الراعي يفعل مبادرته… بعد لقاء عون موفد في بيت الوسط وفرنسا تضغط من جديد

8 يناير 2021
الراعي يفعل مبادرته… بعد لقاء عون موفد في بيت الوسط وفرنسا تضغط من جديد

مع انتهاء عطلة الأعياد، ودخول البلاد في مرحلة الاقفال العام تحسباً لأي خطر داهم قد يضرب البلاد نتيجة تفشي وباء فيروس كورونا، عادت الحياة السياسية الى الواجهة ومن بابها العريض، حيث شكلت زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للصرح البطريركي في بكركي، مفاجأة وحدثاً سياسياً غير متوقعاً، خصوصاً وان الرئيس عون كان قد غاب عن قداس العيد، ولقاء الراعي، كما كان يجري في العادة، تحت حجة كورونا.

فقد كان من المتوقع ان يشهد الصرح البطريركي صباح امس لقاء وصف بالحدث السياسي وبأنه قد يؤدي الى اتفاق كبير على حكومة صناعة وطنية بين شريكي التأليف رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري برعاية البطريرك الراعي مدعوماً من الفاتيكان. هذا اللقاء الثلاثي  علم ان بكركي اعدت لعقده غداة عودة الحريري من اجازته الا انه تحوّل ثنائياً بين البطريرك ورئيس الجمهورية من دون الحريري.
  
رئيس الجمهورية لم  ينف ان اللقاء  مع الحريري كان احتمالاً وان بكركي ارادته لقاء مصارحة ومصالحة واتفاق على حكومة من دون محاصصة. ولاحقاً صدر عن المكتب الاعلامي للرئاسة توضيح ان البطريرك الراعي عرض امس على الرئيس عون لقاء مع الرئيس الحريري في بكركي ولم يكن على علم مسبق بهذا الطرح.

