24 ساعة حاسمة في الملف الحكومي… تخبط حول شكل الخكومة يعيد الأمور الى المربع الأول

10 يناير 2020

لا يزال التخبط الحكومي سيّد الموقف، فعلى الرغم من أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سعى الى تأخير الاستشارات النيابية الملزمة تحت حجة “تأخير التكليف لتسريع التأليف” الاّ ان هذه النظرية لم تنجح، وهذا هو الموضوع الحكومي يزداد شرخاً على وقع نيران ملتهبة في المنطقة من جهة وأزمات داخلية تنهك المواطن سواء من الناحية الاقتصادية أو من الناحية المعيشية مع بروز أزمات كهرباء ومياه ومازوت في الايام الماضية، ما يرتب الاسراع حتماً في تأليف حكومة تساعد على اعادة انتظام الحياة العامة في البلاد.

في هذا الوقت، ترك الكلام الأخير لرئيس مجلس النواب نبيه بري، العديد من علامات الاستفهام حول مصير الحكومة وشكلها وحول ما اذا كانت الأمور ستعود الى نقطة الصفر لاعادة البحث في حكومة جامعة.

عودة الاتصالات اليوم
اذاً، يعاود الرئيس المكلف تشكيل الحكومة حسان دياب تشغيل محركاته واتصالاته اليوم، حيث من المتوقع يلتقي اليوم، بحسب “اللواء”، الخليلين أي المعاون السياسي للرئيس برّي الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، ان لم يكن قد التقاهما مساء أمس، للوقوف منهما على حقيقة موقف الرئيس برّي واسبابه واهدافه، كما انه سيتواصل مع الرئيس عون لمناقشة خلفيات هذا الموقف، خصوصا وان رئيس الجمهورية كان يرغب منذ البداية بحكومة تكنو-سياسية، لكنه استجاب لرغبة الرئيس المكلف بحكومة اختصاصيين.

وعلمت “النهار” ليلاً أن الاتصالات في شأن التأليف الحكومي والتي جمدت طوال يوم أمس بعد التباينات التي برزت بين قوى التأليف حول صيغة الحكومة المطلوب تأليفها، تجددت ليلاً بأن تحرّك مجدداً شادي مسعد بين الرئيس المكلف والوزير جبران باسيل لحل العقد المتبقية في التشكيلة ولاسيما منها عقدة وزارة الاقتصاد التي يتمسك بها فريق رئيس الجمهورية وتوزير دميانوس قطار الذي يتمسك به الرئيس المكلف.

وفهم من مصادر مواكبة للاتصالات ان الرئيس المكلف متمسك بحكومة التكنوقراط وبعدد الـ١٨ وزيراً وليس في وارد تعديل هذه الصيغة، وعلى هذا الأساس يبني تشكيلته.

وفهم ايضاً من مطلعين على موقف الرئيس المكلف انه ليس في وارد الاعتذار ولا التراجع عن قناعاته بضرورة قيام حكومة من الاختصاصيين المستقلين استجابة لمطالب الحراك ولنيل ثقة المجتمع الدولي الذي ينتظر من اللبنانيين فريقاً حكومياً انقاذياً في مواجهة الازمة القائمة.

خربطة واسعة على صعيد الحكومة
وتشير معلومات “النهار” الى خربطة واسعة في علاقات الرئيس المكلف مع قصر بعبدا كما مع الثنائي الشيعي من غير ان يعني ذلك ان قراراً ارتسم لدى تحالف العهد و8 آذار بسحب التكليف من دياب أو اعادة النظر في منحه درع التغطية السياسية والنيابية. ومع ذلك فان المواقف المتعاقبة التي صدرت عن رئيس مجلس النواب نبيه بري في اليومين الاخيرين اتسمت بطابع معمم عن “سحب الثقة” السياسية للتحالف من حكومة التكنوقراط أو الاختصاصيين التي كان دياب يعمل على انجاز اللمسات الاخيرة عليها فاذا بـ”انقلاب” من داخل بيت داعميه يدهمه في مرحلة الحسم النهائية من غير ان يتضح بعد سر هذا الانقضاض الذي لا يتبناه اي طرف.

ودعت مصادر مطلعة، في هذا الاطار، عبر “اللواء” إلى انتظار المدى الذي سيصل إليه الرئيس برّي بما صرّح به حول حكومة “لم الشمل”، وعما إذا كان المقصود من كلام رئيس المجلس تطعيم الحكومة أو العمل على زيادة ممثلين في الحكومة من الأحزاب التي امتنعت عن المشاركة، لا سيما “القوات اللبنانية” والحزب الاشتراكي والكتائب، أو حتى “المستقبل”، رغم ان هذه الأحزاب كانت أعلنت انها لا تريد المشاركة في الحكومة.

