هل يجوز سحب «التكليف» من الرئيس المكلّف؟

16 يناير 2021
هل يجوز سحب «التكليف» من الرئيس المكلّف؟

كتب جهاد اسماعيل في “الأخبار”: إن كان الدستور لا يقيّد رئيس الحكومة المكلف بمهلة زمنية لتشكيل حكومته، ولا يلحظ، بصورة صريحة، خطوات قد تكون متاحة لرئيس الجمهورية حينما لا تنجز التشكيلة الحكومية في مهلة معقولة، ولا يجيز، بالتالي، في نص صريح، للمجلس النيابي سحب «التكليف» عند تعذر تشكيل الحكومة… إلا أن الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، على الصعيدين الصحي والاقتصادي، تستلزم شرعية وأحكاما استثنائية تجعل من المحظور – ولو السياسي- مباحا حين توافر الشروط الموجبة لنظرية «الظروف الاستثنائية»» التي أرساها الاجتهاد الدستوري على اكثر من صعيد، حيث يجب، باعتقادنا، ايجاد صلاحيات استثنائية بشأن تشكيل الحكومة، وذلك على النحو التالي:
– لما كانت الفقرة العاشرة من المادة 53 من الدستور تمنح رئيس الجمهورية، عند الضرورة، الحق في توجيه رسائل إلى مجلس النواب، فصار لزاما على رئيس الجمهورية أن يوجه رسالة الى المجلس النيابي يطلب من خلالها العمل على إجراء استشارات نيابية جديدة، واعتبار التكليف الأول كأنه لم يكن، لا سيما أنه صدر بموجب بيان او كتاب، ويجوز الرجوع عنه بكتاب آخر، عملا بمبدأ «موازاة الصيغ»، لأن الذين يرفضون نظرية «إسقاط التكليف» بذريعة انتفاء النص وربطه بإعتذار الشخص المكلف، تدحض نظريتهم انطلاقا من أن الدستور لم يجز، لا من قريب او من بعيد، بقاء «التكليف» الى حين اعتذار الرئيس المكلف، والا كان قد نص على ذلك صراحة!
– بحسب الفقرة الثالثة من المادة 69 من الدستور، عند استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة، يصبح مجلس النواب حكما في دورة انعقاد استثنائية حتى تأليف الحكومة ونيلها الثقة، ما يتطلب، وفق هذا النص الدستوري، من البرلمان مواكبة تشكيل الحكومة، لأن مصدر التكليف هو البرلمان نفسه. واذا كان بمقدوره، اصلا، أن يحجب الثقة عن حكومة قائمة ومكتملة الاركان الدستورية بكاملها، فبامكانه، استطراداً ومنطقياً، أن يسحب التكليف من الرئيس المكلف، على اعتبار أن الغاية من التكليف هو التأليف لا التسويف!
كما أن نص الفقرة الثالثة السالف ذكره يضع المجلس النيابي في دائرة العقد الاستثنائي، ولا يخرج منها الا بعد التشكيل، ما يعني أن وظيفة المجلس، عند هذا الالتزام، توفير شروط التأليف، لا سيما أن جملة «حتى تأليف الحكومة»، يمكن اسنادها، في اللغة القانونية، الى وظيفة «الغرض»، اسوة بوظيفة «الأجل»، الموجب للاجتماع الاستثنائي للمجلس عند تعذر تشكيل الحكومة.
– لا يجوز أن تبقى المؤسسات الدستورية – المؤتمنة على مصالح البلاد والعباد – رهينة شخصية موكل اليها انجاز مهمة معينة. فهذا يخالف نظرية «الوكالة» او «التفويض»،ذلك أن عدم تحقق الغرض الذي من أجله جرى التفويض، يجعل من الأخير فارغا من المضمون وسالباً بانتفاء الموضوع! ما يضع المجلس النيابي، بمعزل عن تركيبته وخصوصياته، امام مسؤولياته الدستورية والسياسية، تبعاً للطبيعة البرلمانية التي تحكم النظام الدستوري اللبناني، حيث تنبثق الحكومة، في النظام البرلماني، عن البرلمان بعد نيلها الثقة على اساس بيان وزاري، لا أن تنبثق المؤسسات الدستورية عن إرادة شخص تقاعس عن واجب تشكيل الحكومة، ما يناقض كل مقتضيات النظام والواقع السياسي على حد سواء!

لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.