بيت الوسط اصدر بياناً عن عودة الرئيس الحريري ولم ينف ما تم التداول به اعلامياً عن دعوة بكركي للقاء يضمه ورئيس الجمهورية، واوضحت مصادر قريبة منه ان الموعد لهذا اللقاء لم يكن قد حدد بعد.
 أبعد من الزيارة
اذا، كسر عون الجفاء بينه وبين بكركي، وبات البحث الحكومي متركزاً على جهود البطريرك بشارة الراعي على انعقاد “اللقاء 15” بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. وبرز أمس تضارب في المعلومات حول طرح بكركي انعقاد لقاء إلفة بين الرئيسين في بكركي، أثناء وجود عون، وسرعان ما نفت بعبدا الموضوع وقال المكتب الاعلامي في القصر الجمهوري أن “الصحيح ان مثل هذا الطرح عرضه البطريرك على الرئيس خلال اجتماعهما اليوم ولم يكن فخامته على علم مسبق به”.
وبحسب “النهار” ابرزت الزيارة واقعيا امرين وفق المعلومات المتوافرة عنها: الأول ان البطريرك استطاع احداث مناخ عام لم يعد يمكن معه الرئيس عون ولا رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي عاد امس الى بيروت تجاهل تردداته جراء إصرار البطريرك على إبقاء وتيرة مواقفه الضاغطة على الرئيسين للتوافق على حكومة انقاذية من خارج الحسابات السياسية وخارج المحاصصات، وهو ما فسر الزيارة التي قام بها عون وكلامه المقتضب في بكركي. اما الامر الثاني فهو برسم البطريرك أيضا كما سواه ويتعلق بواقع ثابت لا يبقي قرار تشكيل الحكومة في يد الرئيسين عون والحريري وحدها بل رهينة معطيات خارجية مكشوفة ومن شأن الأيام المقبلة ان تزيدها انكشافا. 
وذكرت مصادر المعلومات، ان الراعي اقترح على عون جمعه مع الحريري في بكركي، لكن الرئيس عون لم يُعطِ جواباً واضحاً محدداً، لأنه وحسب المصادر المطلعة لـ”اللواء” “المهم ماذا سيجري في اللقاء وهل يصل الى النتائج المتوخاة”. ولذلك لم يحصل اتفاق على موعد اللقاء. ولكن الراعي سيتابع الموضوع مع عون والحريري لترتيب اللقاء بمكانه وزمانه في الايام المقبلة.
وانطلاقاً مما تقدم، لا يبدو ان مثل هذا الموعد وارد بعد اليوم في بكركي على الاقل في الشكل وفي المضمون،. ففي الشكل، بدا رئيس الجمهورية كأنه في موقع الذي يسعى لإنقاذ عملية التأليف الحكومي في حين ان العهد متهم وفريقه السياسي بتعطيل مهمة الحريري وتعقيدها . وفي المقابل ظهر كأن الحريري بتغيّبه يقول انه لن يتنازل قيد انملة عن حكومة الاختصاصيين المستقلين مهما طال امد الفراغ لأنه يعتبره افضل من العودة الى حديث المحاصصة. كما بدت بكركي غير قادرة على تحقيق هذا اللقاء والتسوية المنتظرة حكومياً وسياسياً. 
 أما في المضمون، لم ينجح مسعاها، لا بل تكرس الافتراق الحكومي بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف. وبات واضحاً ان الازمة لم تعد مقتصرة على تأليف حكومة بل تجاوزتها الى نزاع كبير على الصلاحيات.
ماذا دار في اللقاء
وكشفت مصادر قريبة من بكركي لـ”اللواء” أن لقاء الرئيس عون مع البطريرك بشارة الراعي تناول بشكل رئيسي موضوع تشكيل الحكومة الجديدة انطلاقا من إصرار البطريرك على ضرورة الاسراع بتجاوز أزمة التشكيل التي استغرقت طويلا وتفاديا لتداعياتها الخطيرة على كل المستويات .واشارت الى ان النقاش تناول بالتفاصيل اسباب تعثر اللقاء الأخير بين الرئيس عون والرئيس المكلف سعدالحريري بعد المساعي والجهود الحثيثة التي قام بها البطريرك لانجاحه، وما حكي عن خلفيات تدخل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل للانقلاب على نتائج ماكان يتم التفاهم عليه بين الرئيسين ،ولفتت المصادر الى ان البطريرك دعا رئيس الجمهورية للتفاهم مع الرئيس المكلف لاسيما بخصوص حقيبتي العدلية والداخلية المختلف عليهما وضرورة ايجاد صيغة ترضي الطرفين معا،ان كان من خلال إسناد حقيبة لكل منهما او اختيار وزير مشترك بينهما لإنهاء الأزمة الحاصلة. واضافت المصادر ان رئيس الجمهورية أوضح للبطريرك أن مايحكى في وسائل الإعلام اوما يردده بعض السياسيين حول عملية تشكيل الحكومة ليس صحيحا.فما حصل بعد اللقاء الأخير ان الجانب الاخر هو الذي تولى توجيه الانتقادات والحملات علينا ولسنا من بدأ القيام بذلك. فالخلاف الحاصل يتجاوز حقيبتي الداخلية والعدلية. الرئيس المكلف يقول ان الجانب الفرنسي يوصي بشخصيات من الاختصاصيين من قبله لتولي حقائب الطاقة والاتصالات والنقل، وعلينا مناقشة هذه الأمور بالتفصيل،لأننا نقترح بالمقابل ان يتولى اختصاصيون من قبلنا بعض هذه الحقائب.فالتحجج بالمبادرة الفرنسية لا يسهل الامور لانها في بعض جوانبها لاتتانسب مع الواقع اللبناني ولا بد من أخذ هذا الامر بعين الاعتبار. وهنا تدخل البطريرك وقال ولكن هذا لايمنع ان تلتقيا مجددا للتوصل الى تفاهم مشترك لتشكيل حكومة اختصاصيين التي ينتظرها اللبنانيون، والمجتمع الدولي ألذي يرغب بمساعدتنا واذا اقتضى الامر ان نسعى لذلك، فنحن حاضرون حتى ولو اقتضى ان يكون اللقاء في بكركي. وهنا رد عون فليكن في بعبدا وأنا بانتظار الرئيس الحريري هناك.

