ترخي الازمات المتتالية بثقلها فوق اكتاف اللبنانيين، نكبتهم تكمن بوجود سلطة فاجرة تأبى الرحيل بعدما أفلست البلاد والعباد تهرب من أدنى واجباتها و تتلهي بتقاذف الاتهامات ، وليس على المواطن الا حصاد الخيبة تلو الأخرى.
المعادلة التي تحكم العلاقة بين المواطن اللبناني و دولته طريفة إلى حد ما، تعتبر مزيجا من الشك و انعدام للثقة و لا مبالاة ، الدولة تعفي نفسها من أدنى واجباته و تتشبث بحصصها تدير ظهرها لأنين شعبها جراء الإفلاس النهائي ، بدوره المواطن يبادلها نفس المشاعر عبر عدم اكتراث بخلافات اهل الحكم و صراعاتهم و التشكيك في كل أداء الدولة و تصرفاتها ولو بمكافحة وباء كورونا، أنه نمط التشكيك المتبادل .
حتى الأمس القريب، كانت “لعنة الرئاسة” عبارة عن لوثة تصيب مطلق شخصية سياسية مارونية، اما راهنا فأصبحت مرضا مزمنا اصاب لبنان باشتراكات افقدت المناعة من جسد النظام السياسي و أصبح عرضة للسقوط المدوي.
ذلك لا يحتاج إلى ادلة و براهين طالما ان العقبة الأساسية أمام تشكيل الحكومة الراهنة تكمن بعقدة الانتخابات الرئاسية ترشيحا او تمديدا او فراغ.
في هذا الشأن، يخوض فريق عون حروبا شرسة من أجل تثبيت دوره المركزي في الاستحقاق الرئاسي القادم حيث يبدي جبران باسيل شراسة ملفتة على خطين الأول مسك كل مفاصل الدولة الأمنية و المالية و الإدارية و الثاني و الأهم تثبيت موقعه السياسي المتقدم كممثل المسيحيين خصوصا بعد اخضائعه للعقوبات الأميركية.
يؤكد متابعون على ثوابت تحكم آداء عون ، أبرزها على الإطلاق الاطمئنان على مصير صهره و مستقبله السياسي، من هنا كسر قرار مجلس النواب و التحايل عليه نتيجة الرفض المطلق للحريري على رأس حكومة العهد َ ما بعده ، فضلا عن التشدد من احل دفع الحريري نحو الاعتذار و لو ازعج هذا الخيار الحلفاء قبل الخصوم آخر الفصول اشتراط حكومة من 20 وزيرا حتى لو استمر تصريف الأعمال حتى نهاية العهد.
بالمقابل ، استعد الرئيس المكلف للرد على صاع ” العناد العوني” بصاعين وأكثر ، فالحريري يرفض تكرار غلطة التسوية التي افقدته الوزن السياسي و الشعبي عام 2016 و كانت مبرراته حينها انهاء الفراغ الرئاسي، فإذا كانت كلفة إيصال عون باهظة حينها فما بال الحريري بكلفة التفاهم مع جبران باسيل راهنا؟.
في غضون ذلك، من الواضح رهان الحريري على تحرك خارجي خلال الأسابيع المقبل تشكل من مثلث الأضلاع الأميركي و الفرنسي و العربي المناوئ لنفوذ إيران ، فتظهير ماكرون الموقف من لبنان يعكس ملامح ترميم المبادرة الفرنسية ثم التقدم نحو بيروت بطرح متكامل و إجبار الأطراف المعنية على تطبيقه، الأمر الذي يعني نفاذ صلاحية الطبقة السياسية رغم كل الصراخ و التباكي عن الحقوق و الدستور.