وفي حين أكدت الكلمة التي وجّهها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أمس، المؤكد لجهة أن ملف الحكومة عاد الى ما قبل نقطة الصفر وأن مكاسرة طاحنة تدور على تخومه بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه وبين الرئيس المكلف سعد الحريري الذي تعزّز اقتناع أوساط سياسية بأن ثمة محاولة لإحراجه فإخراجه، لم تقلّ كارثة كورونا تعقيداً في ضوء طغيان المشاهد المخيفة لصفوف طويلة من سيارات الإسعاف، كما تلك العائدة لمواطنين يحاولون دخول أقسام الطوارئ في أكثر من مستشفى وآخرين يتلقون علاجات موْضعية في آلياتهم أو في هانغارات مستحدثة، وسط علامات استفهام كبرى بدأت تطرحها مصادر متابعة حول الأخطاء المتسلسلة التي تحكم مقاربة هذا الوباء منذ أشهر، وصولاً إلى ما بدأ الإعلام اللبناني يصفه بمؤامرة التأخر في وصول اللقاحات.
وجاءت إطلالة الساعة لباسيل، أمس، مدجّجة بكل عناصر الاشتباك السياسي الذي يعكس أن عض الأصابع في الملف الحكومي مازال في أوجه وربما بلغ مرحلة “يا قاتل يا مقتول” بين فريق رئيس الجمهورية الذي يقارب هذا الاستحقاق وفق حساباتٍ تتصل بالأحجام والتوازنات وبالرغبة في الإمساك بمفتاح ذهبي يشكله الثلث المعطل بحال تحوّلت الحكومة العتيدة إلى رئاسية بعد انتهاء ولاية عون، وبين الحريري الذي يصرّ على تشكيلة من روح المبادرة الفرنسية أي مؤلفة من اختصاصيين غير حزبيين بعيداً من أي محاصصة سياسية، بما يؤمن للبنان فرصةً لمحاكاة المجتمعين العربي والدولي بحكومة غير تقليدية يكون لحزب الله وحلفائه وزناً مخفَّفاً فيها يسمح ببدء الحصول على الدعم المالي وفق دفتر شروط الإصلاحات المعروفة.
وعلى عكس إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي أبقى الخطوط مفتوحة في الملف الحكومي، ما اعتُبر من أوساط سياسية بمثابة استمرار لخيار ترْك الآخرين يزرعون الألغام في طريق تأليفٍ يريده الحزب بتوقيته الإقليمي ووفق شروطه التي لا تبتعد في جوهرها عن رؤية فريق عون ومعاييره، خرج باسيل ليقوم بما يشبه حرْق المراكب مع الحريري الذي كان اعتبر أنه سبق أن قدّم لرئيس الجمهورية تشكيلة من 18 وزيراً اختصاصياً، لا ولاءات سياسية وحزبية لهم وإن لم يكونوا معادين للقوى التي ستمنح الحكومة الثقة، وتالياً فإنه ينتظر جواب عون مع مرونة حيال بعض الأسماء ولكن ليس التوزيعة في مرتكزاتها.
ولم يتوانَ رئيس “التيار الحر” عن بق البحصة معلناً بالفم الملآن :”نحن أقلّه، لا نأتمن سعد الحريري لوحده على الإصلاح. نحن نحمّل نهجه السياسي مسؤولية السياسة الاقتصادية والمالية. فكيف نأتمن للشخص ذاته، مع الأشخاص نفسهم الذين لا يقبل أن يغيّر أحداً منهم، وبنفس سياسة التسعينات… أنّه وحده يصلّح البلد؟ وبدّنا نعمل له وكالة على بياض ونسلّمه البلد؟”