وقالت هذه المصادر ان الكرة في ملعب الرئيس المكلف الذي اما ان يتجه إلى تعديل موقفه من التشكيلة الحكومية شكلاً وعدداً، أو الإصرار على موقفه، وهو ما ينقل عنه، أي التأكيد على حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً.

 ولفتت إلى ان ما عرضه الرئيس المكلف على الرئيس ميشال عون هو تُصوّر اولي لحكومة اختصاصيين من 18 وزيراً، مع أعادة توزيع لبعض الحقائب وأسماء بعض الوزراء، داعية إلى انتظار 24 ساعة لتحديد المسار إيجاباً أو سلباً.

وأكدت مصادر رسمية مطلعة عن مشاورات عملية التأليف، ان لا تغيير دراماتيكياً في الصيغة الحكومية، ولا سلبية مطلقة، وان المشاورات مستمرة.

خلفية كلام بري
وفي تقدير مصادر نيابية مطلعة لـ”اللواء”، ان كلام الرئيس برّي لم يكن مفاجئاً للرئيس المكلف، بالنسبة لموقفه الداعي إلى حكومة “لم الشمل” بمعنى تشكيل حكومة وحدة وطنية ان امكن من أجل معالجة نتائج الأزمات الداخلية والإقليمية، بالاشتراك مع كل أو اغلب القوى السياسية، إذ ان هذا كان رأيه منذ التكليف، وهو أبلغه إلى الرئيس عون، ولعل تريثه في تسليم أسماء الوزراء المقترحة من كتلته النيابية يعود إلى عدم اعتماد معايير موحدة في التشكيل، وانه ينتظر الاتفاق على نوعية الوزراء ليسقط الأسماء على الحقائب التي باتت مكتوبة لكتلته النيابية.
 وبحسب المصادر المطلعة على موقف الثنائية الشيعية لـ”نداء الوطن” فإنّ خلفية كلام بري محصورة بكونه ممتعضاً من أداء رئيس الجمهورية ميشال عون الذي كان هو من بادر إلى الاتصال برئيس المجلس وفاتحه بمسألة الاستغناء عن فكرة حكومة الاختصاصيين والعودة إلى تشكيلة “التكنو- سياسية” الأمر الذي رحّب به بري وبدأ العمل على أساسه لكنه سرعان ما عاد فتبلغ لاحقاً بأنّ عون عاد فبدّل رأيه ولم يعد يريد حكومة مختلطة من الاختصاصيين والسياسيين. وفي حين رُصدت بصمات الوزير جبران باسيل وراء مسببات تراجع عون وتبدّل موقفه، فإن ما ضاعف من منسوب الامتعاض لدى بري هو مسألة إصرار باسيل على الاستحواذ على الثلث المعطل في حكومة حسان دياب عبر كتلة وزارية من 6 وزراء في تشكيلة من 18 وزيراً، الأمر الذي يرفضه رئيس المجلس ويعتبره التفافاً على الصيغة المتفق عليها واستئثاراً وزارياً غير مشروع على حساب حصص مختلف مكونات الحكومة.

أما رئيس الحكومة المكلف حسان دياب، فأكدت المعلومات لـ”نداء الوطن” أنه حين استشعر خطر كلام رئيس المجلس النيابي عن الحاجة إلى حكومة “لم شمل وطني”، سارع إلى “حزب الله”، موفداً إليه شادي مسعد، لاستيضاح خلفية موقف بري، فحاول الحزب طمأنته عبر التأكيد له أنّ “الموقف لا يزال على حاله”، وأنّ عليه المضي قدماً في تأليف حكومة تكنوقراط “بينما ستعمل قيادة “حزب الله” على أن تعالج المشكلة بالتعاون مع الرئيس بري”.

لتفعيل حكومة تصريف الأعمال
وسط هذه الأجواء، تردد عبر “نداء الوطن” أن وسيطاً توجه الى الرئيس سعد الحريري موفداً من بري، مقترحاً عليه العودة لتفعيل حكومة تصريف الأعمال. قال بري رداً على سؤال عن إمكانية عدم تجاوب الحريري مع تصريف الأعمال، “مش على خاطرو، فتصريف الأعمال واجب دستوري”. هل يكون ذلك بوابة عودة الحريري إلى مفاوضات التأليف، وربما التكليف؟