بعبدا ترفع راية ‘النأي’… لا طاولة حوار قريباً

9 يناير 2020

تحت عنوان ” بعبدا ترفع راية “النأي”… لا طاولة حوار قريباً” كتب الآن سركيس في صحيفة “نداء الوطن” وقال: يبقى لبنان في عين العاصفة على رغم الردّ الإيراني المحدود على مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري اللواء قاسم سليماني، في حين تبقى المخاوف مشروعة من اندلاع مواجهات متنقلة بين إيران وأجنحتها من جهة والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى.

“إذا غيّمت بالصين بتشتّي عنّا”، لعل هذا المثال ينطبق على الواقع اللبناني الذي بات مرتبطاً بكل تطورات الإقليم، ويبدو أن فصل المسار الداخلي عن أزمات المنطقة صعب للغاية وأقصى ما يتمّ الوصول إليه هو التحييد الظرفي والموقّت.

وشكّل كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله عن استهداف محور الممانعة للقواعد العسكرية الأميركية في المنطقة رداً على مقتل سليماني، نقطة خلاف داخلية تضاف إلى مجموعة الأزمات المتتالية التي تضرب وطن الأرز.

وذهب البعض إلى تفسير كلام نصرالله بأنه توريط للبنان في صراعات المنطقة، في حين اعتبره البعض الآخر تحييداً للبنان عن الأزمات لأنه لا وجود لقواعد عسكرية أميركية على أرضنا.

ومهما كانت أهداف كلام نصرالله وغاياته وتبريراته، غير أنّ أي موقف رسمي لبناني من هذا الكلام لم يصدر، خصوصاً أن زعيم حزب لبناني أعلن ما يشبه الحرب على دولة صديقة للبنان ولديها علاقات ديبلوماسيّة معه وتساعده في أمور عدّة أبرزها تسليح الجيش.

وفي هذا السياق، تؤكّد مصادر قريبة من قصر بعبدا لـ”نداء الوطن” أن لبنان لن يدخل في أي مواجهة إقليمية “فاستهداف سليماني حصل في العراق وليس على أرض لبنانية، والردّ هو إيراني وليس لبنانياً، وبالتالي فإن كل الكلام الذي يقال عن دخول لبنان في حروب المنطقة لا أساس له من الصحّة”.

وترفع بعبدا راية “النأي بالنفس” مجدداً إزاء التطورات الأخيرة في العراق والمنطقة، وتشدّد على التمسّك بهذا الشعار وتطبيقه لأن الوضع اللبناني لا يسمح بدخول البلاد في هذه الصراعات والحروب.

وتلفت المصادر إلى أن لا قواعد عسكرية أميركية في لبنان، وبالتالي فإنّ لبنان غير معني بالمواجهة التي تحدّث عنها نصرالله، إذ إن موقف الدولة الرسمي هو تحييد البلاد عن مواجهات المنطقة وعدم إدخاله في آتون الصراعات الإقليمية.

وبما أن “حزب الله” جزء من المكونات الداخلية، فإنه قد يجرّ لبنان إلى مواجهات خارجية حتى لو قرّرت الدولة اللبنانية “النأي بالنفس”، لكن على رغم خطورة الوضع الإقليمي، تعتبر بعبدا أن أولويتها الآن تنصبّ على تأليف الحكومة والمباشرة بالخطّة الإصلاحيّة، علماً أن ولادة الحكومة الجديدة ستشكّل مظلة أمان إقتصادية وسياسية وأمنية للبلاد هي بأمس الحاجة إليها في هذا الوقت، كذلك تستطيع التواصل مع المجتمع الدولي من أجل الولوج في خطة الإنقاذ.

ويبدو أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لن يكرّر دعوة سلفه الرئيس ميشال سليمان لعقد طاولة حوار وطني من أجل إعادة التأكيد على مبدأ “النأي بالنفس”، إذ لا توجد على أجندة بعبدا مثل هكذا دعوة في الوقت الحالي لأن الأمور باتت واضحة وكل ما يحصل في هذه الحالة هو تأكيد المؤكّد.

وترى بعض الأوساط السياسية أن لبنان لا يزال محيّداً عن التطورات الإقليمية والنزاع الأميركي- الإيراني، وذلك لأن هذه النزاعات لا تزال مضبوطة والردّ الإيراني على عملية مقتل سليماني أتى محدوداً.

ومن جهة ثانية، لا تريد إيران، المعروفة باتقانها السياسة وعدم التهور، الدخول في مواجهة مفتوحة مع واشنطن في ظل الحصار المفروض عليها وحزم الرئيس دونالد ترامب تجاه السلوك الإيراني بعكس الرئيس السابق باراك أوباما الذي كان متساهلاً.

إلى ذلك، فإن “حزب الله” يدرس خطواته بتأن، ويعلم جيداً أن إدخال لبنان في مواجهة مع واشنطن سيؤدي إلى انهيار الوضع الداخلي والقضاء على السلطة السياسية الموالية له، وأي إنقاذ للوضع يحتاج إلى مساعدة غربية وإلا الإنهيار الكبير حتمي ولا مفر منه، خصوصاً ان غالبية الشعب اللبناني ترفض سياسة “الحزب” واستعمال لبنان كساحة لتصفية الحسابات الإيرانية.