جولة الصباح الاخبارية: البلاد معلقة على حبال هواء التعطيل… تعويل على زيارات الحريري لتحريك الأجواء

6 فبراير 2021
جولة الصباح الاخبارية: البلاد معلقة على حبال هواء التعطيل… تعويل على زيارات الحريري لتحريك الأجواء

ما بين حكومة تصريف الأعمال، والحكومة الموجودة في درج القصر الجمهوري تعيش البلاد حالاً من التخبط الذي لم يشهد له مثيل خصوصاً في ظل أزمات متلاحقة تعصف بها، سواء أكانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أوأمنية. ففي حين يواصل الرئيس سعد الحريري جولته الخارجية التي ستقوده الى الامارات وبعدها الى فرنسا، يسعى رئيس الجمهورية الى تعويم حكومة تصريف الأعمال، من باب ضرورة اقرار الموازنة، ما يجعله يصطدم مرة جديدة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وبترك البلاد معلقاً في حبال الهواء بانتظار حبل انقاذ خارجي.

اجتماع حكومة تصريف الأعمال 
في هذا الوقت، يسعى رئيس الجمهورية إلى فرض آلية عمل رئاسية ومجلسية وحكومية تتعايش مع عدم وجود حكومة أصيلة، ربطاً للنزاع مع الرئيس المكلف سعد الحريري بما يفرض أمراً واقعاً يضع عملياً تكليفه “على الرف”. ومن هذا المنطلق يحاول عون الضغط باتجاه تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال، لكنّ اندفاعة القصر الجمهوري في هذا الاتجاه تصطدم بحالة من “التمرّد” في السراي الحكومي، حيث لا يبدي الرئيس حسان دياب أي تجاوب مع رغبة عون في دعوة مجلس الوزراء للانعقاد لإقرار مشروع موازنة العام 2021.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر رفيعة لـ”نداء الوطن” أنّ رئيس الجمهورية أجرى اتصالاً هاتفياً بدياب يسأله فيه عن موعد دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، لكنّ جواب الأخير “لم يكن إيجابياً” في التعاطي مع هذه المسألة، باعتباره لا يزال عند رأيه بعدم تحبيذ انعقاد مجلس الوزراء في فترة تصريف الأعمال، لافتةً إلى أنّ وزير المال غازي وزني زار أيضاً دياب بعدما أحال إليه مشروع الموازنة للبحث في مسألة إقراره على طاولة مجلس الوزراء “لكنّ دياب بقي على موقفه في تفضيل عدم دعوة الحكومة إلى الانعقاد”.

وإذ توضح أوساط حكومية أنّ دياب ينطلق بموقفه هذا من ثابتتين، الأولى أنه “لا يريد تحميل حكومته مزيداً من الأعباء والمسؤوليات عبر دفعها إلى البت في موضوعات خلافية ومن بينها الموازنة”، والثانية أنه “يرى وجوب تحويل الضغط باتجاه تشكيل حكومة جديدة بدل الضغط عليه لانعقاد حكومة تصريف أعمال وتسيير العمل الحكومي بشكل عادي”، لتذهب الأوساط أبعد من ذلك في التساؤل صراحةً: “لماذا على حسان دياب أن يقبل بتحمل مزيد من المسؤوليات نيابةً عن الطبقة الحاكمة بعدما انقلبت عليه وقدمت حكومته “كبش محرقة” على طبق حساباتها السياسية”.

أما على المقلب الآخر، فتشير مصادر مطلعة إلى أنّ رفض دياب انعقاد مجلس الوزراء مرده إلى “حرصه على عدم تعكير علاقته المستجدة مع رؤساء الحكومات السابقين الذين لا يبدون حماسة لانعقاد جلسات مجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف الأعمال”، ولذلك هو يحاول التماهي مع موقفهم والتصرف على أساس أنه يتموضع في خانة “الدفاع عن صلاحيات الرئاسة الثالثة”.

غير أنّ مصادر نيابية مالية، تشدد على أنه من الأفضل بطبيعة الحال إقرار موازنة العام 2021 من قبل حكومة أصيلة، لكن “في ظل الصورة القاتمة التي تنبئ بأن لا حكومة جديدة في المدى المنظور، يصبح عقد جلسة لمجلس الوزراء لإقرار الموازنة أفضل من عدمه على قاعدة الضرورات التي تبيح المحظورات، لأنّ الصرف على القاعدة الاثنتي عشرية بانتظار الحكومة الجديدة سيكون كارثياً على البلد، خصوصاً وأنّ مصاريف العام الماضي وأرقامها لم تعد تتناسب مع الوضع الحالي”، وتضيف: “صحيح القول إنه من غير الجائز أن تضع حكومة مستقيلة سياسة مالية لحكومة مقبلة وتفرض عليها بنوداً مالية واقتصادية، لكن يبقى في نهاية المطاف واجب استمرارية الدولة والمرافق العامة أهم من أي شيء آخر، لأنّ الوضع المالي بات على المحك، ولأنّ الدساتير لم توضع أساساً لتكريس الشلل إنما لمنعه”.
صدقية الالتزامات

