لبنان الى الاقفال الثالث في أقل من عام… استثناءات بالجملة والقطاع الصحي ينزف

5 يناير 2021
لبنان الى الاقفال الثالث في أقل من عام… استثناءات بالجملة والقطاع الصحي ينزف

فيما بدأت دول عربية وعالمية مشوار التلقيح لمواطنيها والتعافي التدريجي من وباء “كورونا”، يعود لبنان إلى آخر طابور الانتظار، ويستعد للدخول في متاهة إقفال جديدة، تبدأ الخميس وتنتهي في الأول من شباط ولا يعلم احد الى اين ستؤدي.

وأوضح وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن بعد اجتماع للجنة الوزاريّة، أنّ قرار الإقفال اتخذ بالإجماع، ولا سيّما أنّه “بات واضحاً أن التحدي الوبائي وصل إلى مكان يشكل خطراً على حياة اللبنانيين في ظل عدم قدرة المستشفيات على تأمين أسرّة”، مؤكدا أنّ الإقفال هذه المرة سيتخلّله إجراءات قانونية وليس فقط مادية بحق المخالفين.

بدوره أعلن وزير الداخلية محمد فهمي أنّه لن يتم إقفال المطار ولكن سيتم تقليص نسبة الوافدين خلال فترة الإقفال. وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أعرب عن قلقه إزاء الوضع الوبائي في لبنان في ظل تفشي كورونا وعدم وجود أسرة شاغرة في المستشفيات، موضحا أنّ الدولة “طبّقت كافة الإجراءات الممكنة، لكن التزام الناس لم يكن إيجابيا، للأسف فهناك مواطنون غير مقتنعين حتى اليوم بخطر هذا الوباء”.

واعتبر دياب أنّه “في البداية كان هناك تناغم بين إجراءات الدولة وبين تجاوب المواطنين مع التدابير، أما اليوم فالوضع بات مختلفا تماما”. بدوره، أوضح رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي أن “الإقفال يجب أن يكون جدياً وفي حال لم ينجح فلبنان مقبل على كارثة صحية كبيرة”، معتبرا أنّه “لا يمكن وضع عسكري وراء كل مواطن، بل يجب أن يتحمّل المواطن المسؤولية ويلتزم بقرار الإقفال”. وتجاوز عداد كورونا الإجمالي في لبنان 189000، بينما تجاوز عدد الوفيات الـ 1400.
وكان الاجتماع الأول برئاسة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسن دياب انتهى قرابة الثانية عشرة والربع ثم تلاه اجتماع آخر أمني في السرايا، حضره قادة الاجهزة للبحث في الملف عينه اي اجراءات مكافحة كورونا وجاهزية الاجهزة لمواكبة عملية الاقفال التام. وقد افيد ان جرى خلال الاجتماع الحديث عن إجراءات مشدّدة لمدّة 4 أسابيع تتراوح بين الاقفال التام والجزئي.واشارت المعلومات الى ان التدابير الأمنية التي ستتخذ خلال فترة الإقفال ستكون على مدى 4 أسابيع وكل الاجهزة والبلديات ستكون معنية وتتعاون لتطبيق الاقفال.

