كتب شارل جبور في “الجمهورية”: الأزمة التي يعيشها لبنان اليوم لم تبدأ مع انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في العام 2016، إنما بدأت مع الانقلاب على اتفاق الطائف في العام 1990، وأيّ معالجة للأزمة يجب أن تبدأ من جذورها لا من فروعها.
في العام 2005 تم الاتفاق على وَضع «زيح» حول المرحلة التي سبقت انتفاضة الاستقلال، وهي مرحلة إشكالية بامتياز، وذلك تلافياً لتبادل اللوم والاتهامات، وتدعيماً لاتفاق المكونات السيادية. لكنّ وضع «زيح» لا يعني إطلاقاً التجاهُل والقفز فوق الخطيئة الأصلية التي قضت بتغطية بقاء الجيش السوري في لبنان، كما تغطية احتفاظ «حزب الله» بسلاحه ودوره، وهذه الخطيئة هي عِلة العلل، والسبب الرئيس والأساس في الانهيار الحاصل اليوم.
فكل الخلل في علاقات لبنان الخارجية، العربية منها والغربية، مردّه إلى دور «حزب الله» وسلاحه، والدليل البيان الأخير لمجلس التعاون الخليجي الذي «أشاد بقرارات الدول التي صنّفت «حزب الله» كمنظمة إرهابية»، ولم يأتِ مثلاً على ذكر الرئيس ميشال عون. وهذا لا يعني تبرير تغطية الأخير للحزب، ودوره السلبي جداً بمنحه الغطاء المسيحي والنيابي والوزاري والرئاسي. لكنّ دور عون لا يختلف عن دور غيره ممّن تَبادَل الخدمات مع النظام السوري ومن ثم الحزب سعياً إلى السلطة، إلّا انّ المشكلة الأساس التي تستدعي العلاج من أجل وضع لبنان على السكة الصحيحة، ولمرة واحدة ونهائية، تتمثّل في الإشكالية المتعلقة بـ»حزب الله» وليس بفروعه وتفرعاته.
فهناك من يريد لأسباب معلومة ومجهولة حَصر المشكلة بالعهد الحالي، وتحميل المسيحيين مسؤولية ما آلت إليه أمور الوطن والمواطن، متغافلين انّ هذه المسؤولية تعود لِمَن تغاضى عن الوصاية السورية، وراهَن على لبننة «حزب الله» بتحالفٍ رباعي نقل مركز قرار السلطة من دمشق إلى حارة حريك.
والأخطر في مَن يصوِّر كل المشكلة بإسقاط الرئيس عون، انه لا يريد معالجة أصل المشكلة، وكأنه اعتاد على التعايش معها، أو انه يعتبرها عَصيّة على التغيير، فيُبعد من لم يتفق معه سلطوياً، لينتخب من يتفق معه على مستوى السلطة، وكل ذلك تحت سقف «حزب الله»، ولا يجب إغفال مسألة أساسية وهي انّ عون قطع نصف الطريق إلى القصر الجمهوري في اللحظة التي اعتبر فيها البعض انّ عدم انتخاب رئيس من 8 آذار يعني استمرار الفراغ الرئاسي، واستمرار هذا الفراغ قد يطيح اتفاق الطائف، وانّ هذا ما يريده «حزب الله»، فيما هذه المقاربة تَبريرية لا أكثر ولا أقل. وعلى هذا الأساس تَمّ التخلّي عن ترشيح الدكتور سمير جعجع، الذي كان كل الهدف منه هو الوصول إلى تسوية رئاسية تنتج رئيساً وسطياً بقاعدة سيادية.
فما يحاول طرحه البعض يَكمن في وضع المشكلة عند المسيحيين وتحييد «حزب الله»، كما تحييد نفسه عن المواجهة المطلوبة منه وطنياً، فيُخلي الساحة لصراع مسيحي-مسيحي. وبعد انتهاء هذا الصراع، يقطُف مكاسبه رئاسياً من دون اي تغيير في الإشكالية الحقيقية المتعلقة بـ»حزب الله» ودوره، وهي الإشكالية الأساسية بعد الخروج السوري من لبنان، وكل الانقسام يدور حولها، علماً انّ طاولات الحوار التي عقدت منذ العام 2006 كانت الغاية منها محاولة للاتفاق على استراتيجية دفاعية، ولكنها لم تفلح ولن تفلح باعتبار انّ هذه المشكلة إقليمية لا محلية.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا