وبغض النظر عما يشهده الشارع من إحتجاجات، يبدو أن “طلقا” إصطناعيا قد أعطي للحكومة لتسريع ولادتها بعدما تأكد لكل المعنيين أن الجنين على وشك الموت، وأن موته سيضاعف من غضب الحراك الشعبي الذي يطالب بحكومة من دون سياسيين، الأمر الذي يجعل الجميع يترقبون هذه الولادة للتأكد من أن المولود لا يشكو من تشوهات قد تنعكس على إمكانية إستمراره على قيد الحياة.
يمكن القول إن الحكومة ستدخل غرفة العمليات اليوم ظهرا، في اللقاء الذي سيعقد في عين التينة بين الرئيس المكلف حسان دياب والرئيس نبيه بري الذي من المفترض أن يضع اللمسات الأخيرة قبل الولادة التي قد تتعثر مجددا في حال شعر بري بعدم مساواة في تكوينها المؤلف من 18 وزيرا.
لم يعد خافيا على أحد أن الوزير جبران باسيل بالرغم من إيحائه بممارسة الزهد السياسي وإعلان إستعداده للتخلي عن كل مقاعد الحكومة وصولا الى عدم المشاركة، إلا أنه نجح في إقتطاع حصة الأسد منها، كونه وبحسب كل المعلومات المتداولة حصل على الثلث الضامن المسيحي أي سبعة وزراء من أصل تسعة، ما يعني أن باسيل قد إستعاد وزارات: الدفاع (العميد المتقاعد ميشال منسى مقرب من باسيل) الخارجية (ناصيف حتي المرضي عنه لدى رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر) الطاقة (مستشار باسيل ريمون غجر) والعدل (ماري كلود نجم سمّيت بتوصية من الوزير سليم جريصاتي) والاقتصاد ( آلان بيفاني مدير عام وزارة المالية) والبيئة (منال مسلم مناصرة للتيار) والسياحة والاعلام (حزب الطاشناق الموجود ضمن تكتل لبنان القوي) وهي الوزارات التي كانت في جعبته في حكومة تصريف الأعمال.
أمام هذا الواقع تشير المعطيات الى أن الرئيس بري لن يسمح هذه المرة بأن يكون لباسيل وحده ثلثا ضامنا في الحكومة، بل سيسعى الى تحصين جبهته بثلث ضامن إسلامي قوامه أربعة وزراء للثنائي الشيعي ووزير درزي (محسوب على المير طلال أرسلان) ووزيران سنيان، الأمر الذي يضع الرئيس المكلف أمام مأزق حقيقي فإما أن يعطي رئيس مجلس النواب ثلثا ضامنا، أو أن يعود الى غرفة الانتظار.
في كلا الحالتين، فإن على حسان دياب أن يواجه في المرحلة المقبلة شارعين مختلفين، فهو إن لم يعط الرئيس بري الثلث الاسلامي الضامن الذي يريده، فإن عدم ولادة الحكومة ستضاعف من النقمة عليه وقد تؤدي الى سحب التكليف منه في الشارع، أما في حال قسّم حكومته بين ثلث ضامن مسيحي لباسيل وثلث ضامن إسلامي لبري، فإن ذلك سينعكس غليانا غير مسبوق في الشارع السني الذي قد ينفجر غضبا على دياب ويسحب منه الشرعية الشعبية تمهيدا لاسقاطه، من دون أن يجد من يدافع عنه، خصوصا أنه ما يزال يفتقد الى الغطاء السني سياسيا ودينيا.