بيان الرئيس المكلف أوحى بأنه إمتلك قدرات إستثنائية متناسيا أن شرعيته في تأليف الحكومة ليست مستمدة من شارع ولا من حراك بل من القوى السياسية التي سمته، والتي إنقضت عليه لتعيده إلى حيث تريد، وتصوّب تشكيل الحكومة وفق بوصلتها، خاصة وإن التشكيلة التي قدمها دياب لم تكن مقنعة لا لمجتمع مدني ولا لمجتمع سياسي بحيث شكلها وكأنه يدير شركة أو أكاديمية للتعليم، عندها رغب أغلب من سموه التخلص منه، إذ تكفي العودة إلى بيان الوزير سليم جريصاتي لإلتقاط إشارة الرفض وأستكملت الإشارات بزيارة قام بها جنبلاط إلى عين التينة حيث لمح إلى ضرورة تفعيل حكومة تصريف الأعمال لأن التأليف متعثر.
كان “حزب الله” غائباً عن السمع بسبب إنشغاله بقضية إغتيال اللواء قاسم سليماني وما تبعها من ردة فعل، إلا أنه بعد إنتهاء الدفن والردود على الإغتيال شغل محركاته، متمنياً على الرئيس بري التحرك للم شمل الفريق الواحد، ما ظهر بزيارة الوزير باسيل لعين التينة والتي رشح عنها العمل على تسهيل ولادة الحكومة خلال 48 ساعة فجأة.
إنقلب المشهد، باسيل الذي رفض المشاركة لانَ، والرئيس برّي بحنكته تولى الإخراج لتسهيل الولادة، وما جرى بالأمس في ليل شارع الحمرا الطويل أتى ليضبط جموح الرئيس المكلف تحت إيقاع شارع ملتهب.
يظهر الرئيس المكلف اليوم كأنه جاهز للتنازل عن اي شيء لتشكيل حكومة لن تكون حكومته، فإذا بلحمه يزداد طراوةً حدّ التنازل عن توازنات مذهبية في الحكومة لإرضاء رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط ولو على حساب طوائف أخرى.
ووفق مصادر مطلعة فأن برّي وبعد وصول الرسالة إلى دياب يتجه إلى إعطائه موعداً بعد رفضه تكراراً إعطاءه مواعيد ما يعني أن عملية ولادة حكومة تكنوسياسية باتت أقرب من أي وقت مضى بخلاف الرغبة الأولى للرئيس المكلف بتأليف حكومة من التكنوقراط الصرف.