لم تحمل الايام القليلة الماضية، أي موقف يمكن البناء او التأسيس عليه، للانتقال لا الى مرحلة انتظار لقاء ما بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري- والذي يمكن ان يحصل- بل الى المرحلة الاهمّ: فك أسر الحكومة المنتظرة.
فبيان رئاسة الجمهورية اليوم حمل مواقف، فاقمت الازمة وزادتها استعصاء، سيما لناحية قولها “ليس للرئيس عون ان يكرر دعوة رئيس الحكومة المكلف الى الصعود الى بعبدا.
قصر بعبدا ينتظر ان يأتيه الرئيس المكلف بطرح حكومي يراعي التمثيل العادل”.
قبل ذلك، كانت جولة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب على كل من بيت الوسط فعين التينة وبعبدا، والتي كانت نتائجها صفرا، وفق ما تقول مصادر سياسية مطلعة، مشيرة الى ان احدا لم يكلّف الرجل او يدعمه، وهو لما كان في “أيام عزّه” على رأس حكومة “مواجهة التحديات”، لم يتمكّن من تحقيق اي انجاز يذكر.
فكيف له اليوم ان يلعب دور الوسيط بين اللاعبين الكبار في لعبة معقّدة الى هذا الحد، اعتبرها هو – للمفارقة – “شبه محلولة، وتبقى بعض التفاصيل الصغيرة”؟! اما رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيبدو بدوره غير مستعد للدخول في اي وساطة، ويفضّل، وفق المصادر، ابقاءَ محرّكاته مطفأة في انتظار مؤشرات محلية من قبل طرفي الازمة، الى استعدادهما للتنازل، يبدو انها لم تتوافر بعد.
أما حزب الله،التي قالت الرئاسة في بيانها ايضا انه لا يتدخل في التشكيل، فمن جانبه، لا يزال يتفرّج ولم ينطلق جديا بعد – أقله في العلن – في اي مسعى لترطيب الاجواء بين بعبدا وميرنا الشالوحي من جهة وبيت الوسط من جهة ثانية.
ففي وقت يفترض ان يركّز في اتصالاته، على حليفه النائب جبران باسيل لدفعه الى وضع بعض المياه في نبيذ شروطه.. لم يغيّر الاخير قيد أنملة بعد في مطالبه، بدليل البيان الاخير لتكتل لبنان القوي، منذ يومين، حيث اكتفى بتكرار دعوته الرئيس المكلف الى التواصل من جديد مع رئيس الجمهورية.
على اي حال، دلّ بيان كتلة الوفاء للمقاومة امس، على ان الحزب لا يزال في مرحلة “العموميات”، ويقارب الملف الحكومي عن بعد، لا اكثر.
فقد قالت الكتلة “رغم انقضاء ما يقرب من ثلاثة أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، وسواء تم تجاوز المهلة الطبيعية للتأليف أو يكاد… فإن الواقع المأزوم في البلاد، يتطلب تحريكا استثنائيا لعجلة التأليف الحكومي من أجل أن تباشر السلطة التنفيذية إدارة شؤون الوطن والمواطنين”.
وأردفت “الظروف ضاغطة والإمكانية متوفرة لإنجاز تشكيل الحكومة خصوصا إذا ما تم القيام ببعض الخطوات التي تسهم في تدوير الزوايا وتعزيز الثقة وإزالة المخاوف بين المعنيين”… فممّن تتوقّع الكتلة ان يدوّر الزوايا، يا ترى؟
في مقابل هذا الانسداد، وحدها بكركي في حركة غير منقطعة لمحاولة فتح ثغرة في الحائط الحكومي المقفل.
فبعد ان طلب البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته الاحد الماضي، من رئيس الجمهورية توجيه دعوة للحريري للقاء والتفاهم على التشكيل – وهي دعوة لم تلق أي صدى ايجابي بعد في القصر – أوفد الراعي الاثنين المطران بولس مطر الى بيت الوسط، قبل ان يستقبل امس في الصرح البطريركي في بكركي مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي في إطار استكمال مساعيه للاسراع في تشكيل حكومة جديدة.
فهل تتمكن يد الراعي من التصفيق “وحدها”؟ المصادر تقول انه في افضل الاحوال، قد تنجح بكركي، من باب “المونة”، في جمع عون والحريري، علما ان بيان القصر اليوم، قد يصيب من مساعي الصرح مقتلا… على اي حال، ما لم تضع القوى السياسية كلّها ثقلها في القضية، وارتضت التعاون وتقديم التنازلات الحقيقية بعيدا من حساباتها الشخصية والمحاصصتية والاقليمية، فإن الحكومة لن تبصر النور في المدى المنظور، تختم المصادر.