في المقابل، يتصرّف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بالروحية ذاتها بمعنى رفضه الإقدام على أي خطوة تراجعية من شأنها أن تسهّل التأليف، لإدراكه أنّ هذا التراجع هو أمر مرفوض من جانب القوى الدولية المعنية بالملف اللبناني، وفي طليعتها فرنسا والولايات المتحدة الأميركية. ولذا يحاول الرجل تقطيع الوقت الضائع من خلال جولات خارجية تحاكي التطورات المنتظرة دولياً واقليمياً على صعيد المفاوضات المرتقبة، والتي من شأنها أن ترسم معالم المنطقة للعقد المقبل، مكتفياً بالاحتفاظ بورقة التكليف في جيبه.
هكذا، يُفهم أنّ الأزمة الحكومية خرجت عن الحدود اللبنانية، وباتت معلّقة على حبل التطورات الاقليمية وتحديداً المفاوضات المرتقبة بين الولايات المتحدة وإيران، حتى أنّ بعض العواصم المعنية بالملف باتت مقتنعة أنّ قيام الحكومة ومن بعدها الورشة الإصلاحية بات يحتاج إلى تقاطع إقليمي له أثمانه الباهظة، ولم يعد بمقدور اللبنانيين التحكّم بمساره أو مصيره. ويرى بعض المعنيين أنّ العهد يستفيد من هذا الهامش لرفع سقف مواقفه وحفظ مكانته على طاولة المفاوضات، لكونه مقتنعاً أنّ لحظة التسويات لم تحن بعد. ولذا يتصرف على أساس تعزيز أوراقه وتحسين موقعه التفاوضي… بانتظار ساعة الحسم. ويذهب البعض من غير حلفاء “حزب الله” إلى حدّ الجزم، بأنّه لو توفر تقاطع دولي حول الحكومة اللبنانية، لكان مشوار تأليفها لا يحتاج لأكثر من أيام معدودة.