الصراع مع المستشفيات 
واذا كانت “المعارك” الجانبية التي خيضت امس داخل اللجنة الوزارية الخاصة بمتابعة ازمة كورونا بين السلطات السياسية والصحية والأمنية شكلت انكشافا متجددا لانعدام وحدة الحال داخل الدولة كلا ، وليس فقط داخل حكومة تصريف الاعمال ، فان كثرا استوقفهم اصدار وزير المال امس بيانا يكشف فيه ان الوزارة سددت مبلغ 555’7 مليار ليرة للقطاع الاستشفائي كافة بما يوجب التوقف طويلا عند المماحكات المالية التي تتخذ ستارا للكثير من الالتباسات المتحكمة بالملف الصحي فيما لبنان يكابد أسوأ المخاوف من نماذج كارثية عرفتها دول أوروبية تحت وطأة الانتشار الوبائي مضافا الى ذلك كوارثه الخاصة المالية والاقتصادية والاجتماعية التي ستتفاقم على نحو خطير إضافي تحت وطأة الاقفال الجديد . وأفادت معلومات في هذا السياق ان اجتماعا سيعقد صباح اليوم في وزارة الدفاع مع الجهات الضامنة الرسمية والخاصة لتوحيد الموقف في التعامل مع المستشفيات الخاصة . وحتى بعد اجتماعات السرايا وصدور بيان الاقفال العام لم يبت نهائيا الجدول التفصيلي للقرار في ما يتصل بالقطاعات التي ستستثنى من الاقفال ضمن مواقيت محددة علما ان المعلومات التي تسربت عن اجتماع اللجنة اشارت الى استثناءات واسعة جرى تداولها ولكن تقرر لاحقا إعادة تحجيمها وتحديدها على ان يصدر التعميم النهائي حول الاقفال اليوم عن وزارة الداخلية.
صرخة القطاعات الاقتصادية 
في المقابل، لم يعد التجّار ورجال الأعمال والمؤسسات السياحية، يخشون الخسارة الإقتصادية الناجمة عن إقفال البلاد لفترة أسابيع طوال. فحياة الأفراد باتت في ظلّ الوضع الصحّي الخطير الذي نتخبّط فيه جراء تفشّي وباء “كورونا”، أولوية.

ويوضح رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس لـ”نداء الوطن” أن “القطاعات الأكثر تأثّراً من إقفال البلاد بشكل تام هي المؤسسات التي تبيع السلع المعمّرة من سيارات وأثاث منزلي والكترونيات، وتلك التي تبيع الكماليات مثل الألبسة…”، لافتاً الى أن “حصة القطاع التجاري لا تقلّ عن نسبة 20% من إجمالي الناتج المحلي وقد تصل الى 25% منه أي بقيمة تتراوح بين 300 و375 مليون دولار شهرياً”.

ويؤكّد شمّاس انه نظراً الى دور التجارة الإلكترونية “الضعيف” فلن يعوّض سوى جزء بسيط من الدخل الفائت جراء الإقفال العام، والخسارة ستكون هائلة على القطاع التجاري وخصوصاً على القطاعات التي لا تدخل ضمن السلّة الغذائية والإستهلاك اليومي.

أما بالنسبة الى قطاع الأعمال الذي يضمّ مؤسسات، فإن الكلفة ستكون كبيرة عليها خصوصاً تلك غير القادرة على العمل الكترونياً من المنزل، ما سينعكس انخفاضاً في قيمة الرواتب الشهرية للموظفين.

ويوضح رئيس تجمّع رجال الأعمال فؤاد رحمة لـ”نداء الوطن”: “ثبت أن الإدارة كانت فاشلة في معالجة وباء “كورونا”، يضاف الى ذلك عدم التزام اللبنانيين بالوقاية، وتخطت المسألة حجم الإقتصاد، وبات الإقفال ضرورة لإراحة الجهاز الطبي”، مشيراً الى أن “كل مؤسسة ستتعامل مع الخسارة حسب قدرتها على التحمّل”.

أما بالنسبة الى المؤسسات السياحية والمطاعم، فإن كلفة الإقفال ستكون كبيرة، ويشير رئيس نقابة أصحاب المطاعم طوني الرامي لـ”نداء الوطن” الى أن “القطاع السياحي في حالة موت سريري. واستناداً الى ارقام العام 2018 حيث سجلت السياحة وقتها مبيعات بقيمة 7.2 مليارات دولار سنوياً، تكون الخسارة الشهرية للإقفال العام بقيمة 600 مليون دولار شهرياً”، لافتاً الى أن القطاع السياحي خسر 100 ألف وظيفة منذ العام 2017”.