يمكن القول أنّ القطوع مرّ على خير بعد ليلة عصيبة تحوّل معها الطريق الدولية إلى ساحة حرب حقيقية، غير أنّه ليس “كل مرة تسلم الجرة”. فمنذ اندلاع الثورة في 17 تشرين الأوّل خطفت البداوي الأضواء من ساحة عبد الحميد كرامي برمزيتها إثر تكرار الحوادث و كادت أن تبلغ حد سقوط الدماء بما لا تحمد عقباه.
قيادة الجيش و منذ وقوع الحادثة الأولى في البداوي، تتصرف بحزم تجاه قطع الطريق على إعتبار المنطقة المذكورة تشكل نقطة تواصل اساسية لا يمكن التراخي معها، بالتوازي تعمد مخابرات الجيش على الجوار مع الفعاليات في سبيل استيعاب الوضع نظرا لحساسية الظرف.
لكن ما دفع الأمور إلى درجة الذروة كان انقطاع تيار الكهرباء الذي أجج الأجواء و دفع إلى فورة غضب دفعت بعدد من الناشطين توجيه دعوات لقطع الطريق، وما صب الزيت فوق النار وقوع معمل إنتاج الكهرباء عند معمل دير عمار، الواقع جغرافيا على مسافة قريبة ما يجعل السكان يتحملون اضرار المعمل و لا يحصلون على ابسط حقوقهم بالتيار الكهربائي.
في ظل هذه الاجواء المشحونة، تعمد فعاليات البداوي وعائلاتها على استدراك الوضع و عدم الانزلاق إلى أيّ فتنة مع الأجهزة الامنية و تحديدا وحدات الجيش اللبناني، و لسان حال معظمهم “الجيش اللبناني خط أحمر و لا يحق لأي طرف تجاوزه، لكن بالمقابل لا يمكن السكوت عن تقصير وزارات الخدمات و في طليعتها وزارة الطاقة التي تتعامل مع مناطق الشمال و تحديدا البداوي باستنسابية تجاه تزويدها بالكهرباء وسط شكوك شبه مؤكدة عن كيدية مضمرة “.
الرأي السائد في البداوي بعدم جواز مقاربة أوضاع البداوي بطريقة أمنية و إظهار أبنائها وكأنهم قطاع طرق أو خارجون عن القانون بينما بلغ الحرمان حدا لا يوصف، وبالتالي لا يجوز بأن تقتصر المعالجات على الجانب الامني فقط و إدارة الظهر على مطالب دفعت بالناس نحو الثورة على الحكم.
ووفق متابعين، فإن أحزمة الفقر في أحياء “جبل البداوي” و”وادي النحلة” فضلا عن المخيم الفلسطيني و محيطه و التي تلف بلدة البداوي وضعها الاجتماعي كارثي بكل ما للكلمة من معنى، ما يجعلها أشبه بفوهة بركان قابلة للانفجار جراء الفقر الشديد و البطالة.
و يشير هؤلاء إلى حذر من كون الظروف الضاغطة في الاحياء الفقيرة الممتدة من البداوي إلى التبانة قد تفجّر حالات شغب و فوضى بما لا تحمد عقباه، من هنا يجب عدم إدارة الظهر على المطالب واقتصار المعالجات على الشكل الامني و ضبط الوضع و كأن الدولة قد أكملت واجبها تجاه مواطنيها.