وأفادت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” أن اللقاء بين رئيس الجمهورية والبطريرك الماروني الذي عقد أمس تقرر منذ يومين ومعروف أن تطور وباء كورونا حال دون انعقاد لقائهما في الميلاد مشيرة إلى أن اتصالا تم بينهما اول من أمس وتقرر اللقاء.

وأشارت المصادر إلى أن الجلسة بينهما كانت مفيدة وتناولت المواضيع التي تشهدها الساحة المحلية في البلاد من تطور وباء كورونا والوضع الأقتصادي والمالي والحكومة لافتة إلى أن الاجتماع جاء استكمالا للقاء الأخير بينهما في قصر بعبدا.

وأوضحت أنه بالنسبة إلى الملف الحكومي فقد عرض الرئيس عون الصعوبات التي تعترض تأليف الحكومة وموقفه حيال بعض الطروحات التي قدمها الحريري والتي لا تراعي المعايير الواحدة وينعدم فيها التوازن في التركيبة الحكومية قياسا لتوزيع الطوائف على المقاعد الوزارية.

وأفادت أن البطريرك الراعي طرح على رئيس الجمهورية فكرة جمعه مع الرئيس الحريري في بكركي من أجل المصارحة ويأتي هذا الطرح مكملا لما توقف إليه البطريرك الراعي في عظته في عيد الغطاس. وعلم أن الرئيس عون أستمع منه إلى هذه الفكرة لكنه لم يحدد موقفه من اقتراح بكركي للمزيد من التقييم والدراسة ونفت ما ذكر عن أن اللقاء بين عون والحريري كان مرجحا أمس وإن الرئيس المكلف تغيب مكررة القول أن البطريرك اقترح اللقاء في خلال اجتماعه مع رئيس الجمهورية صباح أمس.
واعتبر مصدر ملاصق للعهد لـ”نداء الوطن” انّ “فكرة عقد لقاء برعاية الراعي سابقة غير حميدة في الحياة الدستورية اللبنانية وتعني عملياً انهاء العمل بالدستور الذي ينصّ صراحة على كيفية تأليف الحكومة، ومع كل الاحترام لصاحب الغبطة فإن هكذا لقاء كان ممكناً نسبياً لو انّ عون ما زال رئيساً لتكتل التغيير والاصلاح، واي اتفاق حول تأليف الحكومة يجب أن يخرج من بعبدا ويتمّ التعبير عنه عبر صدور ثلاثة مراسيم معروفة”.
موفد في بيت الوسط
في المقابل، اكدت مصادر بكركي “انها لم تكن تحضّر للقاء (أمس) بين عون والحريري في بكركي، وانها لم تطرح مثل هذه الفكرة لتُعقد خلال زيارة عون”. وأفادت بأن بكركي ستتواصل مع الحريري ليبادر بعدها البطريرك في مهمته اعادة الالفة بين الرئيسين. وعلمت “نداء الوطن” أنه على اثر ذلك، قام الوزير السابق سجعان قزي بزيارة سريعة إلى بيت الوسط، مساء أمس، موفداً من بكركي لوضع الحريري في أجواء لقاء عون مع الراعي.

لا جديد على الملف الحكومي
ولم  يُحسم شيء بعد في موضوع تشكيل الحكومة وبخاصة حول التمثيل الدرزي في الحكومة، برغم تحرك ومواقف رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، وزيارته الاخيرة للرئيس نبيه بري، وإعلانه ضرورة تمثيل الطائفة بوزيرين برفع عدد وزراء الحكومة الى عشرين، وقالت مصادر متابعة للحراك الحكومي ان الامور على حالها ويبدو ان التشكيل ما زال بعيداً.

وكشف قيادي في 8 آذار ان مسعى البطريرك الراعي يجري بالتنسيق مع الثنائي الشيعي(امل- حزب الله) لحل الأزمة الحكومية، مضيفا: ان زيارة عون الى بكركي تأتي في إطار “التبرير والاعتذار” بعد افشاله مبادرة بكركي بالتضامن والتكافل مع الحريري” وفقاً لهذا القيادي.

