ولكن هذه الاستقالات لم تحقق هدفها بعدما كان النواب الذين بادروا إلى هذه الخطوة توقعوا وبنوا حساباتهم على أساس أن سبحة الاستقالات ستكر وأنهم هم البادئون وغيرهم سيلحقونهم تحت ضغط الشارع وغضبه، وكانت الأنظار والتوقعات تتركّز على ثلاث كتل اساسية: “المستقبل” ـ “القوات” ـ “الاشتراكي”.
وبعدما أظهرت “القوات” استعدادا وجهزت نوابها للاستقالة، فإنها عادت وصرفت النظر عن الخطوة بعدما فوجئت بأن سعد الحريري ووليد جنبلاط، اللذين أعطيا إشارات أولية في هذا الاتجاه، غيرا موقفهما او ان إشاراتهما كانت مضللة وغير جدية.
فمن جهة يتفادى الحريري وجنبلاط استفزاز الصديق والحليف الرئيس نبيه بري وإغضابه.. ومن جهة ثانية يتهيّب الرجلان فكرة الذهاب إلى انتخابات مبكرة لعدم جهوزيتهما وعدم تحبيذهما إجراء الانتخابات على أساس القانون الحالي الذي يعطيهما أقل بكثير من القانون السابق الأكثري.. وإذ ذاك وجدت “القوات” ان استقالتها لوحدها غير كافية لتغيير الوضع والدفع باتجاه الانتخابات وان استمرارها في مجلس النواب ومن موقع المعارضة يبقى أفضل وأجدى، وهذا ما ظهر لاحقا في التأثير الذي مارسته في موضوع التدقيق الجنائي”.