مجموعة ‘لاءات’ داخل فريق التأليف.. تحدٍ ووعود فارغة

11 يناير 2020

كتبت صحيفة “الجمهورية”: اسئلة تجيب عنها رواية استخلصت من مطبخ التأليف، لكل ما حصل منذ تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة وحتى الساعات القليلة الماضية، وتفيد بأنه من اللحظة الأولى التي انطلق فيها الرئيس المكلف في مسار التأليف، بَدا انّ كل ما يتصل بهذا المسار ممسوك بكل تفاصيله، وانّ كل ما قد يبرز في طريقه من عقد ومطبّات تحت السيطرة، ومن النوع القابل للحل.

 

وبحسب الرواية فإنّ ثقة زائدة بالنفس عكست نفسها لدى طبّاخي الحكومة، خصوصاً انّ التباين بين مكوّنات فريق التكليف كان مستبعداً، وانّ الجميع تقاطعوا على موقف واحد هو تسهيل تشكيل الحكومة وتوليدها بشكل سريع جداً خلافاً للوقت الذي كان يُضَيّع لأشهر خلال تشكيل الحكومات السابقة. وأوحى ذلك بأنّ تأليف الحكومة سيجري بشكل انسيابي سريع، وانّ ولادتها ستتم خلال فترة لا تتجاوز الاسبوعين، على الرغم من انّ الرئيس المكلف منح لنفسه مهلة ستة اسابيع على الاكثر لتوليد حكومة مختلفة عن سابقاتها، تقنع الحراك الشعبي بها، وتدخل مضمار العمل المنتظر منها ككابح للأزمة الاقتصادية والمالية المتفاقمة.

 

 وتضيف الرواية انّ قرار الاستعجال في تشكيل الحكومة بَدا انه صارم، وانه مبني على رغبة فريق التكليف إزالة اي معوقات من شأنها ان تعوق ولادة الحكومة، حتى ولو كانت من لون واحد. واقترن ذلك بوعد من الرئيس المكلف نفسه بأن تضم حكومته مجموعة شخصيات توحي بالثقة والاطمئنان للناس، وتكون على مستوى ثقة الخارج بها، وتعمل انطلاقاً من “اللون الواحد” في خدمة كل ألوان البلد السياسية والشعبية، وتنال رضى المعارضين لها قبل المؤيّدين بمقاربات إنقاذية نوعية للأزمة التي يتخبّط بها البلد.

 

وهنا كان التحدي، على ما تقول الرواية، وصَرّح طبّاخو الحكومة علناً بأنّهم عاقدون العزم على خَوضه، وربحه، فيربح معهم البلد. وبذلك أشعروا اللبنانيين بأنّ القطاف الحكومي هو مسألة ايام معدودة. وانّ الرئيس المكلف ماض في طريق إنقاذي بالتعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسائر مكونات فريق التكليف، وصولاً الى ما ينشده كل اللبنانيين، خصوصاً أولئك الذين عبّروا عن وجعهم في الشارع، وقراره هو “الصمود” في وجه التحرّكات الاحتجاجية “المُفتعلة” والمنظّمة التي تواجهه او وَاجهته، إن على مستوى الحراك الشعبي أو على المستوى السنّي وتيار المستقبل على وجه الخصوص، وصَمّ أذنيه امام الاصوات التي نادت، ولمّا تزل تنادي بـ”الحرم السني”، وروّجت ولمّا تزل تروّج لـ”ميثاقية” مفقودة او مهزوزة في حكومة تتشكل في غياب الاكثرية الساحقة من السنة عنها، وكذلك غياب الاكثرية الساحقة من الدروز ونصف المسيحيين تقريباً.

 

 وتضيف الرواية انّ الوقائع التي تكشّفت على خط التأليف منذ انطلاقه وصولاً الى الايام القليلة الماضية، بَيّنت بما لا يقبل ادنى شك انّ هذا التحدي كان مبالغاً فيه، وانّ الوعود التسهيلية التي قطعت غداة التكليف تبيّن انها فارغة، إذ سرعان ما عصفت بالملف الحكومي رياح الحقائب والحصص والاحجام والاكثريات داخل الحكومة والثلث المعطّل، ونوعية الاشخاص المرشحة للتوزير، وحملته الى المربّع الخلافي. وبدل ان تتقدم الامور الى الامام، إنحرفت عقارب ساعة التأليف عن الاندفاعة الحماسية لدى فريق التكليف لتوليد سريع للحكومة، وبدأت تسلك مساراً عكسياً الى الوراء، عاد معه النقاش الى بداياته، ومَحا كل ما حُكي عن إيجابيات أوحت في لحظة معيّنة بأنّ ولادة حكومة حسان دياب باتت وشيكة.

 

والنتيجة الفورية لهذا الانحراف، كما تشير الرواية، هي انّ الحكومة الجديدة المنوي تشكيلها رُكنت لفترة غير محددة زمنياً على رصيف سلبية لا تؤشّر الى انفراج، في انتظار حسم شكل الحكومة الجديدة بين ان تكون حكومة اختصاصيين، او حكومة مختلطة من سياسيين واختصاصيين، وتطوّق هذين الشكلين الحكوميين مجموعة “لاءات” متلاطمة داخل فريق التأليف.