامل عدة، يحتاج لتجاوزها إلى الكثير من التدابير الداخلية، لكن وهذا الأهم، إلى الكثير من المساعدة الخارجية التي من دونها سيكون عاجزاً عن تخطي الصعاب. فأي مساعدة ستأتيه في ظل الخطاب التصعيدي للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الأحد الماضي، تحت عنوان إخراج القوات الأميركية من المنطقة، في وقت كانت واشنطن والدول العربية والخليجية تعتبر أن المشكلة مع لبنان هي بقاء “الحزب” متدخلاً في الأزمات الإقليمية والحروب التي تجر إليها، مستظلاً السلطة اللبنانية ومستفيداً من غطائها. فإذا صحت فرضية أن “الحزب” لن يشترك في الرد الإيراني الذي ينتظر أن يأخذ شكل عمليات تطاول الوجود العسكري الأميركي في العراق وغيره، انطلاقاً من لبنان أو فيه، فإن احتمال استهداف العسكريين الأميركيين لإرسالهم بالنعوش كما قال نصرالله، في أي من الدول العربية الكثيرة التي يتمركزون فيها، سيؤدي إلى مزيد من التشدد تجاه السلطة في لبنان.

 

في انتظار انقشاع الرؤية التي ما زالت ضبابية حول طبيعة المواجهة، يفترض ألا يغيب عن البال أنه في حال فرض الرئيس دونالد ترامب عقوبات على العراق مقابل طلب انسحاب القوات الأميركية منه، فإن تأثر لبنان المؤلم من العقوبات السابقة على “حزب الله” وسوريا وإيران، في المرحلة السابقة، سيتضاعف. أول من أمس، أعلنت الرئاسة العراقية أن الرئيس برهم صالح تسلم من الإدارة الأميركية نسخة من قانون العقوبات الذي سيصدر في حال إخراج قواتها من العراق، الذي جرى استثناؤه خلال العام 2019 من التزام عدم شراء النفط الإيراني. حتى أن واشنطن كانت تغض النظر عن تهريب النفط الإيراني عبر ميناء البصرة العراقي وعبر الشاحنات التي كانت تمر في أراضيه نحو سوريا (ومنها إلى لبنان) وتركيا

 

لبنان تأثر بالعقوبات على “الحزب” وعلى سوريا، ودفع ثمن تحوله إحدى ساحات التهرب من العقوبات على إيران. مع عقوبات على بغداد سيشتد الخناق.