لا حدود ولا سدود، تحول أو تخفف من الانتشار المتسارع لكورونا في لبنان. ولا إغلاق ولا استثناء، ولا لقاح ولا دواء، بل كل يوم يسجل عداد الوباء قفزة جديدة، حتى انه تخطى أمس الاول كل التوقعات، مسجلا 5440 كرقم قياسي جديد بالإضافة الى 17 وفاة، وبين المصابين وزيرة العمل لميا يمين التي اصدرت بيانا بذلك.
السلطة السياسية مشغولة بمرحلة ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، يريدون حكومة تمهد الطريق للوريث، ويعتقدون انه كلما ازداد الضغط على المعترضين او الرافضين، لانت عريكتهم، وباتوا على قناعة بأن من لم يبايع اليوم سيكون مجبرا على المبايعة غدا.
ومحور المواجهة او ساحة الصراع، هو تشكيل الحكومة، وكل الاجتهادات السياسية والدستورية والميثاقية تصب في طاحونة الحكومة، التي استهلكت حتى الآن معظم المبادرات الخارجية والداخلية، وفي طليعتها مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، “ومبادرات” وتحركات ومساعي البطريرك الماروني بشارة الراعي، ولم تبصر النور، وقد لا تبصر النور، بسبب التصادم في التوجهات الأساسية بين الفريق الرئاسي وحلفائه، وفي طليعتهم حزب الله، وفريق الحريري ومن يلتقي معه على عودة لبنان الى مسار الإجماع العربي.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، قال في إطلالته التلفزيونية عبر قناة المنار امس الاول ان الحزب ليس الجهة الكامنة وراء عرقلة تشكيل الحكومة، وعن صواريخ المقاومة قال نصر الله: لولا صواريخ المقاومة لما كان احد يسمع بلبنان أو يهتم به، وطالب الجيش والأمن الداخلي بإظهار نتائج التحقيق في انفجار المرفأ، رافضا تحميل الحزب والرئيس عون المسؤولية، ولوح نصر الله الى وسائل الإعلام المحلية التي تتناول حزب الله في مواضيع المخدرات الملفقة وقال انتم تعتدون علينا وهذا امر مرفوض.
رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع اعتبر في قول نصر الله، انه لولا وجود صواريخ المقاومة لما سمع احد بلبنان ولا اهتم به بعيد، عن الواقع لان مواقف لبنان ليست بالسياسة بقدر ما هي نقطة تتعلق بوجودنا وتاريخنا وقيمنا، وتتناقض مع التاريخ والجغرافيا.
جعجع لم ير في تغريدة الرئيس ميشال عون وفي بيان التيار الوطني الحر، من تصريحات قائد سلاح الجو الإيراني، التفافا أو محاولة للانسحاب من “تفاهم مار مخايل” مع حزب الله، وقال للقدس العربي، إنها مجرد التفافة لفظية إعلامية لا غير.. ورأى جعجع ان التشكيلة الحكومية متأخرة، وهذا أمر قدرناه منذ اللحظة الأولى.
وتوقف جعجع أمام طرح البعض إجراء انتخابات رئاسة مبكرة، غايته إيصال مرشح معين في هذه الظروف، مضيفا: المطلوب إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وليست رئاسية، علما اننا لسنا متمسكين ولا لحظة ببقاء الرئيس عون، ورأى انه طالما ان الجيش وقوى الأمن الداخلي يقومون بواجبهم فنحن بألف خير.
وماذا بالنتيجة عن تشكيل الحكومة، المصادر المتابعة توقفت أمام معطيين إضافيين، بهذا الشأن: المعطى الأول: زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى إسطنبول ولقائه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، والتباحث معه بشؤون المنطقة، والعلاقات الثنائية، كما لو أنه الرئيس الفعلي للحكومة اللبنانية. وتقول وكالة انباء الاناضول، ان الرئيس اردوغان اكد استمرار السعي التركي من اجل وحدة الشعب اللبناني “الصديق والشقيق”. بدوره مكتب الاعلام في بيت الوسط اشار الى ان مباحثات الرئيس اردوغان مع الرئيس الحريري تناولت وقف الانهيار في لبنان وإعادة اعمار بيروت فور تشكيل الحكومة. والمعطى الثاني، تمثل بظهور عنصر إعاقة آخر ظهر على سطح اليوميات السياسية في بيروت، بفتح الرئيس ميشال عون، لملف صلاحيات المجلس الدستوري، والقول ان مهمة هذا المجلس تفسير الدستور وليس فقط مراقبة دستورية القوانين. وواضح ان عنوان هذه الرسالة السياسية، عين التينة وقد تسلمها الرئيس نبيه بري بيده، وسارع الى الرد مؤكدا على ان تفسير الدستور، حق للمجلس النيابي بإجماع هيئته العامة، ودون سواه.
المصادر تعتقد بأن الرئيس عون وفريقه بدآ يتلمسان قيام تحالفات جديدة، عمادها بري والحريري وجنبلاط، والأطراف المسيحية الأساسية الداعية للتخلص منه. فيما يرى الوزير السابق رشيد درباس، ان الرئيس ميشال عون أراد فتح حلقة جدل دستوري، بغياب العامل الحكومي في الوقت الحاضر.