الموقف الفرنسي اليوم وغدا: هذا ما عندنا ولا حل الا باصلاحات سيدر وتوصيات صندوق النقد الدولي

13 فبراير 2021
الموقف الفرنسي اليوم وغدا: هذا ما عندنا ولا حل الا باصلاحات سيدر وتوصيات صندوق النقد الدولي

كتبت صحيفة “الأخبار”: منذ مطلع هذا الأسبوع، تقاطعت المعلومات التي وصلت الى المسؤولين الرسميين حيال موقف باريس من مأزق تأليف الحكومة، عشية اجتماع الحريري بماكرون وغداته، وتمحورت حول بضعة معطيات لا تشير الى تحوّل جدي ملموس أكثر مما هو معلوم عنها، وخصوصاً في ظل الغموض الذي لا يزال يحوط بزيارة ثالثة محتملة لماكرون لبيروت أو إرسال موفد له، الأمر الذي عنى، حتى إشعار آخر، ترك تأليف الحكومة بين يدي صانعَيها الاثنين المستعصي تفاهمهما:

1- يسيء باريس أن الأفرقاء اللبنانيين جميعاً تنصّلوا من المبادرة الفرنسية، وأخلّوا بالتعهدات التي قطعوها للرئيس الفرنسي في زيارته الثانية لبيروت، وكانوا قد أكدوا له التزامهم تنفيذ بنود مبادرته قبل أن يكتشف لاحقاً أنهم خدعوه. مذذاك لم يطرأ لدى هؤلاء الأفرقاء أي استعداد معاكس، وثابروا على إنكار المبادرة، بدءاً بأبرز بنودها وهو تأليف حكومة اختصاصيين منذ إطاحة مصطفى أديب الذي صار الى تكليفه عشيّة وصول ماكرون الى بيروت في زيارته الثانية في 31 آب، ثم أُبعد بعد أقل من شهر.

2- ما يثير استغراب باريس، في ضوء تواصلها مع الأفرقاء اللبنانيين، أنهم يغرقون أنفسهم في أوهام أن أحداً ما، أو قوة دولية، ستنقذهم في اللحظة الأخيرة قبل الانهيار الشامل. بين هؤلاء ــــ يقول الفرنسيون ــــ مَن يعتقد أن المشكلة تنتهي من تلقائها، ولذا يتمسكون بشروطهم ولا يبدون أي استعداد لأدنى تنازل.

3- لا يفاجئ الفرنسيين ما يعرفونه عن اللبنانيين، على مرّ عقود العلاقات التاريخية بين البلدين، كما في أزمات محنهم وأزماتهم، أنهم أخبر من يُعوِّل على عاملَي الوقت والانتظار، ويتعمّدون ربط مشكلاتهم الداخلية بالملفات الإقليمية والدولية الشائكة. يرى الفرنسيون أن الأفرقاء المعنيين بالأزمة الحكومية الحالية يلتقون على هذين العاملين، لكنّ كلاً منهم يدرجه في جدول أعمال مختلف: ينتظر حزب الله والدائرون في فلكه نتائج المفاوضات الأميركية ــــ الإيرانية واحتمال العودة الى الاتفاق النووي الذي من شأنه تحسين شروطه في الداخل، عوض تقديم تنازلات مكلفة حيال موقعه في المعادلتين المحلية والإقليمية، ويعزّز موقعه التفاوضي بإزائهما. في المقابل، يربط الأفرقاء الآخرون، كالحريري ووليد جنبلاط والنائب جبران باسيل وسمير جعجع، هذه المفاوضات بانعكاسها على الانتخابات النيابية والرئاسية السنة المقبلة، على أن تصل هذه القوى الى هذين الموعدين قادرة على فرض شروطها متسلّحة بموقف تفاوض قوي بدوره. لذا يسهل فهم الشروط التي يتبادلها هؤلاء جميعاً حيال تأليف حكومة يفترض أن تكون قائمة قبل حلول الاستحقاقات المهمة تلك: تداعيات الاتفاق النووي المحتمل والانتخابات الدستورية اللبنانية المتوالية.

4- منذ زيارته بيروت، لم تتغيّر الرسائل المباشرة التي وجّهها الرئيس الفرنسي مباشرة، أو موفده أو سفيره في بيروت، الى الأفرقاء اللبنانيين جميعاً بلا استثناء، وهو أن لا حل للمشكلة اللبنانية إلا بمباشرة الإصلاح الاقتصادي والنقدي فوراً وعلى نحو عاجل. أوفت فرنسا بكل ما تعهدت به الى الآن، من غير أن تلقى يداً مُدّت إليها تؤكد الشروع في تنفيذ مبادرتها، وأولها تأليف حكومة جديدة.
5- لا مبادرة فرنسية جديدة، ولا تعديل في بنود المبادرة الحالية، بل إصرار عليها على نحو وضعها أمام المسؤولين والقيادات اللبنانية حينما جمعهم الرئيس الفرنسي في قصر الصنوبر في الأول من أيلول. الأهم في ما تصرّ عليه باريس، أن على الأفرقاء اللبنانيين أن لا يقلعوا عن التفكير في أن تنصّلهم من المبادرة من شأنه أن يحمل ماكرون على تقديم عروض بديلة. لا حلّ للأزمة إلا وفق ما اقترحه وهو تأليف حكومة تعكف على إقرار الإصلاحات التي أوردها مؤتمر سيدر عام 2018 وما أوصى به صندوق النقد الدولي.