كتب منير الربيع في “المدن”: تنتظر المنطقة كلها جو بايدن، وتركيزه دعائم توجهاته في الشرق الأوسط. المنطقة كلها، من إسرائيل إلى دول الخليج وإيران وسوريا، تراقب ما سيفعله الرجل، وكيف ستكون خطواته السياسية. وهكذا صار مصير المنطقة معلقاً على الرئيس الأميركي الجديد.
إسرائيل تواجه وإيران مكبلة
إسرائيل تحاول فرض برنامج سياسي ووقائع جديدة لا يمكن لبايدن تجاوزها. وهذا ما حصل بين إسرائيل ودولة الإمارات وفي تطبيع العلاقات مع غيرها من الدول. حتى في موضوع إيران، تؤكد إسرائيل مجدداً أنها لن تتنازل عن مواجهتها، وغير معنية بأي تفاهم إيراني – أميركي يخّل بمصالحها ولا يرتبط بما تريده. وهي تثبّت وقائع مع الدول العربية لتطويق إيران.
أما طهران فغير قادرة على الإقدام على أي خطوة جديدة. فكما مع ترامب كذلك مع بايدن: غير قادرة على تنفيذ ردودها وتهديداتها ووعيدها ضد المصالح الأميركية والإسرائيلية، رداً على الضربات التي تعرضت لها. بينما هناك مواقف تصدر عن مسؤولين في إدارة بايدن، كوزيري الدفاع والداخلية، اللذين خرجا بمواقف حيال إيران لا تختلف عن مواقف إدارة ترامب، خصوصاً في ملفي النووي والصواريخ البالستية. ولا تبدي المواقف الأميركية أي تساهل حيال إيران، بل ستمارس أميركا المزيد من الضغوط. وبالتالي، سيكون منطلق سياسة بايدن ما أرساه ترامب وكرّسه.
رهانات الخليج وتركيا
دول الخليج، وخصوصاً السعودية والإمارات، تعملان على جمع أكبر قدر من الأوراق تحضيراً لأي مفاوضات إيرانية – أميركية قد تحصل. وفي هذا السياق جاء تصريح وزير الخارجية القطري حول حوار إيراني – خليجي. وهذا يهدف إلى فرض واقع جديد على أي مفاوضات إيرانية – أميركية، بشكل لا تتكرر فيه سياسة باراك أوباما الذي ذهب إلى إتفاق نووي مع إيران من دون إشراك دول الخليج، التي تصر على أن تكون فاعلة على طاولة أي مفاوضات جديدة.
تركيا أيضاً تترقب ما ستكون عليه سياسة بايدن في منطقة الشرق الأوسط، وتحديداً في ملف الأكراد أو الواقع على الأرض في سوريا. ولا سيما أن بايدن لن يكون متحمساً للانسحاب من هناك، وتسليم الأتراك مناطق النفوذ الأميركية. ويراهن الأكراد بإيجابية على دور بايدن الذي ينظرون إليه كداعم لهم.
ينطبق الأمر نفسه على روسيا وسياستها. فهي تحاول البحث عن تفاهمات مع الإدارة الأميركية الجديدة. وخصوصاً لجهة زيادة منسوب التنسيق مع الأميركيين والإسرائيليين في أي نشاط عسكري في سوريا. وهذا يزيد من الضغوط على إيران، وينعكس مباشرة على سلوك النظام السوري، ولن يجد أي منفذ جديد لنفسه من دون الرهان على روسيا وعلى مخاطبة الإسرائيليين، إلى جانب رهانه على تكرار أي تفاهم أميركي – إيراني، كالذي حصل أيام باراك أوباما، أو أيام جورج بوش الأب وكلينتون مع حافظ الأسد.
لبنان للتوتر بين الأسد وإيران
في لبنان، لا يمكن الإقدام على أي إجراء جديد أو العمل على تشكيل حكومة، قبل اتضاح الرؤية الأميركية. حزب الله ينتظر أن يكوِّن رؤية جديدة لتوجهاته في المرحلة المقبلة، لا سيما في ضوء رهان أميركي – روسي – عربي على افتراق سوري – إيراني، وزيادة التوتر بين النظام السوري والإيرانيين وحلفائهم في سوريا.
وقد يتعزز هذا التوتر مع الحديث عن لقاءات سورية – إسرائيلية في حميميم. وهو يشمل الابتزاز الذي يقوم به نظام الأسد في التهريب، عبر جهات محددة، من لبنان إلى سوريا لدعم النظام. وهناك ترقب لتضارب المصالح بين نظام الأسد من جهة، وإيران وحزب الله من جهة أخرى، في ظل استمرار الضغوط الأميركية – الإسرائيلية في سوريا. وهذا ما يدفع بشار الأسد إلى تقديم المزيد من أوراق الاعتماد، والبحث عن كيفية ترتيب أموره.
بلا حكومة
يبقى الوضع اللبناني مؤجلاً في هذه المرحلة. والدليل أن الحركة التي شهدتها الساحة اللبنانية في اليومين الماضيين، لقاءات واتصالات، لم تؤد إلى أي نتيجة جدية قادرة على تشكيل الحكومة.
وحسب معلومات فإن رئيس الجمهورية، عندما نُصح بالمبادرة تجاه الرئيس المكلف بعد فيديو الإساءة، كان جوابه واضحاً: لن يقدم على أي مبادرة. وإذا أراد الحريري لقاءه فعليه أن يطلب موعداً لذلك. أما باسيل، فعندما طلب منه العمل على تقديم تنازل أو المبادرة لإصلاح الموقف، فكان جوابه: لم يحن الوقت بعد.
وهناك بعض المصادر تنقل عن عون أنه لا يرى حكومة قريبة في الأفق. وهو متمسك بشروطه ولا يتنازل عنها، ويرى أن على الحريري تقديم التنازلات.