حكومياً، اشارت مصادر متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة أن التحركات والوساطات لتقريب وجهات النظر بين الرئيسين عون والحريري داخليا على اكثر من خط، ان كان من قِبل بكركي او المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، كانت هامدة خلال الايام الماضية في ظل استمرار كل من الطرفين على مواقفه وطروحاته المعلنة من عملية التشكيل، بينما ما يزال حزب الله يتعاطى مع ملف تشكيل الحكومة من منطلق دعوة عون والحريري للتفاهم والتوافق بينهما، وليس مستعجلا لبت هذه المسألة بالسرعة الملحة او يمارس اي ضغط على حليفه التقليدي، ربما لان هذا يتلاقى مع أهدافه لابقاء هذا الملف مؤجلا ومن ضمن اوراق التفاوض الايرانية على الملف النووي مع الادارة الاميركية. وتضيف المصادر ان ادعاء بعبدا بوجود الحريري خارج لبنان وهي تنتظر عودته لتحريك الجمود الحاصل بعملية تشكيل الحكومة، ليس الا محاولة مكشوفة للتهرب من مسؤولية رئيس الجمهورية تحديدا بتعطيل تشكيل الحكومة عمدا، لا سيما وان الرئيس المكلف سلمه منذ اسابيع معدودة التشكيلة الحكومية وكان موجودا في لبنان طوالها ولم يتلق رد عون عليها، لا سلبا ولا ايجابا، بل كل ما حصل هو محاولات رئاسة الجمهورية تجاوز الدستور واختراع بدع ملتوية للتهرب من مسؤولية التأخر والعرقلة بتشكيل الحكومة. واعتبرت المصادر انه لو كانت ادعاءات الرئاسة الاولى بالتشكيل سليمة لتم تشكيل الحكومة بأسرع ما يمكن، في حين ان محاولاتها لربط تأخير انجاز التشكيلة الحكومية بوجود الرئيس المكلف خارج لبنان لن تجدي نفعا، لان معظم الاطراف السياسيين بالداخل والدول الشقيقة والصديقة تعلم علم اليقين بان من يعطل التشكيل هو رئيس الجمهورية وفريقه السياسي، وتشير بهذا المجال الى الاتصال الهاتفي الذي تلقاه عون من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مؤخرا وتكتمت دوائر قصر بعبدا عن الاعلان عن مضمونه او البعض منه، في حين ما كشفته مصادر صحفية بالعاصمة الفرنسية من معلومات مقتضبة يشير الى استياء شديدا ابداه ماكرون من المماطلة الموصوفة بتشكيل الحكومة، كما ضمن كلامه عتبا وتشكيكا بعدم صدقية الالتزامات التي تلقاها شخصيا بالالتزام لتنفيذ المبادرة التي طرحها بنفسه لتشكيل حكومة انقاذ لمساعدة لبنان ليتمكن من المباشرة بحل الأزمة المالية والاقتصادية والمعيشية التي باتت تضغط بقوة على كل اللبنانيين. وكشفت المصادر ان الرئيس المكلف ما يزال على موقفه ومتمسكا بالتشكيلة الوزارية التي سلمها الى رئيس الجمهورية وينتظر جوابه عليها، في حين ان زياراته الخارجية تهدف الى اطلاع الدول الصديقة والشقيقة الى واقع الحال مما يجري ومحاولة فك ارتباط الوضع بالازمات والمصالح الاقليمية التي يصر البعض بالداخل ربطها قسرا عن رغبة معظم اللبنانيين بهذه المصالح ، وكذلك طلب مساعدة هذه الدول للبنان لحل الازمة المالية والاقتصادية التي يواجهها حاليا. وتوقعت المصادر ان يتطرق الحريري بالتفاصيل إلى كل مسار تشكيل الحكومة منذ اعلانه نيته الترشح لرئاسة الحكومة الجديدة والمطبات والعراقيل المفتعلة عمدا بمشاورات التأليف ويسمي الأشياء بأسمائها في ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في الرابع عشر من شهر شباط الجاري ،اذا بقيت الامور موصدة على حالها ولم يحصل اي اختراق ملموس بعملية التشكيل حتى ذلك التاريخ.