وأشار إلى عقدتي الداخلية والعدل مجرد واجهة لعقد اكبر بكثير، فالرئيس عون يحاول بطريقة غير مباشرة المساومة مع الفرنسيين وقوى داخلية على تسهيل امر الحكومة مقابل ضمان امتيازات سياسية في الحكومة العتيدة وادارات الدولة لرئيس التيار الحر جبران باسيل، في موازاة ترتيب مسألة القانون الانتخابي لتامين اكثرية نيابية كفيلة بانتخابه رئيسا للجمهورية خلفا له.
فرنسا تضغط
وكشفت معلومات “اللواء” عن وجود مفاوضات عربية مع الجهات الفرنسية لاعادة وزارة الطاقة الى الحريري مقابل تسهيل تشكيل الحكومة، وتتضمن المفاوضات التفاهم مسبقا معهم حول كافة المناقصات المتعلقة باستخراج النفط والغاز.

واضاف القيادي، ان مسألة توسيع التشكيلة الحكومية من ١٨ الى ٢٠ وزيرا او اكثر  مطروحة جديا، مما قد يطيح بأي تقدم احرز سابقا على صعيد توزيع الحصص الوزارية، وبالتالي فاننا اليوم امام احتمالات متعددة ولا يوجد سيناريو محدد للخروج من الازمة وعلينا فقط الانتظار، وعلى حد تعبيره الحرفي “ما بحلا الا الوقت”.

كلام مرتقب لنصرالله
في هذا الوقت، يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء اليوم، مخصصاً كلمته للحديث عن الملفات الداخلية. وهو كان قد أشار في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني إلى أنه سيتناول ملف تشكيل الحكومة وملف كورونا والترسيم البحري والوضع الاقتصادي والنقدي… ويأمل كثر بحسب “الأخبار” أن تساهم إطلالة نصرالله في تحريك المياه الحكومية الراكدة. لكن ثمة من يشكك في قدرة الحزب على كسر التباعد القائم بين عون والحريري، خصوصاً أن الحزب سبق أن قام بمحاولة لرأب الصدع بين الطرفين اصطدمت بعقبتين: تمسّك كل منهما بوجهة نظره، وامتلاك المحاولة نفسها عناصر فشلها داخلها، لكونها لم تتضمن أي اقتراحات عملية لحل الخلافات القائمة، إنما ركّزت على الحث على بذل مجهود لإنجاز التشكيلة والتحذير من خطورة البقاء من دون حكومة تعالج الأزمات المتلاحقة. وهو ما كررته كتلة الوفاء للمقاومة في اجتماعها أمس، فحثّت الرئيس المكلف “على إعادة تحريك عجلة التأليف للحكومة ومواصلة التشاور للتوصل إلى الصيغة التي يمكن أن تعزّز الاستقرار والثقة بحسن إدارة شؤون ومصالح البلاد والقدرة على النهوض بالأعباء المترتبة على ذلك”.
وسبق لنصر الله أن أشار إلى أن العقد داخلية بخلاف ما يروج عن ارتباطها بالانتخابات الأميركية، وهذا أمر يؤكده معظم الأطراف. بشكل تفصيلي أكثر، أبدى مصدر متابع ثقته بأن العقد المتراكمة والصراع السياسي الواضح بين عون والحريري يمكن اختصارها بالعقدة الأساس: الدور المستقبلي لجبران باسيل. “المستقبل” يعتبر أن الأخير انتهى بالسياسة بغض النظر عن حجمه النيابي أو حجم حزبه. وأصحاب هذا الرأي صاروا يستشهدون بدونالد ترامب، الذي انتهى سياسياً رغم تأييده من قبل ٧٥ مليون أميركي. وفي مقابل الموقف المستقبلي، موقف آخر يعتبر أن رئيس الجمهورية يسعى إلى تثبيت باسيل في المعادلة المقبلة، وهو لا يملك من الأدوات سوى كتلة وزارية وازنة تدعم الكتلة النيابية، وتعيده إلى سكة السباق إلى رئاسة الجمهورية، بحسب “الأخبار”.