اللبنانيون مسؤولون وأي انتخابات مبكرة انتحار فعلي

14 فبراير 2021
اللبنانيون مسؤولون وأي انتخابات مبكرة انتحار فعلي

كتب اياد ابو شقرا في”الشرق الاوسط”: لا شك في أن اللبنانيين يتحمّلون المسؤولية الكبرى في ما آلت إليه أمورهم، لأنهم ساروا في ركاب مستغلّيهم لفترات طويلة، أخفقوا خلالها في التفاهم على الحد من مقوّمات التعايش الواعي والمنصف. كذلك أخفقوا في بلورة تصوّر قابل للحياة لهوية وطنية جامعة يواجهون بها تجّار الغرائز، ومشتري الضمائر، والمراهنين على الخارج في كل مناسبة.
واليوم، عندما يطالب البعض عن حُسن نية – كما أحسب – بإجراء انتخابات نيابية مبكّرة، فإن هؤلاء يراهنون على أن اللبنانيين تعلّموا الدرس، ولن يسقطوا مجدداً ضحية سهلة للقيادات والتفاهمات الفوقية التي حسمت لمصلحتها الانتخابات العامة الأخيرة عام 2018.
للأسف، شخصياً لا أشاطر هؤلاء الرأي، لكوني أعتقد جازماً أن “قوى الأمر الواقع” و”الدولة العميقة” المُخترَقة من هذه القوى أقوى بكثير مما يتصوّرن. بالتالي، سيشاهدون مُجدّداً أمامهم مجتمعاً جريحاً ومحبطاً سيعجز عن التصدّي لمصادر قوتهم المستوردة، تماماً كما عجز هذا المجتمع عن التضامن والتوحّد حماية لأحراره الشهداء وانتفاضته الشعبية النظيفة.
وهكذا، ستكون انتحاراً سياسياً أي انتخابات عامة مبكّرة تُجرى في ظل «احتلال فعلي» تمدّد واستشرى داخل معظم مؤسسات الدولة ومرافقها. بل أكثر من هذا، أزعم أن قوى “الأمر الواقع” نجحت في غير موضع وعبر اختراقات إقليمية ودولية في تحسين فرصها بإحداث اختراقات أكبر داخل حالات عربية بعضها مرتبك… والبعض الآخر مغامر وسيئ الرهانات.

على صعيد آخر، وكما هو ملاحظ، تبدو الصورة إقليمياً ودولياً «ضبابية» إزاء ما يتعلّق بالتعاطي الأوروبي والأميركي مع الملف الإيراني.

الطريقة التي تعاملت بها باريس، وما زالت تتعامل، مع الملف اللبناني لا توحي بوجود استراتيجية واضحة خارج إطار “تقطيع الوقت” بانتظار تغيّر معطيات ما. و«تقطيع الوقت» حالياً ترَفٌ لا يتحمله وضع بحرج الوضع اللبناني في ظل جائحة «كوفيد – 19» وانهيار الاقتصاد وشلل السلطة… بل قُل غيابها المتعمّد.
أضف إلى ذلك، أن “ضبابية” الموقف الأميركي ازدادت كثيراً بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وسيطرة الديمقراطيين على السلطتين التنفيذية والتشريعية (البيت الأبيض ومجلسي الكونغرس)… ومن ثم، تعيين شخصيات مقرّبة من اللوبي الإيراني في مواقع حساسة.
اليوم، اللبنانيون على موعد مع كلمة يلقيها الرئيس سعد الحريري في الذكرى السنوية الـ16 لتغييب أبيه، وكثيرون سيتمعنون في ما سيقوله. فهل يقرّر المصارحة، ونقد خياراته ورهاناته السابقة بما فيها تسوية رئاسية كارثية هرب فيها من الفراغ إلى ما هو أسوأ؟… أم يعود إلى لملمة ما يمكن لملمته تغطية لمواقف دولية قد لا يثق بها، لكن ليس بمقدوره مناوأتها؟