دعم مهمة الحريري

وسط هذه الأجواء، كشفت مصادر دبلوماسية عربية لـ “اللواء” ان التوجه، يتركز حالياً، على دعم مهمة الرئيس المكلف في تأليف حكومة، منسجمة مع المنطلقات العملية والاصلاحية التي انطوت عليها مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون.

وقالت المصادر ان ائتلافاً دولياً، عربياً قوامه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومصر والإمارات العربية، يهدف إلى ممارسة ما يلزم من ضغوطات، وممارسة ما يلزم من مساعدة دبلوماسية لتضييق شقة التباين بين رئيسي الجمهورية والرئيس المكلف، بشأن الحقائب والأسماء وعدد أعضاء الحكومة.

إلَّا ان مصادر أخرى حذّرت من عدم استثمار الفرصة السانحة، والتي يمكن ان تكتمل مع زيارة مرتقبة لماكرون إلى المملكة العربية السعودية، فضلا عن استمرار الاتصالات مع إيران، لتذليل كافة العقبات الخارجية، وتوفير ما يلزم من دعم سياسي، ولاحقا اقتصادي، لإخراج لبنان من الأزمة التي تضعه على شفير الانهيار..
بري: لا تزال القصة عند عندياتنا ونص
وغداة الموقف الفرنسي – الاميركي المشترك الذي حثّ المسؤولين اللبنانيين على الاسراع في تأليف حكومة ذات صدقية وفعالية فلم تبرز معطيات جديدة داخليا تعكس أي اتجاهات لدى العهد للاستجابة لموجات المواقف الخارجية الضاغطة في اتجاه حمل المسؤولين على تشكيل الحكومة. بل ان ما ينقل عن أوساط العهد لا يزال يدور في اطار التشبث بالاشتراطات المعروفة للعهد بلوغا الى حصوله وتياره السياسي على الثلث المعطل بما يعني واقعيا ان المراوحة القاتلة لا تزال تحكم بحصارها على الاستحقاق الحكومي المعطل. ولعل هذا ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى القول لـ”النهار” امس “لا تزال القصة عند عندياتنا ونص” على اساس “اذا تلقينا دعماً من دولة من الخارج لا يعني أننا غير مسؤولين. ويبقى العائق داخليا”.

الاقفال العام وكورونا
وكما المؤشرات الحكومية والمالية، كذلك المؤشرات الصحية لا تنبئ بفرج قريب، لا سيما مع بلوغ عداد الوفيات من المصابين بكورونا عتبة المئة، إثر تسجيل 98 وفاة فضلاً عن 3071 إصابة جديدة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. وهي أرقام شكلت مبعث قلق لدى الأوساط الصحية عشية قرار الإنهاء التدريجي للإقفال التام، مبديةً تخوفها من أن “مفاعيله الصحية قد لن تكون على قدر المأمول منه”.

وتشير الأوساط إلى أنّ نسبة فحوصات الـ”PCR” الإيجابية باتت حوالى 22% من مجمل الفحوصات التي تجرى في المختبرات، بينما بلغ معدل الوفيات نسبة 1% من المصابين بالوباء وهي نسبة مرتفعة عالمياً، لافتةً إلى أنّ الإقفال العام ساهم في تخفيف الضغط عن القطاع الطبي والاستشفائي لكن يُخشى أن تعود الأمور لتسلك منحى تصاعدياً على مقياس الإصابات، وبالأخص أنّ الإقفال “ينازع” قبل انتهاء مفاعيله بأسبوع تقريباً تحت وطأة الخروقات التي سجلت مع عودة الازدحام إلى مناطق وأحياء.

وعن الفتح التدريجي على أربع مراحل بدءاً من الاثنين المقبل، رأت الأوساط الصحية أنه يصح فيه القول: “الكحل أحسن من العمى”، موضحةً أنه أمام عدم القدرة الاقتصادية على تحمل أعباء استمرار الإقفال العام، كان لا بد من وضع خطة “فتح متدرّج” تحول دون تشريع الأبواب بالمطلق أمام عودة دورة الحياة إلى طبيعتها والمجازفة تالياً بضياع كل ما تحقق خلال مرحلة الإقفال، فكان الخيار واضحاً بالحاجة إلى وضع “خريطة طريق” للخروج من الإقفال على مراحل، مع التشديد في الوقت عينه على أن “العبرة تبقى دائماً بمدى الالتزام سواءً من قبل الناس أو من جانب الأجهزة المعنية في فرض تطبيق الإجراءات المتخذة”.